في تلك الليلة، كان الجميع يغطّي وجهه ولا يتكلم... عدا رجل واحد قال كلمتين فقط "قيّد العاهرة!". لن أنسى ذلك الصوت. وعندما تحدّث ذلك الشخص، في الجنازة، عن شجاعة وشرف ابنك، استوعبتُ الأمر، وفهمت لماذا طلب ابنُك منّي أن أتزوّجه.
عزيزي مارتن. هذه اللحظة ممتلئة ألماً لنا جميعاً. من الصعب أن نجد الكلمات التي بإمكانها التعبير عمّا يشعر به أصدقاؤك في الحرب... نحن نعرف أن تضحيتك لم تذهب عبثاً. ربّما هذه الأرض المقدّسة التي أحببتها كثيراً تكون مريحة لك.
في النهاية، ما مشكلتك يا رجل؟ نحن نخجل من أمّتنا، وأنا أريد فقط أن أقلّل من حجم ذلك الخجل. في النهاية، ما أفعله هو من أجل أصدقائنا الذين قتلهم زوجها، والذين لا يشعرون بالفخر لما فعلناه، باسمهم، بحق امرأة بريئة.
أخذاً بالاعتبار كم سأعيش، سيبدو ما سأفعله غير أخلاقي بحق الله. سينظر إلى الأمر على أنه مجرّد خدعة لأنني خائف من الموت. أو أستطيع أن أساعد هذه المرأة بطريقة ما. لكن مع العلم كم سأعيش، هناك فرصة قليلة لفعل ذلك.
هذه صور الأشعّة خاصتي. لا تعتقدي أني ألّفت ذلك. أنا مريض حقّاً، رغم أن أمي ذهبت للحج كي تسأل الله أن يشفيني، إلا أني لا أملك الكثير من الوقت. إذا كنت ما زلت لا تصدّقينني، تستطيعين أن تسألي الدكتور نيكوليتش.
نُقل من السجن إلى مستشفى المجانين. لو أن الأم لم تتصرّف مثلما فعلت، كان ذلك الشاب سيعيش حياة شبه طبيعية، وكانت إحدى زميلاتنا ستزوره، مثلاً، كل شهر، وكل شيء كان سيكون بخير. لذلك قلت إنّ الأمهات ربما يكن أكثر خطورة.
ليلاً. غرفة الجلوس معتمة. بعد دقائق قليلة من الصمت، نسمع صوت دوران المفتاح في الباب. شخص ما يضغط على زرّ الإضاءة في الممر. صوت رجل خارج الخشبة: تفضلّي.. لا تخجلي. تتقدّم امرأة تبدو جذّابة، تبلغ من العمر حوالي خمسين سنة.