سبقت مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة حالة من التمهيد الإعلامي للجماهير، بهدف إقناعها بضرورة الفض العنيف للاعتصامات، حتى لو أدى ذلك لوقوع خسائر كبيرة في الأرواح.
لذا كان الهدف الأساسي للإعلام المصري منذ الانقلاب وحتى الرابع عشر من أغسطس/ آب 2013، هو القضاء على أي تعاطف مع المعتصمين وتلفيق اتهامات عديدة لهم تجعل من الخلاص منهم أمنية يتمناها ملايين المصريين.
بدأت عملية تشويه الحراك المناهض للانقلاب واعتصام رابعة العدوية منذ الأيام الأولى له، لكنها تصاعدت يوما بعد يوم حتى وصل التحريض الإعلامي ذروته قبل عملية فض الاعتصام مباشرة، ويُمكن حصر أبرز محاولات التشويه فيما يلي:
*في البداية نشرت الصحف أخباراً عديدة عن رغبة المعتصمين في مغادرة ميدان رابعة العدوية، لكن قيادة الاعتصام تمنعهم من الخروج.
*الاتجار بالأطفال: خرجت بعض وسائل الإعلام بأخبار عن قيام المعتصمين بإحضار أطفال الملاجئ ودور الأيتام لمقر الاعتصام، رغم أن الأطفال كانوا ذاهبين مع أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية لشراء ملابس العيد لهم، لكن تم القبض عليهم وتلفيق تهم كاذبة لاستغلالها في تشويه الاعتصام.
*انتشار الأمراض: حاول الإعلام نشر شائعة تفيد بانتشار الأمراض المعدية بين المعتصمين، وذلك لتخويف المتعاطفين والمتضامنين مع المعتصمين من الذهاب إليهم. وتحدث إبراهيم عيسى عن "الجرب" الذي انتشر بين المعتصمين.
*نكاح الجهاد: ظهر "محمد الغيطي" على قناة "التحرير" وهو يدّعي وجود علاقات جنسية بين المعتصمين وعدد من السيدات السوريات تحت مسمى "نكاح الجهاد" غير الموجود أصلا في الدين الإسلامي، لكنها اعتمدت على شائعة أخرى مرتبطة بالثورة السورية.
قصة هذه الشائعة بدأت عندما تناقل البعض علي مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة منسوبة للداعية الإسلامي "محمد العريفي" يتحدث فيها عن "زواج المناكحة" الذي يجب أن تقوم به المرأة المسلمة مع المجاهدين في سورية، ورغم أن هذه التغريدة لم ترد على الإطلاق على حساب العريفي، إلا أن عدة مواقع عربية وإيرانية تناقلت "الفتوى" دون أي تدقيق، وتشبثت بها وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري، وقام بعضها بفبركة قصة عن عودة عدد من السيدات التونسيات إلى وطنهن بعد حملهن من "جهاد النكاح". بل وتحدث فيه وزير الداخلية التونسي رغم عدم تقديمه لأي دليل يثبت صحة تصريحاته.
وفي سبتمبر/ أيلول 2013، برز "جهاد النكاح" من جديد، عندما تم بث فيديوهات لـ"شهادات" ونشر "جداول أعمال" لنساء يقمن بهذا النشاط في سورية، في مختلف وسائل الإعلام السورية واللبنانية بخاصة قناة "الجديد" اللبنانية الموالية للنظام السوري.
وقامت المذيعة "رانيا بدوي" بقناة "التحرير" في ذلك الوقت بالحديث عن هذا الجدول كأنه حقيقة دامغة، رغم أنه مكتوب بخط اليد ولا يوجد أي دليل على صحته، وقامت بالربط بين ما يحدث في سورية وما يقوم به معارضو الانقلاب في اعتصامهم حسب زعمها. (الفيديو حذف من اليوتيوب لكن المذيعة كررت نفس الكلام عام 2014).
*أسلحة كيميائية: في السادس من أغسطس عام 2013، خرجت الصفحة الأولى من جريدة "الأخبار" المصرية، حاملة عنوانا رئيسيا يؤكد أن المعتصمين في ميداني "رابعة" و"النهضة" يمتلكون أسلحة كيميائية، ودخلت جريدة "الوطن" إلى الخط لتؤكد أن جماعة الإخوان قامت بنقل أسلحة كيماوية وصواريخ من سورية فجراً إلى ميادين الاعتصام.
