"الجيش السوري الحر" يبدأ عملية برية داخل عفرين بدعم تركي

إسطنبول

باسم دباغ

avata
باسم دباغ
إسطنبول

عمار الحلبي

avata
عمار الحلبي
21 يناير 2018
96C60050-A2A6-48D9-838C-499D6BD9BAA5
+ الخط -
بدأت قوات من "الجيش السوري الحر"، اليوم الأحد، عملية عسكرية برية في مدينة عفرين، بمحافظة حلب شمالي سورية، والتي تخضع لسيطرة المليشيات الكردية، تزامناً مع غارات جوية تشنّها مقاتلات تركية، في مناطق عدّة.

وقال مصدر عسكري في المعارضة السورية لـ"العربي الجديد"، إنّ "فصائل الجيش الحر انطلقت، فجر اليوم، من الأراضي التركية نحو مدينة عفرين، من جهة نقطة ناحية بلبل الحدودية".

وأضاف المصدر، أنّ "الجيش الحر بمساندة جوية تركية عبَر الحدود، وتوغّل في الجهة المقابلة من الأراضي السورية"، لافتاً إلى أنّ اشتباكاتٍ عنيفة اندلعت قرب الحدود"، من دون أن يورد معلومات إضافية.

ولاحقاً، سيطرت قوات "الجيش السوري الحر"، على قرية شنكال الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لناحية عفرين.

وقالت مصادر في المعارضة السورية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "السيطرة جاءت بعد اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الحر المدعومة بغطاء جوي تركي، وبين المليشيات الكردية التي انسحبت عقب تقدّم الفصائل".

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أنّ "قوات الجيش الحر دخلت إلى الحدود البرية لمدينة عفرين مع دبّابات تركية"، موضحةً أنّ "قوات المعارضة تقدّمت بعمق 5 كيلومترات في الأراضي السورية".

وأوضحت أنّ اشتباكات عنيفة تدور في ناحية راجو، الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لمدينة عفرين، في حين شنّت الطائرات الحربية التركية سلسلة غارات جوية على مواقع الوحدات الكردية في تلك المنطقة.

وذكرت وكالة "الأناضول"، أنّ "وحدات الجيش السوري الحر التي تدعمها القوات التركية في عملية غصن الزيتون، بدأت بالتقدّم داخل مدينة عفرين في الريف الشمالي لمحافظة حلب".

وأعلن الجيش التركي، أمس السبت، بدء عملية عفرين شمالي سورية، ضد المليشيات الكردية، مطلقاً عليها اسم عملية "غصن الزيتون".
وذكر شهود عيان لـ"العربي الجديد"، أنّهم شاهدوا طائرات حربية تركية، وهي تشن سلسلة غارات جوية على عدّة مواقع، في قلب مدينة عفرين، وفي القرى المحيطة بها.

وأشار هؤلاء، إلى أنّ المليشيات الكردية قصفت مدينة كليس في تركيا، بقذائف المدفعية والهاون، فجر اليوم، ما أسفر عن خسائر مادية في السيارات والمنازل، دون ورود أنباء عن خسائر بشرية، بينما أعلنت ولاية كليس بعض المناطق الحدودية مناطق عسكرية خاصة لمدة 15 يوماً.
إلى ذلك، انقطعت شبكة الاتصالات الخليوية والإنترنت التركية عن مدينة عفرين بشكلٍ تام، ما أدّى للجوء بعضهم إلى استخدام الشبكتين الخلويتين السوريتين "سيريتيل" و"إم تي إن".

وتواصل المدفعية التركية، اليوم الأحد، قصفها المكثف على مواقع وأهداف عسكرية تابعة لمليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بمدينة عفرين.

ووفقاً لمعلومات "الأناضول"، فقد واصلت المدفعية التركية المتمركزة في بلدات ريحانلي وقريق هان وهصا بولاية هطاي (جنوب)، قصفها مواقع وأهداف التنظيم العسكرية بمدينة عفرين.

جاء ذلك ردّاً على استهداف التنظيم، لنقطة مراقبة خفض التوتر بمحافظة إدلب شمال غربي سورية، بحسب الوكالة.

كما تقصف الوحدات العسكرية التركية المنتشرة في منطقة درع الفرات الأهداف العسكرية للتنظيم في عفرين، ردّاً على هجماتها.

وأكدت رئاسة الأركان التركية، في بيان، أنّ القوات المسلحة التركية، استهدفت 153 هدفاً لكل من مليشيات "حزب العمال الكردستاني" وجناحه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وتنظيم "داعش"، مشيرة إلى أنّ "العمليات تسير كما هو مخطط لها".

ونشرت رئاسة الأركان التركية، في تغريدة على حسابها على موقع "تويتر"، مقطعاً مصوّراً عن تدمير نفق ومخزن سلاح تابع للمليشيات الكردية.

