تحت عنوان "الظلام المشع" انطلق معرض الفنان العراقي سالم مذكور الذي ينظمة غاليري "المرخية" افتراضياً، عبر موقع "أرتسي"، ويتواصل حتى 14 من الشهر الجاري، ويضم لوحات أنجزها الفنان خلال فترة الحجر المنزلي التي استمرت مئة يوم.
تمثل الأعمال كلها شجرتين، في ما يبدو أنه منظر كان يطل عليه أو يراه الفنان طيلة تلك الفترة، حيث يرصد كل عمل موقع الضوء من الشجرتين وتحولات اللون نتيجة لهذه الحركة.
ليس هذا فقط، بل إن مذكور يحرص على أن تبدو الشجرتان كما لو أنهما صناعيتان، ليستا من ورق وأغصان، بل إنهما تكوينان بلا أي دليل على الحياة سوى تنقلات الضوء وتنويعاته التي تكشف أنه ليس ضوءاً طبيعياً أيضاً.
عن المعرض يقول الفنان: "أعمالي المشاركة هي بقعة الضوء الملونة التي كانت ترافقني خلال أكثر من مائة يوم، إن فيروس كورونا وباء مظلم، لكنه في الوقت نفسه ظلام مشع".
رسم مذكور (1968) عشر لوحات بالألوان المائية على الورق، ويصوّر فيها الأغصان كما لو أنها تحاول الوصول إلى بعضها، رغم ذلك ليس هناك حميمية إنهما شجرتان في حالة من التباعد القسري.
من يرى أعمال مذكور السابقة والمتاحة في أرشيف موقعه الشخصي، يلمس فارقاً كبيراً على صعيد الأسلوب والألوان والموضوع وحتى على صعيد الجو العام الذي يخيّم على لوحاته، حيث اعتاد الفنان على الأفق المفتوح والخلفية المشرقة في اللوحات والعميقة، والألوان الطبيعية والحيوية وكذلك الصحراوية الحارة، لكن ذلك لا يمنع أن الهاجس هو نفسه، فالفنان كان دائماً ولا زال منهمكاً بالبيئة والمحيط من حوله.
لم تكن لوحات مذكور السابقة لتخلو من البشر والحيوانات أو الماء أو القوارب، ثمة دائماً ما يوحي بأن هناك عملية تنقل وحركة على عكس ما نرى تماماً في معرضه "ظلام مشع"، فحتى لو كان الضوء يتبدل فإن الخلفية السوداء الثقيلة ثبّتت المشهد على نحو يكشف قسوة الترقب الانتظار خلال فترة العزل المنزلي.
في لوحات المعرض الحالي، هناك ألوان ثابتة وهناك المتغير منها، نحن أمام مشهد لشجرتين بخلفية داكنة ومساحات بيضاء أسفل اللوحة، الأغصان تسقط عليها أضواء مصطنعة؛ ثمة الأبيض المشع والأزرق والأحمر والزيتي.
يذكر أن الفنان ولد في مدينة العمارة جنوب العراق، والتحق بكلية الفنون الجميلة في بغداد عام 1984، غادر العراق عام 1991 واستقر في البداية في عمّان حيث مكث تسع سنوات أقام خلالها العديد من المعارض، وقدم خلالها التراث الشعبي لجنوب العراق فرسم الطبيعة والمرأة والحياة اليومية.