يتجلى دور المثقف في أن يتبع إنسانيته ويعلن انضمامه للضحية، وانتماءه لعدالة الدفاع عنها. وبما أنَّ المثقف يمتلك وسائل خاصة، فهو اليوم قادرٌ أكثر من غيره على إعلان هذا الرفض، وعلى تعرية السردية المعادية، وعلى المحاجة الدائمة بحق المظلوم.
وحدهم الفلسطينيون والسوريون والعراقيون واللبنانيون واليمنيون الخارجون عن هذا الكوكب، والذين ارتكبوا أحلاما عالية بالحرية، فعاقبهم العالم، كل العالم، على جرمهم الذي لا يُحتمل، لهذا وحدهم من يعرفون أنه لا رأس للسنة المقبلة، وأن لها ألف ذيل وذيل.
لم يتوان النظام السوري عن لوم ضحاياه السوريين على الموت والبؤس الذي أوصلهم إليه إجرامه وعنفه المفرطان. ولعل ما يحصل اليوم في منطقة درعا جنوب سورية، والتي كانت مهد الثورة في مارس2011، أوضح دليل على انتهاج النظام السوري هذه الاستراتيجية.
يتباهى النظام الديكتاتوري السوري ويتبجح كأنه هو من أشعل الانتفاضة الثالثة في فلسطين، أو كأن صواريخ إسرائيل لم تنتهك أكثر من مائة مرة عمق الأراضي السورية خلال السنوات السبع الأخيرة، محقّقة إصابات بالغة لأهدافها الدقيقة من دون أي رد من هذا النظام.
بعد عشر سنوات من أول مظاهرة سورية قالت "الموت ولا المذلة"، وقالت "الشعب السوري مو جوعان، الشعب السوري بدو كرامة"، اليوم وحده الجوع هو الطعام الرخيص الثمن، والمتوفر للجميع في سورية الأسد، هو سيد موائد رمضان من دون منازع.
عرّت الثورة السورية هشاشة دريد لحام الفكرية والإنسانية والأخلاقية، وكشفت تصريحاته المعيبة بحق رفاق دربه حقيقته. فما بينه وبين الشاعر محمد الماغوط مسافة شاسعة. لن يبقى منه سوى غوار الطوشة، وسيبقى الماغوط سيد التفرد والتمرّد والشجاعة والشعر الصادم.
إنّ الغضب الشعبي في محافظة السويداء المليئة بالاحتقان سيبقى مشتعلا، كجمر تحت الرماد، فشباب السويداء الذين خرجوا في الصيف الماضي، وأحيوا الثورة السورية السلمية، لن يهدأوا. وعاجلا أم آجلا، سيسقط هذا النظام الذي أهان السوريين في كل مكان.
"لا تضعفوا، أنتم على حق، الكرامة غالية وأنتم خرجتم للمطالبة بالحرية". كانت هذه آخر كلمات الكاتب والروائي اسماعيل الشمالي الذي قضى في سجون الأسد الأب والابن 26 عاما في زنازين القهر السورية، ليكشف هذا الأمر بنية النظام السوري وطبيعته وتوحشه.
العراقية التي قتلت طفليها البريئين، قتلت أيضا روحها، لأن فعل الانتقام يدمّر نفسه بنفسه أولا. وثانيا، لأن الأم بعد أن تفقد أطفالها، ومهما كان السبب، تتحول إلى شبح يسير على الأرض، إلى كائن بلا ملامح ولا روح، فكيف حين تقتل هي، ومهما كان السبب، أطفالها
استمرارا في سياسة التجويع والتركيع، تنتهج الأجهزة الأمنية في محافظة السويداء في سورية حرق محاصيل المحافظة وأشجارها، في الموسم الوحيد الذي ينتظره السكان لأجل سد رمق أسرهم بعدما هوى سعر الليرة السورية، وأصبح المواطن عاجزا حتى عن شراء الخبز لأطفاله.
