تشير العديد من الدراسات التاريخية إلى تعدّد المؤثرات في تشكّل النهضة الأوروبية، أولها الاستفادة من الازدهار العلمي للجوار الإسلامي في الأندلس وشمال أفريقيا وبغداد، كما كان هناك دور للتبادل التجاري مع الشرق الأقصى، خاصة الصين، والذي انتقلت عبره العديد من الأفكار الفلسفية.
وكان هناك دور لحضارات أخرى شرقاً وغرباً، والذي انعكس بدوره على تنظيرات فلاسفة تلك الحقبة التي استمدّت معارفها من خلاصة الفكر الإنساني، وقادت إلى إنتاج رؤى حديثة حول العقد الاجتماعي وعلاقة المواطن بالدولة، ومسائل الحرية والديمقراطية والعلمانية وسواها.
هذه التأثيرات تتناولها ندوة دولية بعنوان "الأنوار الغربية ومصادرها الخارجية"، تنطلق أشغالها عند التاسعة من مساء بعد غدٍ الجمعة في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة) في قرطاج بتونس العاصمة، وتتواصل ليومين، بتنظيم من "الجمعية التونسية للبحوث في الأنوار"، و"مؤمنون بلا حدود"، و"جمعية الدراسات الفكرية والاجتماعية".
يشير بيان المنظّمين إلى أن الندوة ستسائل المصادر غير الأوروبية لتلك الحقبة، من قبيل اليونانية والرومانية، والعربية، والصينية، والفارسية، والتركية وحتى الأمريكية، تلك المصادر التي ألهمت فكر الأنوار أو مدّته بأغراض، وصور وأمثلة، وحجج. وشكّلت له مجالاً للتفكير.
وتطرح الندوة تساؤلات مثل: ماذا قرأ مفكّرو الأنوار؟ ما هي طرائق اطّلاعهم على الأعمال الخارجية؟ وهل كان لهم اطّلاع مباشر أو غير مباشر على تلك المصادر؟ وما هي الأعمال التي تمّت ترجمتها؟ ومن قام بترجمتها؟ وما هي الأعمال الخارجية التي تمّت العودة إليها أكثر من غيرها في ذلك العصر؟ وكيف كان التعامل معها؟
من بين الأوراق المشاركة: "لم يكن للأنوار الأوروبية أن توجد لولا استفادتها من كلّ ما يأتيها من الخارج" لـ دونيس براهيمي، و"ما تدين به الأنوار للحضارة العربية الإسلامية" لـ حافظ قويعة، و"استشراق الأنوار من إيطاليا إلى فرنسا، فيكو وديدور" لـ باولو كوانتيلي، و"سرديات الحداثة الأوروبية: زمن استثنائي أم سياق تاريخي" لـ مصطفى بن تمسك، و"منزلة اللغة العربية لدى كتاب القرن الثامن عشر" لـ باسكال بلران، و"الاصول الرشدية للتنوير الأوروبي" لـ أشرف منصور.
إلى جانب ورقة بعنوان "أثر ترجمات القرآن في فكر الأنوار" لـ نادر الحمامي، و"الثقافة الكونفوشوسية والأنوار الغربية" لـ زانغ اكزيبينغ، و"إسلام الأنوار لدى هيغل" لـ لاورا باوليزيني، و"النحول المنغولي والمنشوري (مينغ – كينغ) في عيون الكتاب الفرنسيين في القرن الثامن عشر" لـ لي ما، و"الأنوار واين خلدون" لـ ناجية الوريمي، و"الصالونات الأدبية النسائية بين العرب والغرب" لـ هاجر حراثي، و"استعادة المثال الإيتيولوجي في مؤلفات الأنوار" لـ محمد أنيس العبروقي.