يرتكز "المطلوبون الـ 18" (إنتاج فلسطيني كندي فرنسي مشترك، 2014، 75 دقيقة)، الفيلم الوثائقي المتخيّل للثنائي الفلسطيني عامر الشوملي والكندي بول كووان، على ثنائية سينمائية في مقاربة موضوع إنساني بحت، لكنه مفتوح على السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، في بيئة محتلّة. ثنائية تمارس براعة الصورة في سرد الحكاية، وتجعل من التقنيات أنماط تعبير تتكامل مع السرد نفسه في توثيق واقع، وفي الإضاءة على فصل من فصول المواجهة الفلسطينية المدنية السلمية ضد احتلال إسرائيلي، لا يتردّد أبداً في استخدام شتّى وسائل العنف لتثبيت سيطرته على شعب أعزل، يمتلك من مقوّمات الصمود المعنوي ما تعجز آلة القتل الإسرائيلي عن صدّه، أو عن تخفيف حدّته على الأقلّ. ثنائية تتشكّل سينمائياً من الوثائقيّ أولاً، المُكوَّن من مفردات الصنيع الفني التوثيقي المتمثّل بلقاءات مع أناس يعرفون الواقعة المختارة للموضوع، ويروون بعض مشاهداتهم وانفعالاتهم ومعايناتهم إياها بأشكال مختلفة في أمكنة حدوثها؛ وتتشكّل من التحريك ثانياً، المنفلش على مساحات واسعة من الحيّز البصري السينمائي للفيلم، الذي يستعيد عبره (أي عبر التحريك) فصولاً من الحكاية المروية على ألسنة من يُدركون الوقائع والتفاصيل، لكن من وجهة نظر "شخصيات" أخرى.
حكاية مقاومة سلمية وساخرة
غير أنّ الفيلم نفسه لن يبقى أسير فكرة المقاومة السلمية، المستلّة أصلاً من واقع تعرفه المدينة الفلسطينية "بيت ساحور" (ذات الأغلبية المسيحية) في العام الثاني للانتفاضة الأولى (المنطلقة فعلياً في 8 ديسمبر/ كانون الأوّل 1987 من جباليا في قطاع غزّة، والمتوقّفة نهائياً إثر التوقيع على "اتفاقية أوسلو" في 13 سبتمبر / أيلول 1993 بين القائد الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس حكومة إسرائيل إسحاق رابين، برعاية الرئيس الأميركي بل كلينتون)، وهو واقع يبلغ أروقة مجلس الأمن الدولي، الذي يتناوله أعضاؤه في جلسة علنية. ولئن تُشكّل المقاومة السلمية لجنود الاحتلال ركيزة أولى، أو بالأحرى إحدى الركائز الأساسية للنصّ الدرامي، فإن السخرية الفلسطينية تحتل مكانة رفيعة المستوى في عملية المواجهة نفسها، إذ يبرع فلسطينيون عديدون في تحويلها إلى أداة مقارعة عملية ويومية لا تقلّ قسوة عن أدوات أخرى في المسار الطويل للصراع المدني. سخرية نابعة من حسّ إنساني مرهف لدى الفلسطينيين، في ظلّ حالات قمع وعنف وتنكيل تتفوّق دولة الاحتلال الإسرائيلي على نفسها، أحياناً، في ممارستها عليهم. والفيلم، بهذا المعنى، لن يتجاوز الحسّ الساخر لديهم إلّا في محاولة بصرية إنسانية متكاملة لإيجاد أفضل التعابير السينمائية الممكنة عنه، لأنه أساسيّ في فعل المواجهة، ولأنه يتساوى وأشكال الانتفاض السلميّ أيضاً.
