عند دراسة تلك الحقبة تتعدّد الآراء في تفسير النظرة الشيوعية لتخطيط المدن وعمارتها، فالبعض يراها انعكاساً لرغبة الحكم في إظهار قوته، وآخرون يشيرون إلى تناقضات في اختيار تصاميم تمثّل أهواء ومدارس مختلفة، بل وصلت إلى حدّ دمج تصميمين متضادين لمبنى واحد، وبالطبع لا يكن إغفال الوظيفة الأساسية للبناء المتمثّلة بإسكان مجاني لجميع طبقات الشعب.
تعقد عند الثانية عشرة من ظهر الأحد المقبل، الثامن من الشهر الجاري، في "بيت بوشكين" في لندن ورشة بعنوان "السياسة والعمارة: القصور والحدائق وأماكن التطهر" يقدّمها أستاذ الأنثربولوجيا المتخصّص في دراسات العمران وتخطيط المدن ميشال موراوسكي.
تركّز الورشة على المعمار في روسيا وبولندا وكيف تتفاعل الهندسة المعمارية مع حياة الناس اليومية، وكيف يتم تقديمها من قبل وسطاء القوة السياسية والاقتصادية، من خلال دراسة نموذجين هما قصر ثقافة ستالين في وارسو وحديقة زارياديه في موسكو.
يتوقّف موراوسكي عند القصر الذي يعدّ من أعلى مباني العاصمة البولندية ويسمى اليوم "قصر الثقافة والعلوم" والذي شيّد بمنحة من ستالين، وصمّمه المعماري الروسي ليف رودنيف، وتمت عملية الإنشاء ما بين عامي 1952 – 1955، وبعد أكثر من سبعة عقود لا يزال المبنى يثير اعتراضات الكثيرين الذين يطلقون دعوات لهدمه.
يصل ارتفاع المبنى إلى مئة وسبعة وثمانين متراً، وتقدّر مساحته بنحو 123,084 متراً مربعاً ويزين الحجر الرملي مظهره الخارجي، ويشبه في بنائه ناطحات السحاب المماثلة التي تم شيّدت في الاتحاد السوفييتي في الحقبة نفسها.
أما حديقة زارياديه التي أعيد افتتاحها عام 2017، فقد بنيت في خمسينيات القرن الماضي كأول حديثة عامة في موسكو، وتشكّل نموذجاً أساسياً لمقارنة تصميمها بين حقبتين، وتبلغ مساحتها حوالي 78000 متر مربع، ويحمل تصميمها الجديد سمات من التراث الطبيعي الروسي بأقاليمه الأربعة: الغابات والسهول والتندرا والسهول الفيضية.