ونقلت وسائل الإعلام التركية، عن مصادر عسكرية، تأكيدها عدم تعرّض القوات التركية لأي مقاومة تذكر في المناطق الريفية في عفرين، بعد انسحاب مليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" إلى المدن المجاورة.

المليشيات الكردية رفضت عرضاً روسيّاً

إلى ذلك علم "العربي الجديد"، أنّ موافقة روسيا على فتح المجال الجوي السوري، أمام عملية "غصن الزيتون"، جاءت بعد أن رفضت مليشيات "الاتحاد الديمقراطي"، عرضاً روسياً بتسليم منطقة عفرين للنظام السوري، مقابل وقف العملية التركية.

واليوم الأحد، أعلنت الخارجية التركية أنّها ستواصل اتصالاتها مع دول المنطقة المعنية بالشأن السوري، لإعلامهم عن عملية "غصن الزيتون"، في عفرين.
وبعد أن قامت الخارجية التركية، أمس السبت، باستدعاء كل من سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الروسية والإيرانية والأميركية، وكذلك سفيري بريطانيا والصين لإبلاغهم بالعملية، أكدت أنّها ستقوم، اليوم الأحد، باستدعاء كل من سفراء الأردن والعراق ولبنان وقطر والكويت والسعودية، للغاية ذاتها.

إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أنّ عملية "غصن الزيتون"، تستهدف إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً عن الحدود التركية السورية، ومنع المحاولات التي تريد فصل تركيا عن العالم العربي، عبر الممر الإرهابي، في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها "حزب الاتحاد الديمقراطي"، مشيراً إلى وجود بين 8 إلى 10 آلاف "إرهابي" في المنطقة.

كلام يلدريم، جاء خلال لقاء مع ممثلي المؤسسات الإعلامية التركية، في إسطنبول، حضره كل من نائب رئيس الوزراء المتحدّث باسم الحكومة بكير بوزداغ، وزير الدفاع نور الدين جانيكلي، ونائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" الحاكم ماهر أونال، ومستشار رئاسة الوزراء فؤاد أوكتاي.

وأوضح يلدريم أنّ عملية "غصن الزيتون"، تتكون من أربع مراحل، وتم البدء بالمرحلة الثانية المتمثلة بالتوغل البري لقوات الجيش التركي مع قوات "الجيش السوري الحر"، بدءاً من منطقة غول بابا التابعة لولاية كيلس الحدودية التركية.

وبينما أكد رئيس الوزراء التركي، أنّ التوغل تمّ، حتى الآن، بمسافة 3 كيلومترات ونصف داخل عفرين وتدمير 17 لغماً، أوردت وكالة "الأناضول"، في وقت لاحق، أنّ التوغل وصل إلى مسافة 5 كيلومترات.

وأشار يلدريم، إلى أنّ الجيش التركي اعتمد في العملية على السلاح المنتج محلياً في تركيا، نافياً وقوع أي إصابات في صفوف الجيش التركي حتى الآن.

ولفت رئيس الوزراء التركي، إلى أنّ أنقرة تواصلت مع النظام السوري عبر روسيا، بشأن عملية عفرين، مؤكداً أنّ الإدارة التركية "على تفاهم تام" مع موسكو.

وشدّد يلدريم على أنّ هدف عملية "غصن الزيتون" في عفرين، "يتمثّل في إبعاد التهديدات الإرهابية عن الحدود التركية، ممثلة بكل من حزب العمال الكردستاني وجناحه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو أمر مشروع وفق معاهدة الأمم المتحدة والقوانين الدولية"، مؤكداً أنّ "الجيش التركي يعمل بكل جهده لمنع تأثر المدنيين" في العملية.


مواقف تركية 

وباستثناء حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) عبّرت جميع أحزاب المعارضة التركية، عن دعمها عملية "غصن الزيتون"، كما عبّر كل من الرئيس التركي السابق عبد الله غول، ورئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، عن دعمهما العملية.

وقال عبدالله غول، في تغريدة على موقع "تويتر"، "فليحفظ الله جيشنا وليعن عساكرنا".


من جهته، قال داود أوغلو "إنّه الحق الأكثر شرعية لبلادنا بمنع تكوين جحور للإرهاب على حدودنا، فليعن الله قواتنا المسلحة والجيش السوري الحر".


واتخذ "حزب الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني في تركيا) موقفاً معارضاً لعملية "غصن الزيتون"، ولكنّه تجنّب في الوقت عينه، التصعيد على المستوى الشعبي.

وأكد فرع الحزب في مدينة دياربكر ذات الغالبية الكردية، أنّه سيتم ظهر كل يوم الاحتجاج على العملية لحين انتهائها، قائلاً "سنعترض كل يوم، في الساعة 12 ظهراً، على هذا الهجوم، وفي حال استمرت العملية ضد عفرين، سنصعد الاحتجاج كل يوم ونرفعه".

ونقلت مواقع موالية لحزب "العمال الكردستاني"، قيام قوات الأمن التركية بمحاصرة مبنى فرع "الشعوب الديمقراطي" في دياربكر، مانعة الوصول إليه.