القصّة الواقعية "عادية"، من منظار البحث الفلسطيني الدائم عن سبل مواجهة الاحتلال: بعد نحو عام واحد على بداية الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة)، يُقرّر أبناء بلدة "بيت ساحور" (كيلومتر واحد إلى الشرق من "بيت لحم" في الضفّة الغربية) مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وتحديداً الحليب، الذي تؤمّنه لهم شركة إسرائيلية مُصنِّعة له اسمها "تنوفا". يريدون استبدال المنتج الإسرائيلي بآخر فلسطيني، ويريدون تسميته "حليب الانتفاضة". يشترون 18 بقرة من تاجر إسرائيلي، ويبدأون العمل بالتزامن مع تنفيذهم خططاً عملية لدعم المقاطعة هذه، تمتد على أساليب العيش اليومي برمّته (طبابة، تعليم، زراعة، إلخ.). هذا يُشكّل عبئاً على الإسرائيليين، يدفع جنودهم إلى البلدة بحثاً عن الأبقار الـ 18، التي "تُهدّد الأمن القومي الإسرائيليّ"، بحسب القيادة العسكرية الإسرائيلية. البحث بحدّ ذاته مُصوّر بأسلوب التحريك، الزاخر بمواقف ساخرة ومُضحكة، انطلاقاً من حنكة الفلسطيني في التصدّي للإسرائيليّ. الشخصيات المختارة تروي أمام الكاميرا فصولاً متنوّعة من الواقعة، ويُعيد بعضها "تمثيل" الحدث في الأمكنة نفسها. شخصيات أخرى تمارس حياتها اليومية في منازلها، أو على الشرفات مثلاً، التي يمرّ الجنود الإسرائيليون تحتها، بينما يتابع الفلسطينيون حياتهم بشكل طبيعي، فيأكلون اللحم المشوي، ويشربون العرق، ويدخّنون السجائر، ويتحدّثون ويضحكون بعضهم مع البعض الآخر، كأن شيئاً آخر لا يحدث، أو كأن "أحداً" آخر غير موجود بتاتاً في أزقّة بلدتهم، وتحت شرفات منازلهم.
تقنيات ومتخيّل
للأبقار الـ 18 نفسها مساحة للبوح الذاتيّ. الاشتغال بتقنية التحريك مُساهم بصري جميل للحكاية برمّتها. يقول أحد رجال البلدة إنه يتذكّر مشاهدته دمعاً في عيني إحدى الأبقار في لحظة العمل على تسليمها أو تهريبها. التحريك يتّخذ هنا منحى مغايراً. الكوميديا الساخرة متساوية وتفاصيل المسار الإسرائيلي بحثاً عن "المطلوبين". لكن الجانب الإنساني الحزين والقاسي حاضرٌ بدوره أيضاً. حكاية الشهيد أنطون الشوملي، شقيق المخرج، جزءٌ من فعل المقاومة أيضاً. السرد الذي يتفوّه به الراوي/ المخرج مرآة شفّافة لطبيعة العيش في بلدة محتلّة، لكنها تأبى الخضوع للمحتلّ. الحشد البشريّ المتدفّق إلى الكنيسة وباحتها والشوارع المؤدّية إليها نقيض شعور خاصّ بالمخرج، مفاده أن لا أحد سيُشارك في الجنازة. أشكال التحدّي عديدة. أفعال المقاومة السلمية ضد إسرائيل متنوّعة.
الجانب التوثيقيّ البحت مشغول بحرفية باحث عن مفردات الحكاية وحقائقها، بصرياً وفنياً وتصويرياً، وبحرفية موثِّق يستند إلى التوثيق لأرشفة الذاكرتين الفردية والجماعية، من دون التخلّي عن جماليات سينمائية في صناعة صورة وثائقية (الذهاب إلى أمكنة الحكايات مثلاً، ومحاولة تخيّلها بصرياً في إطار السرد الشفهي لتفاصيلها) تتحرّر من وطأة المحكيّ ـ المطلوب أصلاً، لكن الموضوع في سياق سينمائي متماسك يمنعه من الغرق في ثرثرة لا فائدة منها ـ وتلتقط النبض المعتمل في هاتين الذاكرتين. تأتي الكاميرا إلى الشخصيات المختارة، وتستمع إلى حكاياتها المتكاملة في سردها الواقعة كلّها، وتُقسِّم الحكايات هذه في سياق درامي يمتزج فيه المتخيّل التحريكي، المصنوع من دمى، والملتَقَط بالأسود والأبيض. التداخل هذا كفيلٌ بمنح الفيلم حيويته الفنية والجمالية، وقابلٌ لأن يدعم النصّ المكتوب بشفافية انفعالية مضبوطة، وبتصوير متلائم والحسّ الإنسانيّ المدعَّم بحقائق وشهادات وتفاصيل.
