"العربي الجديد" تخترق عصابة صهيونية تستهدف الفلسطينيين

القدس المحتلة

أنس أبو عرقوب

avata
أنس أبو عرقوب
تل أبيب

أنس أبوعرقوب

avata
أنس أبوعرقوب
02 سبتمبر 2014
9FE4FE57-D26E-48CF-A584-113CA059A786
+ الخط -

"نهدف لبناء تنظيم كبير للدفاع عن الشعب اليهودي ضد العدو العربي"، هكذا يتحدث قائد تنظيم "العصابة اليهودية" لأتباعه في إسرائيل من اليهود اليمينيين العنصريين قبل تدشين اعتداءات خطّط لها بشكل مدروس، من هنا كانت البداية، بعدما تزايدت الاعتداءات نوعياً على العرب داخل الخط الأخضر.

مَن يقف وراء التطور النوعي للاعتداءات المتصاعدة على العرب في إسرائيل؟ الخطوة الأولى للإجابة عن السؤال السابق تمثلت في فتح حساب وهمي باسم شاب يهودي على موقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك"، باللغة العبرية، وتسجيل الإعجاب بصفحة "مشجعي فريق بيتار القدس" لكرة القدم، المعروفين بعنصريتهم الشديدة والذين ينفذون اعتداءات متكررة على الفلسطينيين.

بعد شهور من الإعجاب بالصفحة ومشاركة مضامينها و"اللايك" لعدد من موضوعاتها، ارتفع عدد أصدقاء الشاب "دانيال يورشالمي" (الاسم المستعار)، خاصة بعدما سجل دانيال إعجابه بعدد من الصفحات المتخصصة بالتحريض على الفلسطينيين، وانهالت علينا الدعوات لحضور المباريات والفعاليات المعادية للفلسطينيين.

من عالم "فيسبوك"، انتقل بنا "الاصدقاء" إلى الخطوة الثانية، بضمنا لمجموعات يمينية على تطبيق "واتس آب"، تحرّض المجموعات على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتنظّم الاعتداءات عليهم، تعدّ "مجموعة الأسود" الأبرز بينهم، يقودها مغني الراب الاسرائيلي، يؤاف إلياسي، الملقّب بـ"الظل" والمعروف بأغانيه العنصرية المعادية للعرب.

بعد النجاح في الاندماج وسط هؤلاء، تم الانتقال للمرحلة التالية من التحقيق بلقاء عدد من النشطاء اليمينيين دون علمهم بهويتنا في مكان عام بالقدس (نتحفّظ على الطريقة والمكان لضرورة أمنية)، تعدّدت بعدها اللقاءات التي تخلّلتها نقاشات سخرنا فيها من جدوى "العمل بشكل عفوي"، ما دفع محدثنا للكشف عن أن الاعتداءات ليست كلها عفوية وأنه يجري استنساخ تجربة "عصبة الدفاع اليهودية"، التي تأسست في فرنسا عام 2003، ولاحقت الفلسطينيين وأنصارهم في شوارع باريس.

"أنتم مدعوون للمشاركة معنا في الدفاع عن شعبكم والانضمام إلى عصابة اليهود"، هكذا بدأت "مجموعة الأسود" التي ضمن لها ناشط يميني الدعاية على تطبيق "واتس آب"  للتنظيم الجديد الذي اندمجت فيه، وهو ما أثبت صحة حديث الناشط العنصري الذي التقيناه في القدس بأن الاعتداءات ليست عفوية، خاصة بعدما توسّع التنظيم في التخطيط والدعوة إلى نشاطه بحشد المئات للمشاركة في ما وصفوه بـ"جولة الصيد" بحثاً عن فلسطينيين بالقدس الغربية للاعتداء عليهم تحت ذريعة الانتقام لمقتل مستوطني الخليل.

زعيم التنظيم

يؤمن الشبان المنتمون إلى تنظيم "عصابة اليهود" بعقيدة ما يسمى بأرض إسرائيل الكاملة التي تقوم على تهجير الفلسطينيين من ديارهم، تعود جذورها إلى جيل الآباء المؤسسين لإسرائيل، لكن السؤال مَن يقود هؤلاء؟ وفقاً لما رصدناه، فإن هؤلاء الشباب يدينون بالولاء لمَن يسمونه القائد "يوسي آياش".

