يبدو أن محافظة تعز، جنوبي اليمن، والتي تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية، بدأت تقترب منها فوضى تحالف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين). رغم ما تبذله القوى السياسية والسلطة المحلية، لتجنيبها شبح انهيار مؤسسات الدولة والانجرار خلف الحرب الأهلية، إلا أنّ صالح و"الحوثيين"، يحضّرون لمعركة غير واضحة المعالم في محافظة تعز جنوب اليمن.
ومع انطلاق الضربات الجوية لــ "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية، والتي استهدفت من خلالها المواقع العسكرية الموالية لتحالف "الحوثيين" وصالح، وألحقت هزيمةً معنويةً وميدانيةً، بسلطة الانقلاب في اليمن. بدأ مسلّحو جماعة الحوثي وقوات موالية لصالح، تتوسع في انتشارها في مدينة تعز جنوب اليمن، التي أصبحت حصن أمان لهذين الطرفين، إذ تشهد المحافظة منذ أيام تحشيداً مسلحاً من قبل الحوثيين، وتصل إلى المدينة تعزيزات عسكرية ومجاميع حوثية مسلحة بطرق مختلفة.
جماعة الحوثي تفرض وجودها بقوة السلاح في محافظة تعز، وتواجه بالقمع سلمية المظاهرات اليومية، التي تشهدها تعز منذ اجتياح الجماعة للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول، رفضا لانقلاب تحالف صالح والحوثيين على الشرعية.
في هذا السياق، أشار الناشط السياسي أحمد الوافي، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ مسلّحي جماعة الحوثي وصالح، يتحرّكون في تعز بوتيرةٍ عالية، بهدف كبح النضال الثوري السلمي في تعز. ولفت إلى أنّ معسكر القوات الخاصة، أصبح قاعدةً وغرفة عمليات لمسلحي الحوثي، وأن اسلحة مختلفة الأنواع قادمة من محافظة الحديدة غرب اليمن، تم إدخالها إلى معسكر القوات الخاصة الموالية للجماعة على متن سيارات محملة بالخضروات.
بدوره، أوضح أحد الناشطين أنّه تمكّن من توثيق تحرّكات لمسلّحين بين مقرّ جماعة الحوثي الكائن في حي الجحملية، وبين مقرها الرئيسي في بالحوبان، على متن سيارات مجهولة لا تحمل لوحات مرورية "أي غير مرقمة".
وكانت قد وصلت تعزيزات عسكرية من صنعاء إلى تعز منتصف مارس/آذار، حيث معسكر القوات الخاصة، التي اعتبرها محافظ تعز شوقي احمد هائل، بقيادة العميد محمد حمود الحارثي، قوات متمردة على قرارات اللجنة الأمنية، بعد أن جعلت معسكرها تحت تصرف جماعة الحوثي.
اقرأ أيضاً: ورقة صالح الفاشلة: استعطاف الخليج
وفي غضون ذلك، ذكر رئيس مركز العدالة الانتقالية، الدكتور ياسين عبد العليم القباطي، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أنّ مسلّحي الحوثي يتحرّكون في شوارع تعز بطريقة استعراضية مستفزة، مستخدمين أطقماً عسكرية تتبع القوات الخاصة الموالية لهم، باللباس العسكري لهذه القوات ذاتها، رغم أنهم لا ينتمون إلى المؤسسة العسكرية.
وبحسب القباطي، فإنّ الحوثيين أوضحوا له أنّ "التحشيد لا يستهدف تعز، وإنما يأتي بغرض التوجه إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، لحماية الأراضي اليمنية"، كاشفاً عن حصوله على معلومات تؤكد أن الحوثيين يعتزمون اقتحام إصلاحية السجن المركزي في تعز، وإخراج السجناء، بهدف إحداث فوضى في المحافظة.
إلى ذلك، علم "العربي الجديد" من مصادر أمنية خاصة، أنّ عضو اللجنة الثورية لجماعة "الحوثي"، صادق أبو شوارب، يجري لقاءات مكثفة في تعز منذ أيام، لإقناع قائد الشرطة العسكرية في تعز، وأركان حرب النجدة العسكرية، بقبول تجنيد بعض عناصر الجماعة في هذه الأجهزة الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أنّ مسلحي جماعة الحوثي، وأفراداً من جنود الحرس الجمهوري في معسكر اللواء"22"، الموالي لنجل صالح بدأت تنتشر بالقرب من مبنى إذاعة تعز، الواقعة في المنطقة الشمالية للمدينة "الحوبان".
من جهةٍ أخرى، وصف قيادي يمني في السلطة المحلية بديوان محافظة تعز، طلب عدم الكشف عن اسمه، الوضع السياسي والأمني في محافظة تعز بالمتأزم، وقال إنّ "الحوثيين" وعلي عبدالله صالح قاموا باجتياح الجنوب، متسببين بحالات فوضى ونهب لكافة مؤسسات الدولة.
كما لفت إلى انقسام اللجنة الأمنية في تعز، بين من يساند الحوثيين، وبين من يقف مع الشرعية الدستورية. وكشف أن لقاءً جمع الأحزاب و"الحوثيين"، وقيادة في السلطة المحلية يوم السبت 28 مارس/آذار، من اجل الوصول الى اتفاق مكمل لاتفاقيات سابقة، يقضي بتجنيب تعز الصراع المسلح، حفاظاً على النسيج الاجتماعي، ولكن هذا اللقاء فشل في تحقيق هدفه، لعدم وجود رغبة لدى "الحوثيين" بذلك.
اقرأ أيضاً: خلافات شديدة بين صالح والحوثيين وثلاثة وفود للتوسّط(خاص)