"المطلوبون الـ 18" لعامر الشوملي وبول كووان شهادة سينمائية بديعة، تروي حكاية فلسطينية بألسنة صانعيها وشاهدين عليها. وقد تمّ ترشيح الفيلم أخيرًا إلى جائزة الأوسكار العالمية.
تواريخ عرض
يُعرض "المطلوبون الـ 18" للمرة الأولى دولياً في برنامج "الأفلام الوثائقية"، في الدورة الـ 39 (4 ـ 14 سبتمبر 2014) لـ "مهرجان تورنتو السينمائيّ الدولي". يفوز بجائزة "أفضل فيلم وثائقي في العالم العربي" في الدورة الـ 8 (23 أكتوبر ـ 1 نوفمبر 2014) لـ "مهرجان أبوظبي السينمائيّ"، وبجائزة "أفضل فيلم وثائقي" في الدورة الـ 25 (29 نوفمبر ـ 6 ديسمبر 2014) لـ "أيام قرطاج السينمائية".
العصيان المدني في بيت ساحور
تعدّ تجربة العصيان المدني في بلدة بيت ساحور، واحدة من أشهر التجارب. إذ قام سكان المنطقة بتسليم الحاكم العسكري الإسرائيلي هوّياتهم، كإجراء مقاوم ضدّ دفع الضرائب للاحتلال. أسقط في يد الحاكم العسكري، إذ إنّ تخلّص السكان من هوياتهم يعني بالنسبة للاحتلال، إضعاف قدرته في التعرّف إلى السكان ومراقبتهم.
وليس موضوع فيلم "المطلوبون الـ 18" منبتّ الصلة عن هذا العصيان المدني واقعًا، إذ إن القصة حقيقية وترد في أدبيات المقاومة السلمية الفلسطينية، ونجدها أيضًا في النسخة العربية من الموسوعة المفتوحة ويكيبيديا: "حاول الفلسطينيون في منطقة بيت ساحور أيضا إنشاء مزرعة للأبقار بتكاتفٍ مادي من السكان، قابلته إسرائيل بمحاولات متكررة عسكرية لإغلاقه والتخلص منه لما كان يمثّله من تحدٍ لسيطرة الاقتصاد الإسرائيلي على السوق الاستهلاكي الفلسطيني، أصبح في عدة حالات مثيرًا للضحك لدى الفلسطينيين الذين كانوا "يهرّبون" أبقارهم في الليل بينما تقوم دوريات عسكرية بالبحث عن الأبقار".
(كاتب لبناني)
حكاية مقاومة سلمية وساخرة
غير أنّ الفيلم نفسه لن يبقى أسير فكرة المقاومة السلمية، المستلّة أصلاً من واقع تعرفه المدينة الفلسطينية "بيت ساحور" (ذات الأغلبية المسيحية) في العام الثاني للانتفاضة الأولى (المنطلقة فعلياً في 8 ديسمبر/ كانون الأوّل 1987 من جباليا في قطاع غزّة، والمتوقّفة نهائياً إثر التوقيع على "اتفاقية أوسلو" في 13 سبتمبر / أيلول 1993 بين القائد الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس حكومة إسرائيل إسحاق رابين، برعاية الرئيس الأميركي بل كلينتون)، وهو واقع يبلغ أروقة مجلس الأمن الدولي، الذي يتناوله أعضاؤه في جلسة علنية. ولئن تُشكّل المقاومة السلمية لجنود الاحتلال ركيزة أولى، أو بالأحرى إحدى الركائز الأساسية للنصّ الدرامي، فإن السخرية الفلسطينية تحتل مكانة رفيعة المستوى في عملية المواجهة نفسها، إذ يبرع فلسطينيون عديدون في تحويلها إلى أداة مقارعة عملية ويومية لا تقلّ قسوة عن أدوات أخرى في المسار الطويل للصراع المدني. سخرية نابعة من حسّ إنساني مرهف لدى الفلسطينيين، في ظلّ حالات قمع وعنف وتنكيل تتفوّق دولة الاحتلال الإسرائيلي على نفسها، أحياناً، في ممارستها عليهم. والفيلم، بهذا المعنى، لن يتجاوز الحسّ الساخر لديهم إلّا في محاولة بصرية إنسانية متكاملة لإيجاد أفضل التعابير السينمائية الممكنة عنه، لأنه أساسيّ في فعل المواجهة، ولأنه يتساوى وأشكال الانتفاض السلميّ أيضاً.
