فاطمة الصمادي

تسود حالة من عدم الرضا في أوساط النساء الإيرانيات، حتى من داخل التيار الأصولي، وهذه الحالة مؤهلة بشدةٍ لمواكبة حالة احتجاج سياسي، يطالب بالتغيير، وقد يكون مجاله الشارع والجامعات.

تمر المنطقة العربية بمخاضات عسيرة ودموية، لكن الخروج من مشكلاتها لن يكون عبر بوابة "النموذج الإيراني" أو "النموذج التركي". مرة أخرى: تمتلك الحركة الإسلامية العربية، لا سواها، مفاتيح الحل.

قد تشعر السعودية أنها تحقق أهدافها، وهي تنجح في إقصاء الإسلاميين في أكثر من ساحة، لكنها في الحقيقة تخلي الساحة لحلفاء إيران، ومستقبلاً لإيران نفسها.

يأتي السؤال، اليوم، ما إذا كانت السياسة الإيرانية في سعيها نحو القوة، ومزيد من القوة، تتحرك من فراغ؟ والجواب هو النفي، فالمسار السياسي الإيراني، اليوم، يأتي مدعوما بمعطيات داخلية وخارجية كثيرة تدعم وترسخ سعي الجارة الطموحة.

يأتي كتاب هيلاري كلينتون، "خيارات صعبة"، بمثابة ملجأ للعجزة فكرياً من الصحافيين، لإرجاع أوهامهم إليه دون قراءته. و"برتوكولات هيلاري"، اليوم، تفسر كل شيء! نشأة داعش والخلافة، قيام الثورات العربية، علاقة الإخوان بواشنطن، والأهم أنها تؤكد رواية "السيسي الدكر" وتهديده أوباما.

غزة، شأن داخلي إيراني، ليس في ذلك مبالغة. عقب رسالة قاسم سليماني الحماسية، امتلأت المواقع الإيرانية المهمة بتعليقات تعبر بوضوح عن عمق الاستقطاب بشأن الدعم الإيراني لغزة، وهو استقطاب انتقل من الأروقة السياسية إلى المجتمع الإيراني، وربما يكون العكس الأصح.

في المشهد اليوم: تتكاتف ثلاث منظومات لغاية واحدة وهدف واحد، هو وأد مسار التحرر العربي وثورة الإنسان العربي، طلباً للكرامة. لأن نجاح هذه الثورات سيعيد، بالتأكيد، رسم وجه الشرق العربي بصورةٍ، تقض مضاجع أصحاب المصالح والأدوار الوظيفية.

البيئة الداعمة لـ"داعش" التي أعلنت الخلافة ونصبت خليفة، في مشهد يشبه ما يمكن مشاهدته في المسلسلات التاريخية الإيرانية، لم تكن لتتوفر، لولا السياسة الإيرانية، والطريقة التي أدار فيها قاسم سليماني الأمور في العراق وسورية.

مستميتاً، يحاول الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن يرسم لبلاده صورة "النموذج الحضاري المستنير"، لكنه يعرف في قرارة نفسه أن "الداعشية" منظومة قيمية، قبل أن تكون عصابات من المقاتلين، وهي منظومة تقوم على إقصاء الآخر، وتحتكر الحقيقة والحق. 


من عجائب الحالة العربية، اليوم، أن ينبري كثيرون في تيار القومية العربية للدفاع عن المواقف الإيرانية، على الرغم من نبرتها القومية التي لم تعد خافية، وخرجت من تحت رماد شعارات الأخوة والوحدة الإسلامية.