ارتفعت أسعار النفط على وقع اتفاق مشترط بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك، الذي قد يضع حداً أقصى للإنتاج. لكن ارتفاع السعر توقف منتصف الأسبوع الماضي وسط شكوك حول قدرة الاتفاق على تقليص الزيادة الكبيرة في المعروض، ثم عاود الصعود مجدداً.
قد تكون عملية البحث عن قاع سعري للنفط الخام مستمرة. لكن في الوقت الراهن، على الأقل، يبدو أن المتفائلين بصعود أسعار النفط لديهم ما يعزز نظرتهم الإيجابية. بعد أسبوع من تراجع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد من الزمن، تظهر بعض الصعوبات عندما يتعلق الأمر بتقديم هؤلاء المتفائلين دليلاً لتفسيراتهم في أن الأسوأ قد انتهى بالنسبة للنفط الخام.
على مدار الأسابيع الماضية، صرح وزراء النفط في قطر والسعودية ونيجيريا علناً، بأن قرار تجميد إنتاج أوبك، الذي قد يساعد في استقرار الأسعار، أصبح مرجحاً على نحو متزايد. في هذا الصدد، أوضح إيمانويل كاشيكو، وزير الموارد البترولية في نيجيريا ورئيس منظمة أوبك "أنه بمجرد البدء بتجميد الإنتاج، فإنه على يقين بأن الأسعار ستتجه إلى نطاق سعري جديد في حدود 45 إلى 50 دولاراً للبرميل"، هذا رغم تأكيده بأنه قد لا يوجد أساس علمي واضح لهذا الارتفاع المحتمل والذي من الممكن البناء عليه.
وحتى عندما اعتبر وزير النفط الإيراني قرار التجميد بمثابة "مزحة"، فإن التزام بعض البلدان بتجميد الإنتاج سيشكل ارتياحاً، بالفعل بالنسبة للمراهنين على ارتفاع أسعار النفط، نظراً إلى وفرة الإمدادات العالمية. لذلك، فإن البدء بتجميد الإنتاج هو بمثابة بداية عملية إعادة التوازن إلى أسواق الطاقة، وهذا يعني، أيضاً، أن الارتفاع القياسي الحالي لمخزون النفط الخام في أسواق الطاقة العالمية قد يبدأ بالانخفاض في وقت أقصر مما كان متوقعاً في السابق.
لكن ماذا لو كان هناك خفض "منسق" للإنتاج يتم في الخفاء، وهو شكل من أشكال التلاعب في الأسواق قد يكون طرف، مثل أوبك، مصمماً على تبنيه؟ إن مثل هذه الخطوة قد تم نفيها، بالمطلق، من قبل وزير النفط السعودي علي النعيمي، حين أشار إلى أن ذلك لن يحدث "لأن ليس هناك الكثير من الدول القادرة على تقليص إنتاجها حتى لو أعلنت ذلك عبر وسائل الإعلام". بالنسبة للنعيمي، فإنه لا يرى أي سبب في إضاعة الوقت سعياً لخفض إنتاج لن يحدث من الأساس.
إن عدم وجود رسالة متفق عليها عزز الاعتقاد السائد بين الكثير من مراقبي السوق أن منظمة أوبك قد فقدت بريقها السابق، بل ذهب أحد تجار النفط في الولايات المتحدة إلى ما هو أبعد من ذلك، حينما اعتبر أن أوبك "لم يعد لها أي وجود فعلي". وبالإضافة إلى مسألة سوء التنسيق هذه، فإن سلطة ونفوذ أوبك قد تقلصت بشدة من جراء النمو الهائل في إنتاج النفط في الولايات المتحدة. ومع ذلك، هناك من يرى بأن أسعار خام برنت مرشحة للارتفاع إلى 40 دولاراً للبرميل في المدى القريب، بسبب عوامل تتعلق بقرب موسم العطل وزيادة استهلاك البنزين تحديداً.