*مجلس حرب في رابعة: نشرت جريدة الشروق في صفحتها الأولى في 6 أغسطس/ آب 2013 خبرا رئيسيا –نقلا عن مصادر مجهولة- بعنوان (رصد أسلحة ثقيلة في اعتصام الإخوان يؤخر فضه"، مع تفاصيل تؤكد أن أسباب تأخر فض الاعتصام ترجع إلى قيام المعتصمين بإعلان "مجلس حرب" على الجيش والشرطة، وأنهم يمتلكون أسلحة ثقيلة وأوتوماتيكية وكلاشنكوف، وأيضا صواريخ. وتلك الأسلحة سوف تستخدم في مواجهة الشرطة وتؤدي إلى مجازر، وهو ما تريده جماعة الإخوان).
وبالتدقيق في الخبر يتبين أن مصدره مقطع فيديو تم تصويره في شبه جزيرة سيناء عن ردود أفعال التنظيمات الجهادية هناك على بيان عزل مرسي في الثالث من يوليو/ تموز 2013، وفيه يصعد أحد المجهولين إلى المنصة ويتحدث عن ضرورة إعلان "مجلس حرب"، إلا أن أحد الأشخاص قام بتحميل الفيديو ونشره مرة أخرى على موقع "يوتيوب" بعنوان آخر وينسبه لمنصة اعتصام رابعة، ويبدو أن المصدر الأمني "المجهول" الذي تحدث للشروق قد استقى معلوماته من فيديو مفبرك.
لكن وزير خارجية الانقلاب استغل هذا الخبر ليخرج بتصريح آخر يؤكد فيه هو الآخر أن الاعتصامين بهما أسلحة ثقيلة، لكنه في هذه المرة نسبه لمنظمة العفو الدولية، وقد نشرت المنظمة بيانا نفت فيه هذه المزاعم، مما اضطر الوزير إلى تقديم اعتذار.
*تعذيب وقتلى أسفل منصة رابعة: تناقل الإعلام حكايات كثيرة عن منصة ميدان رابعة، كان أبرزها قيام قيادات الاعتصام بتعذيب عدد من الأشخاص وقتلهم ودفنهم أسفل المنصة، وأكد أحمد موسى المذيع بقناة التحرير وقتها أن المنصة تحتوي أسفلها على "كرة أرضية" لدفن الجثث.
وقد استمرت هذه الحملة الشعواء عبر عشرات من وسائل التشويه حتى تم فض الاعتصام بمجزرة تعتبر هي الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.
وحتى بعد عملية فض الميدان وسقوط آلاف الضحايا، هاجم بعض الإعلاميين رمز "رابعة"، وأكدوا أنه رمز غير مصري لتجريم أي تعاطف إنساني مع المجزرة.
وإذا بجريدة الأهرام تنشر "تحقيقا صحفيا" في عددها الصادر بتاريخ 6 سبتمبر/ أيلول 2013، تؤكد فيه أن الرمز ماسوني، وأن عبدة الشيطان يستخدمون الرمز في طقوسهم، وأن أعضاء الكنيست الإسرائيلي قاموا برفع أيديهم برمز رابعة.
وزعمت جريدة "الأخبار" أن إسرائيل قامت بإطلاق اسم "رابعة العدوية" على أحد الشوارع بمدينة القدس تضامنا مع الإخوان. (الصفحة الأولى من جريدة "الأخبار" بتاريخ 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) رغم أن الشارع موجود بنفس الاسم منذ الثمانينيات.
يعرف المصريون إشارة "رابعة" منذ سنوات طويلة، ويشير بها المواطنون الذاهبون إلى ميدان "رابعة العدوية" لعربات النقل والمواصلات التي تذهب إليه هناك، ومن هنا جاء تصميم الأربعة أصابع، الذي رفعه الشهيد "أحمد صلاح مدني" بعد إصابته في مجزرة المنصة للمرة الأولى، وينتشر بعد مجزرة الفض.
فيما أكدت المصممة التركية "صالحة إيرين" والمهندس التركي "جهاد دوليس" اللذان صمما الشعار أن اللون الأسود يرمز إلى الكعبة، والأصفر يرمز إلى مسجد قبة الصخرة، وأن اللون الأصفر مستوحى من صورة رأتها "صالحة" منذ سنوات، كانت الشمس ساطعة على مسجد قبة الصخرة، وهو ما ينسف ادعاءات وسائل الإعلام المصري التي كانت شريكة في المجزرة.