القصّة الواقعية "عادية"، من منظار البحث الفلسطيني الدائم عن سبل مواجهة الاحتلال: بعد نحو عام واحد على بداية الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة)، يُقرّر أبناء بلدة "بيت ساحور" (كيلومتر واحد إلى الشرق من "بيت لحم" في الضفّة الغربية) مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وتحديداً الحليب، الذي تؤمّنه لهم شركة إسرائيلية مُصنِّعة له اسمها "تنوفا". يريدون استبدال المنتج الإسرائيلي بآخر فلسطيني، ويريدون تسميته "حليب الانتفاضة". يشترون 18 بقرة من تاجر إسرائيلي، ويبدأون العمل بالتزامن مع تنفيذهم خططاً عملية لدعم المقاطعة هذه، تمتد على أساليب العيش اليومي برمّته (طبابة، تعليم، زراعة، إلخ.). هذا يُشكّل عبئاً على الإسرائيليين، يدفع جنودهم إلى البلدة بحثاً عن الأبقار الـ 18، التي "تُهدّد الأمن القومي الإسرائيليّ"، بحسب القيادة العسكرية الإسرائيلية. البحث بحدّ ذاته مُصوّر بأسلوب التحريك، الزاخر بمواقف ساخرة ومُضحكة، انطلاقاً من حنكة الفلسطيني في التصدّي للإسرائيليّ. الشخصيات المختارة تروي أمام الكاميرا فصولاً متنوّعة من الواقعة، ويُعيد بعضها "تمثيل" الحدث في الأمكنة نفسها. شخصيات أخرى تمارس حياتها اليومية في منازلها، أو على الشرفات مثلاً، التي يمرّ الجنود الإسرائيليون تحتها، بينما يتابع الفلسطينيون حياتهم بشكل طبيعي، فيأكلون اللحم المشوي، ويشربون العرق، ويدخّنون السجائر، ويتحدّثون ويضحكون بعضهم مع البعض الآخر، كأن شيئاً آخر لا يحدث، أو كأن "أحداً" آخر غير موجود بتاتاً في أزقّة بلدتهم، وتحت شرفات منازلهم.
تقنيات ومتخيّل
للأبقار الـ 18 نفسها مساحة للبوح الذاتيّ. الاشتغال بتقنية التحريك مُساهم بصري جميل للحكاية برمّتها. يقول أحد رجال البلدة إنه يتذكّر مشاهدته دمعاً في عيني إحدى الأبقار في لحظة العمل على تسليمها أو تهريبها. التحريك يتّخذ هنا منحى مغايراً. الكوميديا الساخرة متساوية وتفاصيل المسار الإسرائيلي بحثاً عن "المطلوبين". لكن الجانب الإنساني الحزين والقاسي حاضرٌ بدوره أيضاً. حكاية الشهيد أنطون الشوملي، شقيق المخرج، جزءٌ من فعل المقاومة أيضاً. السرد الذي يتفوّه به الراوي/ المخرج مرآة شفّافة لطبيعة العيش في بلدة محتلّة، لكنها تأبى الخضوع للمحتلّ. الحشد البشريّ المتدفّق إلى الكنيسة وباحتها والشوارع المؤدّية إليها نقيض شعور خاصّ بالمخرج، مفاده أن لا أحد سيُشارك في الجنازة. أشكال التحدّي عديدة. أفعال المقاومة السلمية ضد إسرائيل متنوّعة.