في الواقع، لا السعودية ولا روسيا تظهران أي حماسة نحو رفع الأسعار إلى ما فوق عتبة 50 دولاراً للبرميل في الوقت الحاضر. فعلى منتجي النفط من الصخر الزيتي في أميركا الشمالية أن يضعوا في اعتبارهم أن كلا الدولتين تسعيان لإجهاض أي ارتفاع لأسعار النفط فوق هذا المستوى من خلال زيادة إنتاجهما أولاً، وبالتالي إغراق أسواق الطاقة بإمدادات إضافية. لذلك، جاء اتفاق "تجميد" الإنتاج ليعزز هذه الفرضية على أساس أن تحديد سقف الإنتاج، بالنسبة للمنتجين الكبار، يعتمد على مستوى إنتاجي أعلى بكثير مما كان عليه العام الماضي.
وبحسبة بسيطة، تُعادل تكلفة برميل النفط المنتج من الصخر الزيتي نحو 64 دولاراً، لذلك، فإنه من المستبعد أن تشهد هذه الصناعة، المكلفة، انطلاقة جوهرية في ظل بقاء خام غرب تكساس الوسيط دون مستوى 50 دولاراً للبرميل. أخيراً، تم تداول الخام حول مستوى الثلاثين دولاراً للبرميل، ما يمنح أوبك المرونة الكافية للتحكم في الأسعار، حتى وإن استدعى الأمر رفعها بواقع 15 دولاراً للبرميل، أو 50 %، من دون المخاطرة بإعادة إحياء صناعة إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة التي تأثرت بشكل كبير من جراء التراجع الحاد لأسعار النفط.
إن سياسة "إغراق" أسواق الطاقة بإمدادات إضافية من النفط المعتمدة، ضمناً، من قبل "أوبك" وروسيا، سعياً منهما لخفض الأسعار، جاءت لتلبي هدفاً أساسياً، غير مُعلن، هو "إحراق" صناعة استخلاص النفط من الصخر الزيتي ذات الإنتاج المكلف، والعمل على إخراجها من السوق.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:ماذا لو طبق اتفاق الدوحة النفطي؟
قد تكون عملية البحث عن قاع سعري للنفط الخام مستمرة. لكن في الوقت الراهن، على الأقل، يبدو أن المتفائلين بصعود أسعار النفط لديهم ما يعزز نظرتهم الإيجابية. بعد أسبوع من تراجع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد من الزمن، تظهر بعض الصعوبات عندما يتعلق الأمر بتقديم هؤلاء المتفائلين دليلاً لتفسيراتهم في أن الأسوأ قد انتهى بالنسبة للنفط الخام.
على مدار الأسابيع الماضية، صرح وزراء النفط في قطر والسعودية ونيجيريا علناً، بأن قرار تجميد إنتاج أوبك، الذي قد يساعد في استقرار الأسعار، أصبح مرجحاً على نحو متزايد. في هذا الصدد، أوضح إيمانويل كاشيكو، وزير الموارد البترولية في نيجيريا ورئيس منظمة أوبك "أنه بمجرد البدء بتجميد الإنتاج، فإنه على يقين بأن الأسعار ستتجه إلى نطاق سعري جديد في حدود 45 إلى 50 دولاراً للبرميل"، هذا رغم تأكيده بأنه قد لا يوجد أساس علمي واضح لهذا الارتفاع المحتمل والذي من الممكن البناء عليه.
وحتى عندما اعتبر وزير النفط الإيراني قرار التجميد بمثابة "مزحة"، فإن التزام بعض البلدان بتجميد الإنتاج سيشكل ارتياحاً، بالفعل بالنسبة للمراهنين على ارتفاع أسعار النفط، نظراً إلى وفرة الإمدادات العالمية. لذلك، فإن البدء بتجميد الإنتاج هو بمثابة بداية عملية إعادة التوازن إلى أسواق الطاقة، وهذا يعني، أيضاً، أن الارتفاع القياسي الحالي لمخزون النفط الخام في أسواق الطاقة العالمية قد يبدأ بالانخفاض في وقت أقصر مما كان متوقعاً في السابق.
