خلافات حول المضمون وشكل القمة، وتبادل الاتهامات بشكل نادر جدًا بين المسؤولين الأوروبيين؛ كلّ ذلك سبق القمة المصغرة غير الرسمية بشأن الهجرة. والتي عقدت اليوم بمبادرة ألمانية، تسعى من خلالها المستشارة أنغيلا ميركل، إلى إشراك مجموعة صغيرة من الدول للضغط على إيطاليا لتسهيل العودة السريعة لطالبي اللجوء المسجلين في البلد، والذين يحاولون الدخول إلى ألمانيا، وتحولت المبادرة إلى قمة تجمع 16 دولة، مع إعلان بعض العواصم، خاصة من أوروبا الشرقية، رفض المشاركة، وغياب رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك.
هذا الأخير الذي تتمثل مهمته الأساسية في تنظيم اجتماعات رؤساء الدول أو الحكومات وتحضيرها وتسييرها "رفض المشاركة في القمة المصغرة لأنها تستثني بعض القادة"، بينما "هو رئيس الجميع". وكذلك لـ"عدم جدوى عقد قمة مصغرة، في حين أن القمة الأوروبية التي ستعقد في نهاية هذا الأسبوع تم التخطيط لها بالفعل حول الموضوع نفسه"، أي ملف الهجرة، كما يفسر لـ"العربي الجديد"، جوريك كوجنويك، الخبير في الشؤون الأوروبية.
كما كانت إيطاليا قد هددت بعدم المشاركة، معتبرة أنه "لم يتم الأخذ باقتراحها بشكل كاف"، قبل تأكيد حضورها. وبحسب جان كلود جونكر، رئيس المفوصية الأوروبية، الذي دعا إلى هذه القمة المصغرة، فـ"لو قبلت الدول الأوروبية بالمقترحات المتعلقة بإصلاح نظام دبلن، لم نكن لنواجه المشاكل التي برزت حاليًا".
ولم تتمكن الدول الأوروبية، على الرغم من تراجع ضغوط موجات الهجرة، من التوصل إلى توافق حول طريقة تقاسم أعباء المهاجرين. وتتعلق نقطة الخلاف الرئيسية بتعديل اتفاقية دبلن، التي تعهد بطلبات اللجوء بشكل أساسي إلى دول الدخول للاتحاد الأوروبي، ما يشكل عبئًا غير متناسب على دول مثل إيطاليا واليونان.
وقد ركزت الخلوة على مجموعة من النقاط المتعلقة بتسريع إرسال طالبي اللجوء من بلد الى آخر في الاتحاد الأوروبي، وإقامة آلية تضامن فعالة مع توزيع إلزامي للمهاجرين بين مختلف الدول الأعضاء، وهو مقترح ترفضه مجموعة من دول أوروبا الشرقية.
واعتبر شارل ميشيل، رئيس الحكومة البلجيكية أن "الأولوية يجب أن تنصب على الحفاظ على حرية التنقل داخل منطقة شينغن، وذلك يتطلب تعزيز المراقبة على الحدود الخارجية للاتحاد، والمسألة الثانية تتعلق بضرورة احترام مراكز التوجيه للقانون الدولي. والنقطة الثالثة المهمة تخص إصلاح نظام دبلن من أجل تضامن ومسؤولية أكثر".
وتعد مسألة احتواء الهجرة من خارج الاتحاد الأوروبي النقطة الرئيسية التي حظيت بتوافق جميع أعضاء الاتحاد. إذ تشير المسودة الختامية للقمة الأوروبية إلى اعتبار أن "السيطرة الفعالة على الحدود الخارجية هي الشرط المسبق لسياسة الهجرة الأوروبية الفعالة". مشيرة إلى أن "المجلس الأوروبي مصمم على مواصلة وتعزيز هذه السياسة لمنع عودة التدفقات غير الخاضعة للرقابة مثل عام 2015، وزيادة خفض الهجرة غير الشرعية على جميع المسارات. وبالتحديد في ما يتعلق بمسار البحر المتوسط، ينبغي تكثيف الجهود لوقف المهربين الذين يعملون خارج ليبيا. وسيواصل الاتحاد الأوروبي الوقوف بجانب إيطاليا في هذا الصدد، وسيقوم بتعزيز دعمه لخفر السواحل الليبي".
وقد كانت القمة المصغرة غير الرسمية فرصة أولى، كما شدد العديد من الوزراء، للتطرق إلى ملف يوتر العلاقات بين أعضاء الاتحاد، في انتظار قرارات القمة الأوروبية. وذلك رغم استبعاد مسؤولين أوروبيين توصل القمة إلى حل نهائي لملف الهجرة واللجوء. إذ لم تتردد المستشارة الألمانية، عند نهاية القمة المصغرة غير الرسمية، في القول إن هناك "حاجة إلى حلول ثنائية بشأن الهجرة عندما يكون التوصل إلى اتفاق على مستوى الاتحاد الأوروبي غير ممكن".