تداهمني منذ ذلك اليوم أفكارٌ صغيرة متناثرة حيناً كحبّات سكّر، وحيناً آخر تأتي مجتمعة بحجم شجرة جوز معمّرة، كيف سيكون الحال لو أن للرسائل الورقية إدراكٌ أو ذاكرةٌ من نوع ما، كيف لورقة رقيقة أن تتحمّل كمّ الاعترافات المخزّن فيها.
خرجتُ من تلك الغرفة الصغيرة في سورية، وها أنا أقف أمام نافذة عريضة جداً، أعدُّ حافلات النقل الداخلي الفارغة من الركاب. أغراني ضوء قديم وطريق خاوية وأوراقٌ صفراء تصفق على الأرض معلنةً الخريف، تدحرجها ريحٌ خفيفة تتسرّب إلى نقي العظام.