أجيالٌ كثيرة مرّت على مدينة ليفربول، صنع خلالها بعضهم إنجازات لا يمكن نسيانها، منها كان على صعيد كرة القدم، وتحديداً النادي الذي يحمل اسمها.
حقق ليفربول العديد من الألقاب طوال تاريخه على الصعيد المحلي، لكن القطار الذي لم يقف أبداً في وجهه أحد، توقف من تلقاء نفسه عام 1989. منذ ذلك الوقت، لم يتوج الفريق بلقب الدوري الإنكليزي، ولم يحرز بالتالي أبداً لقب البريميير ليغ التي تأسست عام 1992.
على ليفربول، مرّ لاعبون مميزون، مثل ستيفان جيرارد، عانوا كثيراً لحمل الكأس، ففشلوا في الدوري الإنكليزي الممتاز، غادروا بعدها إلى مكانٍ آخر من أجل مغامرة جديدة، على غرار فيليب كوتينيو ولويس سواريز وفرناندو توريس.
أحوال ليفربول في السنوات الأخيرة باتت أسوأ، ولم ينجح الفريق في التأهل إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا، لكن مع وصول المدرب الألماني يورغن كلوب قادماً من بروسيا دورتموند، باتت الأمور أكثر إثارة.
تسلّم كلوب، والذي اشتهر في دورتموند بخطة إيصال الكرة إلى مرمى الخصم في أقل عدد من اللمسات، فريقاً غير جاهزٍ أبداً للمنافسة، لم يكن يمتلك عناصر قادرة على صناعة الفارق أو خط وسط قادرا على القتال، وكذلك مدافعين بإمكانهم صد هجمات الخصم، وهذا الأمر كانت له تبعات في الموسم الماضي تحديداً حين كان الفريق يحاول الوصول إلى المستوى المطلوب، مع العلم أنه بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم وخسر أمام ريال مدريد.
بعد ثلاثة أعوام من العمل المتواصل في ليفربول، باتت جماهير الفريق تثق في مشروع المدرب الألماني صاحب الغرينتا العجيبة، والذي يتفاعل مع كلّ لقطة بجنون على طريقته الخاصة.
يعلم يورغن كلوب أن الفرصة باتت سانحة لتحقيق حلم جماهير الريدز، وذلك لعدة أسبابٍ مهمة على صعيد المنافسين وكذلك اللاعبين، إذ لا تبدو حالة مانشستر يونايتد جيدة، وسط التخبط الكبير مع المدرب جوزيه مورينيو وكذلك عدم تقديم بعض الأسماء مستوى طيبا، وهو الأمر عينه الذي ينطبق على أرسنال مع مدربه الجديد أوناي إيمري، إذ يحتاج للوقت من أجل إرساء مشروعه هناك.
من جانبٍ آخر، تعتبر فلسفة ماوريسيو ساري صعبة للغاية بالرغم من الفوز في أول جولتين، لكن ثمار نجاحها قد تطول حتى الموسم المقبل، فيما لم يدعم نادي توتنهام هوتسبر تشكيلته بلاعبين جدد قادرين على تقديم الإضافة للمدرب ماوريسيو بوتشيتينو، في ظل إعطاء الأولوية لإنهاء الملعب الجديد، بالتالي ستكون المنافسة مشتعلة بشكلٍ أكبر مع مانشستر سيتي، الذي يعتبر المرشح الأبرز للقب مع جوسيب غوارديولا والأسماء التي يمتلكها.
ننتقل للحديث عن الأسماء التي قام كلوب بجلبها إلى النادي وكيف باتت تعمل ضمن توليفة واحدة متكاملة، وستكون البداية مع الحارس البرازيلي أليسون، الذي جاء من روما مقابل مبلغ مالي ضخم، لكنه وبعد جولتين لم تهتز فيها شباكه وبناءً على مستواه السابق فإنه سيكون أحد أهم أسباب نجاح الريدز في الموسم الحالي ووصوله إلى الألقاب، وتحديداً البريميير ليغ.
في خط الدفاع، انتقد البعض صفقة الهولندي فان ديك القادم الموسم الماضي من نادي ساوثهامبتون في فترة الانتقالات الشتوية، لكن اللاعب أكد أنه قادرٌ على أن يكون الحصن الذي يعتمد عليه كلوب في المباريات الصعبة، فيما أعطى الفرصة للظهير الشاب أرنولد، والذي يقدم مستوى طيبا حتى اللحظة من خلال قوته الهجومية وكذلك الدفاعية، وينقصه فقط بعض الخبرة.
الصفقات التي أبرمها يورغن كلوب مهمة للغاية في وسط الملعب، فإلى جانب تواجد لاعب الخبرة ومنفّذ ركلات الجزاء جيمس ميلنر وكلّ من فينالدوم وهندرسون، بات الريدز يعول على خدمات نابي كيتا الذي أكد أن تمسّك ليفربول بضمه من نادي لايبزغ الألماني كان في محله، إذ ظهر بمستوى رائع هجومياً، وأكد أنه قادرٌ على خلق الفرص والمساحات لزملائه، بلّ إن البعض يرى أنه انسجم سريعاً في التشكيلة كما لو أنه لعب منذ سنوات في أنفيلد رود.
وفي السياق عينه، تترقب جماهير ليفربول الصفقة المهمة الأخرى في الموسم الحالي، أي البرازيلي فابينيو، القادم من موناكو الفرنسي، والذي لم يلعب حتى اللحظة أي مباراة رسمية في الدوري تحت قيادة كلوب، لكنه في الجولات القادمة من دون شك سيكون مفيداً للغاية.
نصل بعدها إلى الخط الأمامي، الذي حافظ على شكله من الموسم الماضي، فلا يمكن لكلوب تغييره أبداً ولن تقبل الجماهير أيضا ذلك.
النجم المصري محمد صلاح يقود هجوم ليفربول بعدما كان هداف الدوري والفريق في الموسم الماضي، وباتت الضغوط على لاعب روما السابق أكبر هذا الموسم، فأي تراجعٍ في المستوى سيؤثر بشكل كبير عليه، خاصة أن الجميع ينتظر منه دوراً قيادياً وحاسماً من أجل تحقيق اللقب.
وصنع صلاح هدفاً في المباراة الأخيرة بالدوري الإنكليزي أمام كريستال بالاس وتسبب في آخر حين سقط في منطقة الجزاء، فيما سجل هدفاً في الجولة الأولى. بالتالي فهو يدخل ضمن دائرة التأثير الإيجابي والمهم على الفريق، حاله حال ساديو ماني الذي استطاع التسجيل في مباراتين متتاليتين ويُظهر حماساً كبيراً من أجل التأكيد على قيمته داخل الفريق وأنه لا يقل شأناً عن النجم المصري صلاح.
ونختم مع النجم البرازيلي روبرتو فيرمينو، الذي يعتبر سلاحاً مهماً لكلوب، إذ بإمكانه التحضير في الناحية الهجومية للجناحين "ماني وصلاح"، ويمتلك قدرة هائلة وذكاءً كبيراً على التمركز داخل منطقة الجزاء وخارجها، مما يصعب الأمور على دفاع الخصم، إضافة إلى أنه قويٌ جداً من الناحية البدنية.