بعد مرور 4 سنوات من ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، يمكن القول إن محصّلة جهود استرداد الأموال المصرية المنهوبة في الخارج "صفرٌ كبير". خلال السنوات الماضية، تشكلت لجان، انفضّت أخرى، ومع ذلك آلت الأمور في نهاية المطاف إلى مجرد توقيع بروتوكول تعاون بين "لجنة استرداد الأصول المهرّبة"، المُشكلة بقرارٍ من رئيس الوزراء الحالي إبراهيم محلب، والمملكة المتحدة، لتبادل المعلومات السرية بخصوص الأموال المهربة.
غياب إحصائيات دقيقة
أبرز ما تم كشفه اليوم هو حجم الإحباط الذي اعترى ملف الأموال المنهوبة، بسبب غياب إحصائية رسمية دقيقة حول حجم هذه الأموال. تشير الأرقام الواردة من المدعي العام السويسري إلى أنه تم تجميد 730 مليون دولار بحسابات رجال مبارك، عدا عن 134 مليون دولار جمّدتها بريطانيا.
في المقابل، قدّر مدير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، اللواء محسن اليماني، الأموال المهربة بنحو 1.5 مليار دولار، فيما ارتفعت التقديرات فجأة إلى 134 مليار دولار، بحسب وزير الشؤون القانونية الأسبق محمد محسوب، ثم انخفضت إلى 1.3 مليار دولار، وفقاً للجنة الشعبة لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج.
ووسط ذلك كله، خرجت علينا مؤسسة "جلوبال فاينانشيال إنتيجريتي" الأميركية بدراسة تؤكد أن حجم الأموال المهربة بلغ 3.77 مليارات دولار.
تحليل هذه القضية يفرض علينا استقراء أدوار كافة الأطراف الفاعلة في هذا الملف، وتحديداً الدول الأوروبية. وهو ما رصده البرلماني ووزير العدل في حكومة الظل البريطانية، أندي سلوتر، إذ أشار إلى أن هناك تبايناً في أسلوب تعامل المملكة المتحدة مع الأموال الليبية المهربة من قبل نظام القذافي والأموال المصرية.
وأوضح أندي، في جلسة أمام مجلس العموم البريطاني، أنه تم تجميد أموال ليبيا المهربة قبل وقوع نظام القذافي بسبعة أشهر كاملة، في حين لم يتم التحرك في الملف المصري إلا بعد سقوط مبارك بعدة أشهر، ما ترتب عليه تعقّد موقف الحسابات المصرفية، بالرغم من أنه كان واضحاً للعيان نشاط حركة الأموال المهربة قبل أيام من سقوط النظام.
عقبات في وجه استرداد ما نهب
يقول رئيس اللجنة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج، معتز صلاح، لـ"العربي الجديد"، إن استرداد الأموال واجه عقبتين، الأولى هي إخفاء نظام مبارك أمواله في شركات تحتفظ بسرية مساهميها تحت اسم شركات "الأوف شور"، أما العقبة الثانية فهي تغيّر النظام السياسي المصري أكثر من مرة، ما أعطى انطباعاً لدى الدول الفاعلة في ملف الأموال المنهوبة بأن الدولة المصرية غير مستقرة حتى تحسم هذا الملف. ويضيف صلاح: "يتجلى دور اللجنة الشعبية في مساعدة اللجان الرسمية في جمع المعلومات وبث رسالة للعالم الخارجي مفادها أن هناك إرادة شعبية قوية لن تترك حقها في إعادة أموال الدولة"، مشيراً الى أن قرار استرداد الأموال مرهون بصدور أحكام قضائية نهائية في مصر منفردة أو بالتعاون مع القضاء السويسري تدين مبارك وأعوانه.
إلا أن المراقب للوضع الداخلي يُدرك جيداً أن كافة القضايا المتعلقة بالأموال العامة حصل فيها مبارك ورجاله على حزمة براءات متتالية، ما يقلل من آمال استرداد الأموال.
يشير المحلل المالي، هاني حمود، إلى أن تعقيد عمليات التحويل بين الحسابات المصرفية في عدة أنظمة مصرفية دولية يحول دون الوصول إلى بيانات واضحة ومؤكدة بشأن الأموال المهربة للخارج.
ويقول محمود، لـ"العربي الجديد": إن أي جهود مبذولة حالياً لتتبّع الأموال المنهوبة هي إهدار للوقت، وتشتيت للجهود. هذا الاستنتاج تم التوصل إليه بعد مطالعة ردود أفعال المصارف الدولية الأوروبية تجاه مطالب الحكومات المتعاقبة في مصر للكشف عن حسابات رموز نظام مبارك.
ويشير محمود إلى أن مسؤولية كشف مصادر كسب الأموال تقع على عاتق الدولة الراغبة في استرداد أموالها. ولتحقيق ذلك، يتطلب تقديم أدلة تثبت أن هذه الأموال يتم جمعها عبر قنوات غير شرعية، وفي الأغلب تشترط المصارف صدور حكم قضائي يثبت التورط في أنشطة غير مشروعة لتحصيل الأموال، وهو الأمر الذي لم يحدث في مصر، حيث حصل رموز النظام على البراءة في معظم القضايا المالية.