(مصر)
لذا كان الهدف الأساسي للإعلام المصري منذ الانقلاب وحتى الرابع عشر من أغسطس/ آب 2013، هو القضاء على أي تعاطف مع المعتصمين وتلفيق اتهامات عديدة لهم تجعل من الخلاص منهم أمنية يتمناها ملايين المصريين.
بدأت عملية تشويه الحراك المناهض للانقلاب واعتصام رابعة العدوية منذ الأيام الأولى له، لكنها تصاعدت يوما بعد يوم حتى وصل التحريض الإعلامي ذروته قبل عملية فض الاعتصام مباشرة، ويُمكن حصر أبرز محاولات التشويه فيما يلي:
*في البداية نشرت الصحف أخباراً عديدة عن رغبة المعتصمين في مغادرة ميدان رابعة العدوية، لكن قيادة الاعتصام تمنعهم من الخروج.
*الاتجار بالأطفال: خرجت بعض وسائل الإعلام بأخبار عن قيام المعتصمين بإحضار أطفال الملاجئ ودور الأيتام لمقر الاعتصام، رغم أن الأطفال كانوا ذاهبين مع أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية لشراء ملابس العيد لهم، لكن تم القبض عليهم وتلفيق تهم كاذبة لاستغلالها في تشويه الاعتصام.
*انتشار الأمراض: حاول الإعلام نشر شائعة تفيد بانتشار الأمراض المعدية بين المعتصمين، وذلك لتخويف المتعاطفين والمتضامنين مع المعتصمين من الذهاب إليهم. وتحدث إبراهيم عيسى عن "الجرب" الذي انتشر بين المعتصمين.
*نكاح الجهاد: ظهر "محمد الغيطي" على قناة "التحرير" وهو يدّعي وجود علاقات جنسية بين المعتصمين وعدد من السيدات السوريات تحت مسمى "نكاح الجهاد" غير الموجود أصلا في الدين الإسلامي، لكنها اعتمدت على شائعة أخرى مرتبطة بالثورة السورية.
قصة هذه الشائعة بدأت عندما تناقل البعض علي مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة منسوبة للداعية الإسلامي "محمد العريفي" يتحدث فيها عن "زواج المناكحة" الذي يجب أن تقوم به المرأة المسلمة مع المجاهدين في سورية، ورغم أن هذه التغريدة لم ترد على الإطلاق على حساب العريفي، إلا أن عدة مواقع عربية وإيرانية تناقلت "الفتوى" دون أي تدقيق، وتشبثت بها وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري، وقام بعضها بفبركة قصة عن عودة عدد من السيدات التونسيات إلى وطنهن بعد حملهن من "جهاد النكاح". بل وتحدث فيه وزير الداخلية التونسي رغم عدم تقديمه لأي دليل يثبت صحة تصريحاته.
وفي سبتمبر/ أيلول 2013، برز "جهاد النكاح" من جديد، عندما تم بث فيديوهات لـ"شهادات" ونشر "جداول أعمال" لنساء يقمن بهذا النشاط في سورية، في مختلف وسائل الإعلام السورية واللبنانية بخاصة قناة "الجديد" اللبنانية الموالية للنظام السوري.
وقامت المذيعة "رانيا بدوي" بقناة "التحرير" في ذلك الوقت بالحديث عن هذا الجدول كأنه حقيقة دامغة، رغم أنه مكتوب بخط اليد ولا يوجد أي دليل على صحته، وقامت بالربط بين ما يحدث في سورية وما يقوم به معارضو الانقلاب في اعتصامهم حسب زعمها. (الفيديو حذف من اليوتيوب لكن المذيعة كررت نفس الكلام عام 2014).
*أسلحة كيميائية: في السادس من أغسطس عام 2013، خرجت الصفحة الأولى من جريدة "الأخبار" المصرية، حاملة عنوانا رئيسيا يؤكد أن المعتصمين في ميداني "رابعة" و"النهضة" يمتلكون أسلحة كيميائية، ودخلت جريدة "الوطن" إلى الخط لتؤكد أن جماعة الإخوان قامت بنقل أسلحة كيماوية وصواريخ من سورية فجراً إلى ميادين الاعتصام.