الجانب التوثيقيّ البحت مشغول بحرفية باحث عن مفردات الحكاية وحقائقها، بصرياً وفنياً وتصويرياً، وبحرفية موثِّق يستند إلى التوثيق لأرشفة الذاكرتين الفردية والجماعية، من دون التخلّي عن جماليات سينمائية في صناعة صورة وثائقية (الذهاب إلى أمكنة الحكايات مثلاً، ومحاولة تخيّلها بصرياً في إطار السرد الشفهي لتفاصيلها) تتحرّر من وطأة المحكيّ ـ المطلوب أصلاً، لكن الموضوع في سياق سينمائي متماسك يمنعه من الغرق في ثرثرة لا فائدة منها ـ وتلتقط النبض المعتمل في هاتين الذاكرتين. تأتي الكاميرا إلى الشخصيات المختارة، وتستمع إلى حكاياتها المتكاملة في سردها الواقعة كلّها، وتُقسِّم الحكايات هذه في سياق درامي يمتزج فيه المتخيّل التحريكي، المصنوع من دمى، والملتَقَط بالأسود والأبيض. التداخل هذا كفيلٌ بمنح الفيلم حيويته الفنية والجمالية، وقابلٌ لأن يدعم النصّ المكتوب بشفافية انفعالية مضبوطة، وبتصوير متلائم والحسّ الإنسانيّ المدعَّم بحقائق وشهادات وتفاصيل.
"المطلوبون الـ 18" لعامر الشوملي وبول كووان شهادة سينمائية بديعة، تروي حكاية فلسطينية بألسنة صانعيها وشاهدين عليها. وقد تمّ ترشيح الفيلم أخيرًا إلى جائزة الأوسكار العالمية.
تواريخ عرض
يُعرض "المطلوبون الـ 18" للمرة الأولى دولياً في برنامج "الأفلام الوثائقية"، في الدورة الـ 39 (4 ـ 14 سبتمبر 2014) لـ "مهرجان تورنتو السينمائيّ الدولي". يفوز بجائزة "أفضل فيلم وثائقي في العالم العربي" في الدورة الـ 8 (23 أكتوبر ـ 1 نوفمبر 2014) لـ "مهرجان أبوظبي السينمائيّ"، وبجائزة "أفضل فيلم وثائقي" في الدورة الـ 25 (29 نوفمبر ـ 6 ديسمبر 2014) لـ "أيام قرطاج السينمائية".
العصيان المدني في بيت ساحور
تعدّ تجربة العصيان المدني في بلدة بيت ساحور، واحدة من أشهر التجارب. إذ قام سكان المنطقة بتسليم الحاكم العسكري الإسرائيلي هوّياتهم، كإجراء مقاوم ضدّ دفع الضرائب للاحتلال. أسقط في يد الحاكم العسكري، إذ إنّ تخلّص السكان من هوياتهم يعني بالنسبة للاحتلال، إضعاف قدرته في التعرّف إلى السكان ومراقبتهم.
وليس موضوع فيلم "المطلوبون الـ 18" منبتّ الصلة عن هذا العصيان المدني واقعًا، إذ إن القصة حقيقية وترد في أدبيات المقاومة السلمية الفلسطينية، ونجدها أيضًا في النسخة العربية من الموسوعة المفتوحة ويكيبيديا: "حاول الفلسطينيون في منطقة بيت ساحور أيضا إنشاء مزرعة للأبقار بتكاتفٍ مادي من السكان، قابلته إسرائيل بمحاولات متكررة عسكرية لإغلاقه والتخلص منه لما كان يمثّله من تحدٍ لسيطرة الاقتصاد الإسرائيلي على السوق الاستهلاكي الفلسطيني، أصبح في عدة حالات مثيرًا للضحك لدى الفلسطينيين الذين كانوا "يهرّبون" أبقارهم في الليل بينما تقوم دوريات عسكرية بالبحث عن الأبقار".
(كاتب لبناني)