إلى ذلك، يصف تقرير صادر عن مؤسسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تحت عنوان: "هل نسترد أموالنا المنهوبة"، بأنها أموال نظيفة، فهي لم تكن مرتبطة بأنشطة غير مشروعة بالمعنى التقليدي، أي إنها ليست مرتبطة بالاتجار بالمخدرات والسلاح، على سبيل المثال. ويشير التقرير إلى أن النظام الديكتاتوري الذي عاشته مصر سمح بترسيخ إطار قانوني يقنّن الفساد، الأمر الذي ساعد في إخفاء هذه الأموال. وحتى اليوم لا يزال مصير هذه الأموال مجهولاً.
إقرأ أيضا: ملف الملحق: مساكن فارغة للأثرياء.. والتشرد للفقراء
ووسط ذلك كله، خرجت علينا مؤسسة "جلوبال فاينانشيال إنتيجريتي" الأميركية بدراسة تؤكد أن حجم الأموال المهربة بلغ 3.77 مليارات دولار.
تحليل هذه القضية يفرض علينا استقراء أدوار كافة الأطراف الفاعلة في هذا الملف، وتحديداً الدول الأوروبية. وهو ما رصده البرلماني ووزير العدل في حكومة الظل البريطانية، أندي سلوتر، إذ أشار إلى أن هناك تبايناً في أسلوب تعامل المملكة المتحدة مع الأموال الليبية المهربة من قبل نظام القذافي والأموال المصرية.
وأوضح أندي، في جلسة أمام مجلس العموم البريطاني، أنه تم تجميد أموال ليبيا المهربة قبل وقوع نظام القذافي بسبعة أشهر كاملة، في حين لم يتم التحرك في الملف المصري إلا بعد سقوط مبارك بعدة أشهر، ما ترتب عليه تعقّد موقف الحسابات المصرفية، بالرغم من أنه كان واضحاً للعيان نشاط حركة الأموال المهربة قبل أيام من سقوط النظام.
عقبات في وجه استرداد ما نهب
يقول رئيس اللجنة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج، معتز صلاح، لـ"العربي الجديد"، إن استرداد الأموال واجه عقبتين، الأولى هي إخفاء نظام مبارك أمواله في شركات تحتفظ بسرية مساهميها تحت اسم شركات "الأوف شور"، أما العقبة الثانية فهي تغيّر النظام السياسي المصري أكثر من مرة، ما أعطى انطباعاً لدى الدول الفاعلة في ملف الأموال المنهوبة بأن الدولة المصرية غير مستقرة حتى تحسم هذا الملف. ويضيف صلاح: "يتجلى دور اللجنة الشعبية في مساعدة اللجان الرسمية في جمع المعلومات وبث رسالة للعالم الخارجي مفادها أن هناك إرادة شعبية قوية لن تترك حقها في إعادة أموال الدولة"، مشيراً الى أن قرار استرداد الأموال مرهون بصدور أحكام قضائية نهائية في مصر منفردة أو بالتعاون مع القضاء السويسري تدين مبارك وأعوانه.
إلا أن المراقب للوضع الداخلي يُدرك جيداً أن كافة القضايا المتعلقة بالأموال العامة حصل فيها مبارك ورجاله على حزمة براءات متتالية، ما يقلل من آمال استرداد الأموال.
يشير المحلل المالي، هاني حمود، إلى أن تعقيد عمليات التحويل بين الحسابات المصرفية في عدة أنظمة مصرفية دولية يحول دون الوصول إلى بيانات واضحة ومؤكدة بشأن الأموال المهربة للخارج.
ويقول محمود، لـ"العربي الجديد": إن أي جهود مبذولة حالياً لتتبّع الأموال المنهوبة هي إهدار للوقت، وتشتيت للجهود. هذا الاستنتاج تم التوصل إليه بعد مطالعة ردود أفعال المصارف الدولية الأوروبية تجاه مطالب الحكومات المتعاقبة في مصر للكشف عن حسابات رموز نظام مبارك.
ويشير محمود إلى أن مسؤولية كشف مصادر كسب الأموال تقع على عاتق الدولة الراغبة في استرداد أموالها. ولتحقيق ذلك، يتطلب تقديم أدلة تثبت أن هذه الأموال يتم جمعها عبر قنوات غير شرعية، وفي الأغلب تشترط المصارف صدور حكم قضائي يثبت التورط في أنشطة غير مشروعة لتحصيل الأموال، وهو الأمر الذي لم يحدث في مصر، حيث حصل رموز النظام على البراءة في معظم القضايا المالية.
إلى ذلك، يصف تقرير صادر عن مؤسسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تحت عنوان: "هل نسترد أموالنا المنهوبة"، بأنها أموال نظيفة، فهي لم تكن مرتبطة بأنشطة غير مشروعة بالمعنى التقليدي، أي إنها ليست مرتبطة بالاتجار بالمخدرات والسلاح، على سبيل المثال. ويشير التقرير إلى أن النظام الديكتاتوري الذي عاشته مصر سمح بترسيخ إطار قانوني يقنّن الفساد، الأمر الذي ساعد في إخفاء هذه الأموال. وحتى اليوم لا يزال مصير هذه الأموال مجهولاً.
إقرأ أيضا: ملف الملحق: مساكن فارغة للأثرياء.. والتشرد للفقراء