ولد آياش (31 عاماً)، في العاصمة الفرنسية باريس التي أسس فيها "عصبة الدفاع اليهودية"، وعقب افتضاح مسؤوليته المباشرة عن تنظيم اعتداءات على أنصار القضية الفلسطينية ومناهضي الصهيونية، اضطر للهرب إلى تل أبيب خوفاً من السجن، كما قال في تسجيل مصور حصلت عليه "العربي الجديد".

آياش وصل إلى إسرائيل في فبراير/ شباط 2013، نجح بعد شهور قليلة في إطلاق نشاطه بتكريس نفسه زعيماً لمجموعات اليمين الشبابية، تشكلت النواة الصلبة لتنظيمه الجديد من أعضاء مجموعات "عصابة الأسود" التي كانت ملتفّة حول مغني الراب الإسرائيلي العنصري، يؤاف إلياسي، طوّر آياش المجموعات العنصرية السابقة ـ كما روى أحد مصادرنا ـ إلى تنظيم هرمي يختار الأهداف ويحدد الأولويات.

مسؤول التجنيد

أثناء البحث وراء تنظيم "العصابة اليهودية"، تم الوصول عبر مصدر في التنظيم ـ الذي كان يخطط لتجنيدنا خاصة بعدما علم أننا نجيد اللغة العربية وأوهمناه بأننا نؤدي الخدمة الإلزامية في وحدة خاصة بالجيش ـ إلى أن آياش يعتمد في تجنيد العناصر الجديدة على نمرود ايليران، الرجل الثاني في منظمته.

تحرّت "العربي الجديد" عن ايليران، وتبيّن أنه ناشط في فرع حزب الليكود بالقدس المحتلة، في نهاية العقد الثالث من عمره، ويعدّ آلة "آياش الدعائية" لأنه يروّج له وسط المراهقين اليهود، كما أكدت مصادر متطابقة داخل التنظيم.

الموارد المالية

لا يتوقف دور "ايليران" عند التجنيد، إذ يعمل على جمع التبرعات للتنظيم من الأثرياء اليهود، فيما تم رصد مورد مالي آخر يتمثل في ما قاله آياش بنفسه مفاخراً بأنه حصل على جزء من تمويل تنظيمه من تبرعات جمعها من مساجد باريس.

"الفكرة تتلخّص بجمع الصدقات عبر صناديق صغيرة، ألصقتُ عليها صورة طفل من خانيونس"، يقول آياش، فيما يضحك الجمهور سخرية من المتبرعين، يضيف مزهوّاً: "وزّعنا الصناديق في المساجد، ونفّذ المهمة أشخاص تنكروا كعرب، كانوا يضعون الصناديق ثم يعودون ويأخذونها، وهكذا موَّلَنا العرب والمسلمون".

القائد الميداني للعصابة

يقوم بدور القائد الميداني للعصابة اليهودية زعيم مجموعة الأسود المندمجة في العصبة اليهودية الملقب بـ"الظل" وهو مغني الراب العنصري المشهور بعنفه، يؤاف الياسي، المتمرس بقيادة جموع شبان اليمين في ما يطلقون عليه "جولات الصيد" بشوراع القدس وتل أبيب وحيفا.

"هدف يوسي آياش هو إقامة مجموعة قادرة على استعادة الأمن والفخر لإسرائيل"، يقول الليكودي ايليران، مسؤول التجنيد بالتنظيم، في حفل نظمه بقاعة "عناب" في تل أبيب، فيما رد الجمهور المتحمس عليه بإطلاق هتافات مطالبة "بالموت للعرب"، وخصوصاً للنائبة حنين الزعبي ـ عضو الكنيست عن التجمع الوطني الديمقراطي.

عقب ذلك، تحدث آياش مشخّصاً العدو بأنه "العرب في البلاد"، في إشارة إلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. يمضي آياش قائلاً: "لا مفر من الدفاع عن شعبنا ضد العدو العربي" ويكشف لمستمعيه أنه يركز في بناء تنظيمه الجديد على الكيف وليس الكم، قائلاً: "أفضّل ثلاثين أسداً، على خمسين نعجة".

