بوجوه مُلونة وحركات بهلوانية، يحاول فريق "الدكتور المهرج" الشبابي من قطاع غزة التغلب على آلام مرضى الكلى، وإبدال صرخات الألم بضحكات، تنسيهم الأجهزة الطبية، والوجع والبكاء.
جو الدعابة والمرح الذي يحاول صنعه المُهرج ماجد كلوب وفريقه، نجح في إزالة الفجوة بين الطبيب والطفل، بعد أن لبس المهرجون زي الطبيب مع زي المُهرج، وتجولوا بين الأسرة، يحملون الألعاب والبالونات، والهدايا، والأغاني، والحركات الفكاهية.
فكرة الطبيب المُهرج بدأت عام 2014 عند اجتماع العشريني كلوب بصديقيه غسان أبو ندى وعلاء مقداد، وتطورت منذ ذلك الحين، إلى أن شكلوا فريقهم الذي أخذ على عاتقه زيارة المستشفيات، وإضفاء جو من المرح للأطفال المرضى، ومرافقيهم.
وأوضح مؤسس الفريق ماجد كلوب لـ"العربي الجديد" أن الفكرة جاءت إيماناً بأهمية التخفيف عن الأطفال المرضى، وإزالة الجو الروتيني لغُرَف العلاج، إلى جانب مساعدة الأطباء في كسر حاجز الخوف منهم ومن الأدوات الطبية والتمريضية، وتشجيع الأطفال للحصول على العلاج.
اقرأ أيضاً: نوادٍ ترفيهية للأطفال تقهر الحرب في شمال سورية
وأشار إلى مساهمة الفريق في تحسين الحالة النفسية للأطفال المرضى، والتخفيف من آلامهم عبر الألعاب والأنشطة، إلى جانب كسر الروتين العام، ونظرة الأهالي للمستشفى، وإزالة جانب الرهبة والخوف المرافق لهم ولأطفالهم.
ونوه كلوب بأن أول من تبنى فكرة الطبيب المهرج كانت مؤسسة "تشيس" الإيطالية، التي دعمت الفريق في بداية مشواره، إلى جانب مؤسسة World Vision International For Children، والتي مولت مبادرة الطبيب المهرج، والتي استهدفت أطفال قسم الكلى في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي.
ولفت إلى أن تطبيق الفكرة في البداية لم يكن سهلاً، نتيجة حساسية ظروف الأطفال وذويهم، لكن ذلك الحاجز ذاب بعد تنفيذ عدد من الأنشطة والألعاب التي تفاعل معها الأطفال، وتركت انطباعاً ايجابياً. وقال: "الفريق الذي يعمل في مستشفيات الرنتيسي، ناصر، الدُرة والنصر يحاول تجديد أنشطته ليضمن تفاعل الأطفال وتحقيق الأهداف التي تم وضعها، عبر المشاهد الفكاهية، وتلوين الوجوه، وألعاب الخِفة، والأغاني والأناشيد، إلى جانب برامج التوعية التثقيفية، والتشجيع على أخذ العلاج.
ويأمل الفريق بإنشاء مؤسسة متخصصة تتبنى الفكرة، والحصول على وكالة دولية للطبيب المهرج، تمكنهم من توسيع إطار أنشطتهم وتسليط الضوء بشكل أكبر على معاناة الأطفال المرضى في قطاع غزة، موضحاً أن الفريق يحمل رسالة حب وسلام.
الفريق لا يقتصر على الشباب فقط، بل هناك فتيات مهرجات، إذ تقول بيسان السردي (21 عاماً)، أنها انضمت للفريق بعد إعجابها بنُبل الفكرة التي تسعى لزرع البسمة على وجوه الأطفال، وإزالة كافة الحواجز بينهم وبين الطبيب.
وبيّنت السردي لـ"العربي الجديد" أن الفريق يحمل رسالة للأهالي وللمجتمع وللجهات المسؤولة، تطالب بضرورة تسليط الضوء على الأطفال المرضى وآلامهم ووجعهم، خاصة في ظل إغلاق المعابر ووفاة بعض الأطفال نتيجة عدم التمكن من الحصول على العلاج.
حُب السردي لعملها دفعها إلى عدم التفكير في النظرة المجتمعية، مؤكدة أن إيمانها بمبدأ الفكرة ساعدها في تخطي ذلك الأمر، موضحة أن ردة فعل الأهالي كانت عكسية، عبر استيعابها كفتاة بشكل أكبر من المتوقع، خاصة بعد تعلق الأطفال بها، وبزميلاتها وزملائها.
وأوضح المُهرج محيي الحلو، والذي التحق للفريق مؤخراً أهمية العمل مع الأطفال في مختلف المجالات، لافتاً إلى أنه عَمِل كمنشط للأطفال في مؤسسة الرؤية وعدة مؤسسات، لكنه انتمى لفكرة الطبيب المُهرج، كي يخفف آلام الأطفال، الذين هم بحاجة ماسة إلى ذلك.
وأشار الحلو ل"العربي الجديد" إلى أن انجذاب الأطفال وتفاعلهم الكبير مع أنشطة الفريق لا ينفي وجود تهميش لهم ولمعاناتهم، داعياً إلى الاهتمام بهم، ومساعدتهم على السفر وتلقي العلاج المناسب خارج قطاع غزة، وإنقاذ حياتهم.
اقرأ أيضاً: "عمو علوش"... حكاية مهرج فلسطيني يزرع البسمة في غزة