كانت أمي امرأة موغلة في التفاصيل. حين كانت تزور أحداً، تعود لتصف لنا كروائية تهتم بمعالم الأشياء بقوة: نوع أغطية الكنبة، لون مخدات الصالون، لون السجادة، مفرش الطاولة، المزهرية، اللوحات.
في بداية نشأتي الأدبية، كنت أشعر بالغيرة من رجال المشهد الثقافي في مدينة حلب، المدينة التي وُلدت فيها، وبدأت منها مشروعي الكتابي.كان الرجال يجتمعون في المقهى، وكانت ظاهرة المقهى في تلك المدينة، في ذلك الوقت على الأقل، حكراً على الرجال.
لم أتمكن من مشاهدة الفيديو الذي انتشر أخيراً حول قيام عناصر من الأمن السوري بتعذيب صبي حتى الموت، لأنهم عثروا على تسجيل لأغنية القاشوش في هاتفه، لكنني سمعت وقرأت الكثير من التعليقات والتحليلات حوله.
"صباح الخير أيها الحزن"، رواية فرانسواز ساغان الأولى، التي أصدرتها سنة 1954 وهي بالكاد مراهقة لم تتجاوز الثامنة عشر عاماً، وكتبتها تحت وطأة مآسي الخروج من تبعات الحرب، والرغبة في الانفلات الروحي والعاطفي.
المعرفة تضع البشر جميعاً في صفّ واحد، لا قيمة لأحد على الآخر، ولا تراتبية، الكلّ متساوٍ أمام المعرفة، ينهل منها، ويكبر. كلّما نهل أكثر، كبُر. علاقة طردية غير قابلة للجدل. تتعلّم أكثر، تكسب فرص النجاة.
كان العلم التركي يرفرف قبالتنا، ورحت أغرق بيني وبين نفسي، حول مفهوم العلم، والصخب الذي أحدثه الانقسام بين السوريين حول الأعلام: علم الثورة الأخضر ـ علم النظام ـ أعلام الخلافة الإسلامية السوداء ـ العلم الكردي تتوسطه الشمس..
هكذا تنوس المعرفة، بين مغول ودواعش وزوجات أب شريرات، على ذمّة الحكاية الشعبية التي أسرت زوجة الأب، والتي سنمرّر صورتها النمطية طواعيةً هنا، فقط للإبقاء على الفكرة الأصلية، أي الشرّ المعرفي، الشرّ المدمّر للمعرفة.