نقلَ إليّ خالي شغفه بالنّاي، وبالقطاراتِ القديمة، منذ أن أحضرَ لي قطاراً بخارياً صغيراً في عيد ميلادي السادس. ركّبَ معي السكة الدائرية على الأرض، ثم وضعني في وسطِها، وجعل القطارُ يدورُ حولي، يطلقُ صافرته، ورنين جرسه يخالطُ دمدمةَ عجلاته.
والدي روائيّ مغمور استقرّ في إنجلترا منذ زمنٍ لا أذكره. ملامحه أحجية ناقصة، أحافيرها مشوّشة في ذهني، ترسّبتْ من صُورٍ فوتوغرافية،اختلسها فواز ذات عشية من صندوقٍ مغبرّ تحت سرير أمي، كوّمها في حوش البيت، ثمّ ألقى عليها بعود ثقابٍ يشتعل.