يسير اليونايتد بخطى ثابتة في بطولات الكؤوس هذا الموسم، بعد ابتعاده تدريجيا عن لقب الدوري في ظل تفوق تشيلسي. ومن حق مورينيو الآن التفكير في تحقيق قفزة معنوية كبيرة في بداية مشواره مع الفريق الأحمر، بعد وصوله إلى نهائي رابطة المحترفين، ووضعيته المميزة بالدوري الأوروبي مع عدم وجود فريق كبير يهدد طريقه حتى الآن.
تحسن ملحوظ
تطور أداء اليونايتد مع مورينيو خلال النصف الثاني من الموسم، ليحافظ الفريق على سجله خالياً من الهزائم لفترة طويلة، بعد نجاح البرتغالي في إيجاد التوازن المنشود مع قيامه ببعض التعديلات المحورية، دون الإخلال بطريقة لعبه التي تعتبر مزيجاً بين 4-3-3 و4-2-3-1، وفق تحركات بوغبا في المنتصف، ليعطي الفريق قوة هجومية مطلوبة، ويجعل لاعبي الهجوم في وضعية أفضل في الثلث الأخير من الملعب.
عانى بوغبا في البدايات من ضعف الأداء الدفاعي، وابتعاده كثيرا عن مرمى الخصوم، بتواجده المستمر داخل منتصف ملعبه، ما جعله يحتاج إلى مجهود إضافي من أجل الخروج بالكرة إلى الأمام، خصوصا أن الفرنسي بارع أكثر في الاختراق والمراوغات، وبالطبع التسديد من بعيد للتسجيل وصناعة الأهداف في آن، لذلك لم تناسبه أبدا فكرة الثنائي المحوري، لأنه وقتها مطالب بالقيام بأكثر من مهمة خلال المباراة نفسها.
وجد جوزيه الحل في الخبير مايكل كاريك، اللاعب الذي يتمركز أمام الدفاع، يقف بشكل صحيح طلبا للكرة، يجعل خيارات التمرير أكبر أمام اللاعب المستحوذ، ويعطي الفرصة لبوغبا للتألق هجوميا. وبسبب كبر عمر اللاعب وكثرة غياباته، اعتمد اليونايتد على الخطة نفسها حتى في ظل عدم تواجده، بوضع الثلاثي هيريرا وفيلايني وبوغبا في منطقة الوسط، حتى يقوم الثنائي الأول بالتغطية وقطع الكرات، ويربط أغلى لاعب في العالم هذا المركز بخط الهجوم مباشرة.
دور الإسباني
يلعب أندير هيريرا دور البطل في خطط مورينيو أخيرا، إنه اللاعب الذي ضحى بمركزه في العمق الهجومي، من أجل العودة إلى مناطقه للتغطية والقيام بالوظائف الشاقة كالعرقلة والقطع والافتكاك، لكي يتحول إلى لاعب ارتكاز دفاعي صريح بجوار كاريك أو مكانه في حالة غيابه، كما حدث أمام سانت إتيان بالدوري الأوروبي ليلة الخميس الماضي.
يستلم هيريرا الكرة من المدافعين، يمرر بطريقة طولية أو يستخدم سرعته في القطع العمودي إلى الأمام، كذلك له أهمية كبيرة في قطع كافة وسائل الاتصال عن لاعبي وسط الخصم، عن طريق الوقوف باستمرار بينهم، ومحاولة الحصول على التمريرة الحاسمة قبل مرورها إلى منتصف ملعب مانشستر. لقد قام بهذه المهام أثناء مباراة توتنهام بالدوري، حينما راقب موسى ديمبلي كظله، ومنعه من التصرف بأريحية، ليفقد فريق بوكيتينو مضخة رئيسية لنقل الهجمات إلى إريكسين ورفاقه.
