أبدى المصرف المركزي التونسي قلقا من تواصل ارتفاع العجز التجاري الذي يتزامن مع وضعية مالية صعبة تمر بها البلاد، داعيا إلى وضع خطة عاجلة للتحكم في المستوى المرتفع للعجز بعد أن قارب 6 مليارات دينار خلال النصف الأول من سنة 2016، أي نحو 3 مليارات دولار.
ولا تعد تحذيرات "المركزي" الأولى من نوعها، حيث سبق أن دعا إلى ضرورة إحكام السيطرة على الواردات للمحافظة على مخزونات المصرف من العملة الصعبة، في ظل تراجع كبير للعائدات التونسية من النقد الأجنبي وبلوغ الاحتياطي أدنى مستوياته.
وتستدعي الخطة التي دعا إلىها المصرف المركزي، وفق الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، ضبط قائمة أولية بالمواد الاستهلاكية غير الأساسية التي يمكن الاستغناء عن توريدها بالعملة الصعبة مع الاكتفاء بتوريد المواد الأولية الصناعية والمواد الأساسية للاستثمار وخلق الثروة، معتبرا أن هذه الخطة يمكن أن تأتي أكلها على المدى القريب.
ولاحظ الحطاب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن السوق التونسية تشهد ضخا كبيرا لمواد استهلاكية وكمالية يتم توريدها بالعملة الصعبة، وهو ما أدى إلى تفاقم متواصل للعجز التجاري، مشيرا إلى أن جل هذه المواد لها نظائر في الصناعة المحلية، وهو ما يؤدي إلى خسارة مضاعفة للاقتصاد، عبر استنزاف احتياطي العملة من جهة وضرب الصناعة المحلية من جهة ثانية.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الحد من العجز التجاري يتطلب أيضا رفع الصادرات بجميع أشكالها في ظل شلل جزئي لصادرات الفوسفات، معتبرا أنه من الخطأ أن تضع الدولة بيضها في سلة واحدة، مشيرا إلى أن تأثر الاقتصاد بتراجع عائدات الفوسفات مرده عدم تنويع مصادر الدخل في الوقت الذي تزخر فيه البلاد بإمكانيات تصديرية كبيرة ومتنوعة، وفق قوله، مشددا على ضرورة المراهنة أكثر على الصادرات الزراعية.
وتوقع الحطاب أن يشدد المصرف المركزي في المرحلة القادمة على تصاريح التوريد مكتفيا بالواردات الأساسية إلى حدود نهاية العام الحالي على الأقل.
ووعد وزير التجارة في حكومة تصريف الأعمال، محسن حسن، بإيجاد آليات جديدة دافعة للتصدير مع التركيز أكثر على السوق الأفريقية، حيث تقترب تونس من الانضمام للتجمع الاقتصادي الأفريقي الذي يضم 500 مليون مستهلك، فضلا عن دعم التعاون مع الشريك الكلاسيكي الأوروبي، مع بحث إمكانية إحداث بنك للتجارة الخارجية، تكون مهمته دعم التجارة الخارجية.
وشهد العجز التجاري لتونس، خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2016، حسب بيانات نشرها معهد الإحصاء (مؤسسة حكومية للإحصاء)، تراجعا بنسبة 1.3% ليبلغ 6856.3 مليون دينار، مقابل 6943.1 مليون دينار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، أي نحو 3430 مليون دولار، مقابل 3471 مليون دينار في يوليو/ تموز 2015.
ووفقاً للأرقام التي أدلى بها المعهد التونسي للإحصاء، فإن العجز التجاري التونسي سيستمر مرتفعاً رغم تقلص طفيف قدّر بـ1.3% خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2016.