جانب آخر من مخططات آياش، يكشفه اجتماع بالقدس ضم "النواة الصلبة" للتنظيم، شارك فيه العشرات، أبرزهم آياش ونمرود ايليران، والمغني "الظل"، طُرحت في الاجتماع مخططات مواجهة "العدو العربي الداخلي"، كما قال آياش، والتي تقوم على فرض مقاطعة اقتصادية على الفلسطينيين داخل الخط الاخضر بمنع اليهود من تشغليهم أو الشراء منهم، والاعتداء على العمال العرب الذي يعملون بالتجمعات السكنية اليهودية، ومنع اليهود من بيع عقارات لفلسطينيي الداخل، وتحويل حياة مَن اشترى منازل بالأحياء المختلطة إلى جحيم لدفعهم لمغادرة تلك الاحياء، وهو ما يحصل حالياً في يافا والمثلث والناصرة، بالإضافة إلى العمل على منع الأذان بالتشويش على المؤذنين وتشغيل الأناشيد الدينية اليهودية بصوت عالٍ، كما فعل آياش في تجربة عملية للتشويش على صوت الأذان المنطلق من مسجد في يافا.

آلية العمل

يتّصف أعضاء "تنظيم آياش" بأن معظمهم أدوا الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش الاحتلال، يخضعون لتدريبات مستمرة على قتال الشوارع على أيدي محترفين، حصلت "العربي الجديد" على فيديو يظهر إشراف آياش على تدريبات تجري في مستوطنة "معاليه أدوميم" قرب القدس.

آياش لا تقتصر جهوده على تجنيد نشطاء اليمين في تنظيمه، بل يقوم بجولات داخل قواعد جيش الاحتلال لتحريض الجنود للاعتداء على الفلسطينيين، كما حدث في الخليل قبل شهور عندما خاطب الجنود في شريط مسجل قائلاً: "جابهت اللاسامية بالخارج وأواصل ذلك دفاعاً عن اليهود، وعن شعب إسرائيل جئنا لمنحكم مزيداً من القوة، اعتقلوا أكبر عدد ممكن من الرجال والمخربين".

في السابع عشر من شهر يوليو / تموز الماضي، حشد التنظيم ألف شخص من القدس وتل أبيب توجهوا إلى حيفا لمهاجمة فلسطينيين في طريقهم للمشاركة بتظاهرة رافضة للعدوان على غزة.

نظّم أعضاء التنظيم كميناً محكماً للمتظاهرين وحاصروهم قبل نزولهم من الحافلات وأمطروهم بالحجارة وأصابوا العديد منهم.

"لم يكن الفلسطينيين على علم أن الاعتداء عليهم مدبراً" يقول الناشط فادي أبو يونس، لــ"العربي الجديد": "فوجئنا أن المعتدين كانوا على علم مسبق بمسار الحافلات وفعاليات التظاهرة".

النائبة حنين الزعبي تعتبر واحدة من أبرز أهداف التنظيم، علّقت على توعّد أعضاء التنظيم لها بالقول إن هذه التنظيمات العنصرية جزء من الجو الفاشي السائد في إسرائيل.

وأضافت: "توجد منظومة متكاملة بإسرائيل تستبيح الفلسطينيين وتعتدي عليهم دون خوف من أي عقاب قانوني" واختتمت بأن شرطة الاحتلال الإسرائيلي لا تقدم الحماية للمتظاهرين الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، قائلة: "الشرطة تحمي مَن يمارس العنف، وعلينا الرد عليهم بمبادرات ذاتية لدعم اقتصاد شعبنا واسقاط مخططاتهم".

ذات صلة

الصورة
تظاهرة في مجلس الشيوخ

سياسة

تظاهر ناشطون داخل مبنى مجلس الشيوخ الأميركي، داعين أعضاء المجلس إلى منع مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وشارك في التظاهرات مجموعات دينية وعاملون في الرعاية الصحية
الصورة
مناصرون لفلسطين يحتجون أمام مقر مؤتمرات "غوغل" في كاليفورنيا، 14 مايو 2024 (طيفون كشكون/ الأناضول)

منوعات

وثّق مركز حملة قمع مناصرة فلسطين في قطاع التكنولوجيا، من خلال جمع شهادات موظفين حاليين وسابقين في كبريات الشركات مثل "غوغل" و"ميتا".
الصورة
جرحى ومصابون بمستشفى كمال عدوان، أكتوبر 2024 (الأناضول)

مجتمع

في مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة المنكوب، يئنّ المرضى والجرحى بلا أدوية ولا تدخلات طبية، إذ تنعدم الإمكانات جراء حصار إسرائيلي مطبق وحرب إبادة متواصلة.
الصورة

سياسة

خرجت تظاهرات في باريس ضد تنظيم شخصيات يمينية متطرفة حفلاً لجمع التبرعات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كان من المقرر أن يشارك به سموتريتش.