يبدو أن أقدار الثقافة العراقية ستبقى رهينة واقع سياسي تعمّه الفوضى والانقسامات وتغلب عليه أهواء شخصية لمتكسّبين من السياسة وواقعها، وهو ما يدلّ عليه الإفراط في تنظيم المهرجانات وتوزّع الإشراف عليها بين "مثقفين" محسوبين على الأحزاب والتيارات المتنافسة.
كلّ ذلك يمكنه رصده عبر تتبّع الصحافة الثقافية العراقية التي تتقاسم بدروها إبراز فعالية هنا والتعتيم على فعالية هناك بحسب اتجاهها السياسي، ولكن ما يبعث على الاستغراب هو الإعلان فجأة عن ولادة مهرجان سينمائي باسم شخص مغمور، ولا يُعرف عنه إلاّ أنه رجل أعمال يرأس "منظمة البصرة للثقافة".
هكذا بلا مقدّمات؛ صرّحت المنظّمة المذكورة عن انطلاق مهرجان "صادق العلي للأفلام الروائية الطويلة" بالتعاون مع "دائرة السينما والمسرح" التابعة لوزارة الثقافة العراقية، اليوم، وتتواصل فعالياته حتى 19 من الشهر الجاري على "المسرح الوطني" في بغداد، ويتضمن حفل الافتتاح عرضاً فنياً لـ "فرقة الخشابة البصرية" و"فرقة البصرة للفنون الشعبية"، وتكريماً للفنان العراقي محمود أبو العباس، وعرض فيلم "صمت الراعي" للمخرج العراقي رعد مشتت.
أشار المنظّمون إلى أن المهرجان "يعدّ أول مهرجان عربي إقليمي للفيلم الروائي الطويل في العراق"، ويشارك فيه فيلم "شكة دبوس" لـ أحمد عبد الله صالح من مصر، و"فانية وتتبدد" لـ نجدت أنزور و"رسائل الكرز" لـ سلاف فواخرجي من سورية، و"هلأ لوين" لـ نادين لبكي من لبنان، و"برلين 7" من إيران لـ راميتان لافافبور، و"سر القوارير" لـ علي حنون من العراق بالإضافة إلى فيلم الافتتاح.
يعقب عرض الأفلام جلسات نقدية يشارك فيها نخبة من أبرز نقاد السينما، كما تقدّم الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية بقيادة كريم وصفي حفلاً موسيقياً في يوم الختام، الذي ستوزّع فيه كذلك الشهادات التقديرية وجائزة المهرجان.
لا يمكن إنكار وجود تجارب ثقافية ناجحة تلقت دعم شركات خاصة، لكن صادق العلي لم يكتف بتسمية مهرجان باسمه واختيار فعالياته والمشاركين فيه والتعاون رسمياً مع وزارة الثقافة لإقامته، فهو قد أعلن سابقاً عن جائزة ثقافية باسمه أيضاً، وانتدب نفسه أحد أعضاء لجنة تحكيمها.