وبحسب مراقبين، فإن "الشعوب الديمقراطي"، لن يقوم بالدعوة إلى أي احتجاجات واسعة ضد عملية "غصن الزيتون" رغم اعتراضه عليها، لأسباب عديدة، يأتي على رأسها الخوف من تحوّل الاحتجاجات إلى اشتباكات، مع كل من أنصار حزب "الدعوة الحرة" الكردي المعارض للكردستاني، وأنصار قوات حماة القرى التابعة للداخلية التركية، والمكونة من أبناء العشائر الكردية. ووقعت اشتباكات في السابق، خلال الاحتجاجات التي طالبت الحكومة التركية بمنح الدعم لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، أثناء حصار "داعش" لمدينة عين العرب (كوباني) في عام 2013، وأدت إلى مقتل حوالي أربعين شخصاً.

ويأتي ذلك، في الوقت الذي هبطت فيه شعبية "حزب الشعوب الديمقراطي"، بعد نزول مقاتلي "العمال الكردستاني"، إلى عدد من البلدات والمدن العراقية، وما نتج عنها من خسائر للمواطنين الأكراد بسبب الاشتباكات التي اندلعت مع قوات الأمن التركية.

كما يقبع عدد من قيادات الحزب في السجون، حيث تتم محاكمتهم بتهم عديدة يأتي على رأسها "دعم التنظيمات الإرهابية"، في إشارة إلى "حزب العمال الكردستاني"، الموضوع على قائمة المنظمات الإرهابية في كل من تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

التفاهم الروسي - التركي

بدورهم، شرح مسؤولون في المعارضة السورية، تفاصيل المفاوضات حول معركة عفرين، وما سموه الاتفاق "التركي – الروسي" الذي جرى بين الطرفين من أجل عملية "غصن الزيتون" التي تقودها تركيا في المدينة.

وقال عضو الهيئة السياسية في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية"، أحمد رمضان، إنّ "التفاهم بين روسيا وتركيا حول معركة "غصن الزيتون" حُسم الجمعة 19 يناير/كانون الثاني الجاري".

وأضاف، في سلسلة تغريداتٍ له على حسابه بموقع "تويتر"، إنّ "موسكو أبلغت قيادة العمال الكردستاني رفع الغطاء عنه في تلك المواجهة، وإخلاء نقاط المراقبة الروسية"، لافتاً إلى أنّ "مصادر عسكرية توقعت انسحاب عناصر العمال الكردستاني (PKK) من عفرين دون قتال فعلي".

وتابع رمضان، إنّ "عفرين شاركت بحماسة في الثورة السورية، ورفع أحرارُها شعارات وطنية قبل أن تحتلها مليشيا العمال الكردستاني PKK وتعتقل القادة والناشطين فيها وتزُجُّ بهم في السجون"، مشدّداً على ضرورة أن تعود إدارة المدينة لأهلها "بعد دحر الإرهاب".

من جهته، كشف مسؤول التفاوض السابق مع مليشيا "الاتحاد الديمقراطي" المعارض السوري ياسر الحجي، عن تفاصيل غير معلنة للمفاوضات حول عفرين.

وقال الحجي، في منشورٍ له على صفحته بموقع "فيسبوك"، إنّ "أربعة أشهر تقريباً من المفاوضات مع (PYD) كنتُ خلالها رئيس لجنة المفاوضات، ذهبنا خلالها إلى عفرين وعين العرب وغيرها"، مضيفاً أنّه في البداية تمّ الاتفاق على الانسحاب من القرى الـ14 التي احتلتها الوحدات الكردية، بعد أن دمرها الطيران الروسي وتبييض السجون، وبعد ذلك بدأت المماطلة وانتهت بدون نتيجة". 

وتابع الحجي: "حاولنا بكل جهدنا فعلاً الوصول إلى حلّ، ولكنّهم رفضوا معتمدين على دعم روسيا لهم، وها هم يدفعون الثمن وتتخلّى عنهم روسيا"، مُعتبراً أنّ "حزب (PYD) هو من يتحمّل وزر الحرب، كونه عرّض كثيرين من إخوتنا الأكراد لويلاتها، وهم غير راضين عن تصرّفات ذلك الحزب".

يُشار إلى أنّ "وحدات حماية الشعب" الكردية، الجناح العسكري لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" والفرع السوري لمنظمة "حزب العمال الكردستاني"، والتي تصنّفها تركيا "منظمة إرهابية"، تسيطر على ناحية عفرين وناحية تل رفعت في شمال حلب، وأجزاء من مدينة حلب.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قبور الموتى للبيع في سورية / 6 فبراير 2024 (Getty)

اقتصاد

تزداد أعباء معيشة السوريين بواقع ارتفاع الأسعار الذي زاد عن 30% خلال الشهر الأخير، حتى أن بعض السوريين لجأوا لبيع قبور ذويهم المتوارثة ليدفنوا فيها.