*مجلس حرب في رابعة: نشرت جريدة الشروق في صفحتها الأولى في 6 أغسطس/ آب 2013 خبرا رئيسيا –نقلا عن مصادر مجهولة- بعنوان (رصد أسلحة ثقيلة في اعتصام الإخوان يؤخر فضه"، مع تفاصيل تؤكد أن أسباب تأخر فض الاعتصام ترجع إلى قيام المعتصمين بإعلان "مجلس حرب" على الجيش والشرطة، وأنهم يمتلكون أسلحة ثقيلة وأوتوماتيكية وكلاشنكوف، وأيضا صواريخ. وتلك الأسلحة سوف تستخدم في مواجهة الشرطة وتؤدي إلى مجازر، وهو ما تريده جماعة الإخوان).
وبالتدقيق في الخبر يتبين أن مصدره مقطع فيديو تم تصويره في شبه جزيرة سيناء عن ردود أفعال التنظيمات الجهادية هناك على بيان عزل مرسي في الثالث من يوليو/ تموز 2013، وفيه يصعد أحد المجهولين إلى المنصة ويتحدث عن ضرورة إعلان "مجلس حرب"، إلا أن أحد الأشخاص قام بتحميل الفيديو ونشره مرة أخرى على موقع "يوتيوب" بعنوان آخر وينسبه لمنصة اعتصام رابعة، ويبدو أن المصدر الأمني "المجهول" الذي تحدث للشروق قد استقى معلوماته من فيديو مفبرك.
لكن وزير خارجية الانقلاب استغل هذا الخبر ليخرج بتصريح آخر يؤكد فيه هو الآخر أن الاعتصامين بهما أسلحة ثقيلة، لكنه في هذه المرة نسبه لمنظمة العفو الدولية، وقد نشرت المنظمة بيانا نفت فيه هذه المزاعم، مما اضطر الوزير إلى تقديم اعتذار.
*تعذيب وقتلى أسفل منصة رابعة: تناقل الإعلام حكايات كثيرة عن منصة ميدان رابعة، كان أبرزها قيام قيادات الاعتصام بتعذيب عدد من الأشخاص وقتلهم ودفنهم أسفل المنصة، وأكد أحمد موسى المذيع بقناة التحرير وقتها أن المنصة تحتوي أسفلها على "كرة أرضية" لدفن الجثث.
وقد استمرت هذه الحملة الشعواء عبر عشرات من وسائل التشويه حتى تم فض الاعتصام بمجزرة تعتبر هي الأسوأ في تاريخ مصر الحديث.
وحتى بعد عملية فض الميدان وسقوط آلاف الضحايا، هاجم بعض الإعلاميين رمز "رابعة"، وأكدوا أنه رمز غير مصري لتجريم أي تعاطف إنساني مع المجزرة.
وإذا بجريدة الأهرام تنشر "تحقيقا صحفيا" في عددها الصادر بتاريخ 6 سبتمبر/ أيلول 2013، تؤكد فيه أن الرمز ماسوني، وأن عبدة الشيطان يستخدمون الرمز في طقوسهم، وأن أعضاء الكنيست الإسرائيلي قاموا برفع أيديهم برمز رابعة.
وزعمت جريدة "الأخبار" أن إسرائيل قامت بإطلاق اسم "رابعة العدوية" على أحد الشوارع بمدينة القدس تضامنا مع الإخوان. (الصفحة الأولى من جريدة "الأخبار" بتاريخ 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) رغم أن الشارع موجود بنفس الاسم منذ الثمانينيات.
يعرف المصريون إشارة "رابعة" منذ سنوات طويلة، ويشير بها المواطنون الذاهبون إلى ميدان "رابعة العدوية" لعربات النقل والمواصلات التي تذهب إليه هناك، ومن هنا جاء تصميم الأربعة أصابع، الذي رفعه الشهيد "أحمد صلاح مدني" بعد إصابته في مجزرة المنصة للمرة الأولى، وينتشر بعد مجزرة الفض.
فيما أكدت المصممة التركية "صالحة إيرين" والمهندس التركي "جهاد دوليس" اللذان صمما الشعار أن اللون الأسود يرمز إلى الكعبة، والأصفر يرمز إلى مسجد قبة الصخرة، وأن اللون الأصفر مستوحى من صورة رأتها "صالحة" منذ سنوات، كانت الشمس ساطعة على مسجد قبة الصخرة، وهو ما ينسف ادعاءات وسائل الإعلام المصري التي كانت شريكة في المجزرة.
(مصر)