الشاعر الذي ولد في المنفى، بمشغول بالمكان الأول الذي يأخذ شكلين متناقضين: بدويّ وحضريّ، بريّ ومدينيّ، ولهذا يظهر في الجانب الأول اتجاهٌ ينزع نحو الإنشاد الملحمي، فيما تذهب في جانبها الآخر إلى الحياة الهامشية في المدينة، لكنّ الجانبين يتواشجان.
على أرض المخيمات، صار الزمن الفلسطيني واحداً، وصارت الذاكرة واقعاً يومياً. جاء ذلك بعد زمن طويل استطاع فيه أبناؤها أن يحولوها إلى أمكنة للانتماء، وأن يعيشوا فيها وكأنها قطعٌ مجتزأة، سيعاد لَحْمُها إلى جسد أمّها يومًا ما.
منذ سكن عمر الخيّام المخيّلة الشرقية، لم يعدْ يحضر من باب الاستعادة والاستذكار، بل بوصفه عودةً متجدّدة إلى الذات. ولعلّ ظهور كتاب عربي جديد حول الرباعيات يذكّرنا بالصلات الأخرى، بيننا وبين بلاد فارس، غير تلك التي قطّعتها السياسة.
عشر سنوات مرّت على رحيل الشاعر السوري ممدوح عدوان، ولا تزال تجربته تعيدنا إلى عصر كان فيه الكاتب ورشة كدح وإنتاج وأمل، وفرداً تتنازعه أحلام فردية وجماعية معاً. تجربة ثرية ونادرة عربياً من حيث غزارتها وتعدد حقولها.
في كتابه الذي صدرت الطبعة الثانية من ترجمته العربية حديثاً، يخوض الباحث البريطاني بندكت أندرسن في القومية ومراحلها التاريخية في الأميركيتين وأوروبا. الكتاب الذي ترجمه ثائر ديب، خصّه المفكّر عزمي بشارة بمقدمة وضع فيها مفاهيم وأطروحات أندرسن في سياق عربي.
أوّل ما فعلته المدرسة أنها طوّبت الاختصاص، وأنهت عصر المثقّف العارف. لم يعد ممكناً بعدها أن يأتي ذلك الشخص الذي يوائم العلوم الإنسانية والتطبيقية، بحيث تبدو مترابطة مشيميّاً، فلا فرق بين الكيمياء وعروض الشعر، أو الفلسفة وعلم الفلك.
بعد توقّفها عن الكتابة في 2007، وجدت الروائية السورية نفسها تشرع في عمل تجريبي عن شخصية بلا اسم ولا ذاكرة، وتكتب سيناريو فيلم عن حمص، تتناول فيه علاقة جدّة هاذية وحفيدتها. هنا حوار معها عن الكتابة، بعد تعثّر حلمها السينمائي.
بينما خصّصت مجلة "بانيبال"، التي تُعنى بترجمة الأدب العربي إلى الإنجليزية، عددها الجديد (51)، للاحتفاء بالشاعر العراقي سعدي يوسف بمناسبة بلوغه الثمانين؛ كان كاتب عراقي قد أعلن نيّته إحراق كتبه يوم الجمعة الماضي في بغداد.
حين شعر المغني السوري ذياب مشهور أنه هزم كفنان، انزوى، وغاب قبل الحرب، دون أن يدري أنّ مصيره سيتلاقى مع مصير مدينته دير الزور، بعد عقدين. مشروعٌ استقى كلماته وألحانه من بيئة الفرات، لتبقى حكاية البلاد مخبّأةً في أغانيه.
في إطلالته الأولى، المتأخّرة بطبيعة الحال على القارئ العربي، عبر ديوانه "خسوف الإسماعيلية"، فاجأتنا قصيدة خالد مطاوع المشغولة بالسّرد والتاريخ. وضع الشاعر قارئه في مواجهة نص شعري تراوده روح روائية، لكنه ارتضى الشعر مصيراً حافلاً بالأمكنة والإشارات.