يبدو أن الطرح الأولي لشركة النفط العملاقة "أرامكو" وشبح جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي العام الماضي، يهيمنان على أجواء التحضير لمؤتمر "دافوس" الصحراء المزمع عقده الأسبوع المقبل.
وسيكون الرؤساء التنفيذيون لسيتي غروب وكريدي سويس، ورؤساء مديري الصناديق بلاك روك وبلاك ستون ضمن الحضور بمؤتمر استثماري باذخ في الرياض الأسبوع القادم، في مناسبة غاب عنها كبار رجال المال والأعمال في العام الماضي بعد اغتيال خاشقجي.
وقال مصدران مطلعان إن ماسايوشي سون، مؤسس سوفت بنك ورئيسها التنفيذي، سيحضر أيضاً المؤتمر الذي يقام في 29-31 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تسعى الشركة اليابانية لجمع التمويل لصندوق تكنولوجيا ثانٍ. وكان صندوق الثروة السيادي السعودي ساهم بأربعين مليار دولار في صندوق التكنولوجيا الأول لسوفت بنك.
لكن صخب مبادرة مستقبل الاستثمار تلاشى منذ إطلاق المؤتمر في 2017، عندما كان يجري الترويج له باعتباره "دافوس الصحراء"، استلهاماً من المؤتمر السنوي للزعماء السياسيين وقادة الأعمال الذي تستضيفه جبال الألب السويسرية.
والآن، تغير المزاج العام في ظل تداعيات اغتيال خاشقجي والتعطيلات المتكررة لعملية الإدراج الذي طال انتظاره في سوق الأسهم لشركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية.
وقال مصرفي يعمل في بنك عالمي "لا يُنظر إليها كمناسبة لا يمكن التغيب عنها مثل دافوس".
واجهت المملكة صعوبات لاستقطاب الاستثمار الأجنبي من أجل تمويل مشاريع خارج قطاع النفط، بما في ذلك الصناعات التحويلية، بهدف خلق ملايين الوظائف للسعوديين، حيث يبدي المستثمرون تردداً إزاء الجدوى التجارية للمشاريع وسجل الرياض في حقوق الإنسان.
وستعزز حصيلة الطرح العام الأولي لأرامكو قدرة صندوق الثروة السعودي على دعم مشاريع محلية عملاقة مثل مدينة نيوم المستقبلية، التي أُعلن عنها خلال مؤتمر 2017 ويُقدر حجم استثماراتها بخمسمئة مليار دولار.
واستطاعت السعودية توقيع صفقات بمليارات الدولارات خلال مؤتمر العام الماضي، لكن معظمها كان من نصيب أرامكو. (الدولار= 3.7507 ريال سعودي).
وقال روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، "توقيع الاتفاقات التجارية عظيم للعلاقات العامة، لكن ما تحتاجه السعودية حقاً هو انتقال العديد من مبادراتها للتنمية الوطنية من حيز الفكرة إلى حيز التنفيذ بالتعاون مع شركاء أجانب من القطاع الخاص".
طرح "أرامكو"
يظل طرح أرامكو، الذي يستهدف الأمير محمد من ورائه تقييماً بتريليوني دولار، أكبر عامل جذب للمستثمرين في السعودية.
وكان من المقرر أن تعلن الشركة خططاً في 20 أكتوبر/تشرين الأول لإدراج أولي لما بين 1% و2% في سوق الأسهم السعودية، في عملية قد تصبح الأكبر من نوعها على الإطلاق بناء على التقييم.
لكن هذا تأجل. وأبلغ مستشار البنوك المشاركة أن أرامكو تريد الانتظار لحين نشر نتائجها للربع الثالث من العام من أجل تدعيم ثقة المستثمرين عقب هجمات على منشأتين للشركة الشهر الماضي مما خفض إنتاج الخام السعودي إلى النصف.
وأبلغت مصادر رويترز أن هناك حاجة لمزيد من الوقت من أجل استقطاب مستثمرين رئيسيين للإدراج. في غضون ذلك، يبدو برنامج الخصخصة الحكومي - بناء على الصفقات المبرمة حتى الآن - أبعد ما يكون عن الوصول لهدف إيرادات غير نفطية بين 35 و40 مليار ريال (9.33 إلى 10.66 مليار دولار) بحلول 2020.
وقال ريتشارد سيغال من مانولايف لإدارة الاستثمار "الفرص المتاحة حتى الآن تتركز في الأسهم المدرجة والاستثمار المباشر، أما الخصخصة أو الطروح العامة الأولية فظلت تقتصر على قطاع النفط والغاز".
سبق أن سعى الأمير محمد لخطب ود وادي السليكون بزيارات إلى شركات مثل فيسبوك ومايكروسوفت في 2016 و2018. لكنه لم يزر أي عاصمة غربية منذ اغتيال خاشقجي.
وكانت آبل وأمازون تجريان محادثات في 2017 لإقامة حضور لهما في السعودية، حسبما قالت مصادر في ذلك الوقت، لكن لم تخرج أي صفقات.
وأحجمت فيسبوك وآبل عن التعليق عندما سُئلتا إن كانتا ستحضران مؤتمر الأسبوع القادم. ولم ترد غوغل وأمازون على طلب للتعليق.
وقال متحدث باسم سيمنس إن الرئيس التنفيذي للمجموعة الألمانية لن يحضر بسبب التزامات أخرى. وسيمثل سامسونغ رئيسها التنفيذي الذي سيوقع خلال المناسبة مذكرة تفاهم مع منتجع القدية الترفيهي السعودي، حسبما أعلنته شركة المشروع.
وسيرسل البيت الأبيض، الذي قاوم ضغوطاً لمعاقبة الرياض على انتهاكات لحقوق الإنسان متعللاً بأهميتها الاستراتيجية، وزير الطاقة ريك بيري ووزير الخزانة ستيفن منوتشين وجاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض.
وفي حين هيمن على مؤتمر العام الماضي زعماء من دول آسيوية وعربية، فإن مؤتمر الأسبوع القادم سيحضره الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وسيحضر أيضاً ديفيد مالباس مدير البنك الدولي الذي لم يحضر العام الماضي.
وقال موجيلنيكي: "مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار قد يكون اختباراً فورياً، لكن الاختبار الحقيقي لثقة المستثمرين في السعودية سيتضمن تقييماً أبعد مدى لاتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر والقواعد التجارية وإجراءات الشفافية".
(رويترز)