هيريرا أيضا قاتل في الفراغات دون الكرة، يعرف جيدا أين يتمركز في حالة هجوم الخصم، إنها صفة حصل عليها من فترة تدربه تحت قيادة بييلسا، وطورها مورينيو مع الوقت في إنكلترا، لأنه يقوم بحماية ظهر بوغبا باستمرار في حالة تقدم الفرنسي، ليغلق المساحة في وبين الخطوط، ويراقب اللاعب المنافس الذي ينتظر اللعبة في مكان خطير بالقرب من منطقة الجزاء. نصف قوة هذا اللاعب في توقعه واندفاعه طلبا للكرة.
زلاتان
أثبت إبرا فعليا أن العمر بالنسبة له عبارة عن رقم فقط، يواصل السويدي التألق في منتصف الثلاثينات، ويسجل بالبريميرليغ والدوري الأوروبي. ويستخدمه مورينيو كنصف مهاجم ونصف لاعب وسط، بمعنى أنه رأس حربة بمهارات اللاعب رقم 10، لذلك سجل 15 هدفا وصنع 4 في الدوري، لكن وظيفة إبرا لا تتعلق فقط بتسجيل الأهداف وصناعتها كما تقول الأرقام، لأن الفكرة أكبر وأعقد من ذلك بكثير.
يضع فريق اليونايتد رهاناته على المواهب التي يمتلكها على الأطراف، راشفورد ومخيتاريان وماتا وروني ومارسيال، كل هؤلاء النجوم لهم باع طويل في التحكم بالكرة وصناعة الخطورة من الرواق والعمق، ويحتاجون باستمرار إلى مهاجم محطة داخل وخارج منطقة الجزاء، حتى يخلق لهم الفراغ اللازم لتألقهم، وإبرا أفضل من يقوم بهذا الدور أخيرا.
في الدوري الأوروبي كمثال، لعب مارسيال على اليسار كساعد هجومي يتحرك على الخط، يراوغ ويلعب العرضيات، مع حماية تامة من جانب بليند، بينما ماتا هو صانع اللعب الذي يقطع من الخط إلى منطقة الجزاء، ومن خلفه الظهير فالنسيا المتقدم باستمرار في خانة الجناح الصريح، تحركات كثيرة أساسها ثقل إبرا في المقدمة، لأنه يجذب المدافعين ويزاحمهم، وينطلق في التوقيت المثالي للتسجيل كلما سنحت الفرصة.
ما بعد السلطان
تحدث المحلل الإنكليزي جود دافيز عن إمكانية تطوير خطة مورينيو الحالية، من 4-2-3-1 أو 4-3-3 إلى شيء قريب من 4-3-1-2، بوضع مخيتاريان في العمق كصانع لعب في المركز 10، مع الاعتماد على الثنائي إبراهيموفيتش ومارسيال في المقدمة، وسط حماية تامة من ثلاثي الوسط كاريك، هيريرا، وبوغبا، للحصول على تنوع أكبر في ما يخص انطلاقات ميخي وهيريرا تجاه الأطراف، وفتح المجال أمام بوغبا للتوغل في القلب.
ويعاني جمهور الأولد ترافورد من قلق بالغ بسبب كبر سن إبرا واحتمالية رحيله في أي وقت، لكن هذا الأمر لا يستحق هذا الخوف الكبير، خصوصا في حالة جلب لاعب بقيمة أنطوان غريزمان. نجم أتليتكو لم يرفض الفكرة وفتح الباب أمام إمكانية انتقاله إلى إنكلترا، وفي هذه الحالة سيجد مورينيو أكثر من سلاح فعال في خط الهجوم، مع الحفاظ على رسم قريب من ثلاثي وسط أمامه صانع لعب ثم طرفين على الجوانب.
يستطيع غريزمان القيام بدور الرقم 10 الهداف، بلعبه أسفل المثلث الهجومي برفقة مخيتاريان/ روني ومارسيال/ راشفورد، ثنائي مهاري وسريع بين الطرف والعمق، وفرنسي خبير في القدوم من بعيد دون رقابة، ما يجعل النسبة التهديفية عالية أمام الفرق المتكتلة من أسفل الخلف، ليستحق هذا النجم أن يكون أقوى صفقات الشياطين الحمر خلال الصيف المقبل، سواء في حالة بقاء السويدي أو رحيله.