لكن ماذا لو كان هناك خفض "منسق" للإنتاج يتم في الخفاء، وهو شكل من أشكال التلاعب في الأسواق قد يكون طرف، مثل أوبك، مصمماً على تبنيه؟ إن مثل هذه الخطوة قد تم نفيها، بالمطلق، من قبل وزير النفط السعودي علي النعيمي، حين أشار إلى أن ذلك لن يحدث "لأن ليس هناك الكثير من الدول القادرة على تقليص إنتاجها حتى لو أعلنت ذلك عبر وسائل الإعلام". بالنسبة للنعيمي، فإنه لا يرى أي سبب في إضاعة الوقت سعياً لخفض إنتاج لن يحدث من الأساس.
إن عدم وجود رسالة متفق عليها عزز الاعتقاد السائد بين الكثير من مراقبي السوق أن منظمة أوبك قد فقدت بريقها السابق، بل ذهب أحد تجار النفط في الولايات المتحدة إلى ما هو أبعد من ذلك، حينما اعتبر أن أوبك "لم يعد لها أي وجود فعلي". وبالإضافة إلى مسألة سوء التنسيق هذه، فإن سلطة ونفوذ أوبك قد تقلصت بشدة من جراء النمو الهائل في إنتاج النفط في الولايات المتحدة. ومع ذلك، هناك من يرى بأن أسعار خام برنت مرشحة للارتفاع إلى 40 دولاراً للبرميل في المدى القريب، بسبب عوامل تتعلق بقرب موسم العطل وزيادة استهلاك البنزين تحديداً.
في الواقع، لا السعودية ولا روسيا تظهران أي حماسة نحو رفع الأسعار إلى ما فوق عتبة 50 دولاراً للبرميل في الوقت الحاضر. فعلى منتجي النفط من الصخر الزيتي في أميركا الشمالية أن يضعوا في اعتبارهم أن كلا الدولتين تسعيان لإجهاض أي ارتفاع لأسعار النفط فوق هذا المستوى من خلال زيادة إنتاجهما أولاً، وبالتالي إغراق أسواق الطاقة بإمدادات إضافية. لذلك، جاء اتفاق "تجميد" الإنتاج ليعزز هذه الفرضية على أساس أن تحديد سقف الإنتاج، بالنسبة للمنتجين الكبار، يعتمد على مستوى إنتاجي أعلى بكثير مما كان عليه العام الماضي.
وبحسبة بسيطة، تُعادل تكلفة برميل النفط المنتج من الصخر الزيتي نحو 64 دولاراً، لذلك، فإنه من المستبعد أن تشهد هذه الصناعة، المكلفة، انطلاقة جوهرية في ظل بقاء خام غرب تكساس الوسيط دون مستوى 50 دولاراً للبرميل. أخيراً، تم تداول الخام حول مستوى الثلاثين دولاراً للبرميل، ما يمنح أوبك المرونة الكافية للتحكم في الأسعار، حتى وإن استدعى الأمر رفعها بواقع 15 دولاراً للبرميل، أو 50 %، من دون المخاطرة بإعادة إحياء صناعة إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة التي تأثرت بشكل كبير من جراء التراجع الحاد لأسعار النفط.
إن سياسة "إغراق" أسواق الطاقة بإمدادات إضافية من النفط المعتمدة، ضمناً، من قبل "أوبك" وروسيا، سعياً منهما لخفض الأسعار، جاءت لتلبي هدفاً أساسياً، غير مُعلن، هو "إحراق" صناعة استخلاص النفط من الصخر الزيتي ذات الإنتاج المكلف، والعمل على إخراجها من السوق.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:ماذا لو طبق اتفاق الدوحة النفطي؟