في الغربة، إن كنت وحيداً، طعم الأيام والأعياد يختلف. العيد هو العائلة، هو القهوة مع جدتي، هو المشاكل السياسية على طاولة الغداء، هو ابتسامة أمي وتعليقات أخواتي... العيد في الغربة طعمه مرّ.
لم يعد خبر من نوع "إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو إسرائيل"، خبرا جديدا علينا، وإن لم نعتد عليه بعد... يأتي ليربك غربتنا، ويثير فينا القلق على وطن لم يترك لنا الكثير من الخيارات، إمّا البقاء والرثاء، وإمّا الهجرة والشقاء.
كيف نلوم من انتحر ونحن جالسون لا نحرّك ساكناً؟ لماذا لا نلوم من أوصل البلد والشعب والمواطنين في لبنان إلى القيام بأفعال كهذه؟ هل تعتقدون أنه من السهل إنهاء حياتنا هكذا؟ أتعلمون كم تعاني الناس جسدياً ونفسياً لمجرّد أن توفّر الأكل والشرب للأبناء؟
لم يعد يعرف اللبناني بأيّ طريقة يموت، برصاص متفجّر من غضب الناس وحالتهم النفسية والمادية الصعبة، أم عن طريق حوادث السيارات، أو عن طريق مرض السرطان… وفوق هذا تصل الزلازل لتقضي على ما تبقى من حياة.
"لا يؤلم الجرح إلا من به ألم"، لكن نحن نزرع جروحاً أينما ذهبنا، نحصد روحاً متعبة هشة لا تنتمي لأي مكان ولأي زمان، نصبح أجساداً تائهة بين كرتين أرضيتين، بين عالمين، عالم الموت وعالم الحياة المكوية بآلام الزلازل والأنقاض والموت المبعثر حولنا في كل مكان