27 سبتمبر 2018
"المظلومية السنية" في سورية
بعد أربع سنوات من الثورة في سورية، أصبح الأمر يتعلق بـ "مظلومية سنية"، وليس بثورة ضد نظام استبدادي مافيوي، حيث بات الأمر يتعلق بـ "حق طبيعي" لـ "الأكثرية السنية" أن تكون الحاكمة، لكن "الأقلية العلوية" استأثرت بالسلطة. هذا منظور أستاذ كبير، هو صادق جلال العظم، لكنه بات يتكرر من "نخب" وأناس ركبوا الثورة، ويراد لنا أن نقرّ بأنه حقيقة باتّة، لا نقاش فيها.
إذن، لسنا إزاء ثورة شعبية من أجل "الحرية والكرامة"، كما يتكرر، بل نحن إزاء حراك "السنة" من أجل استعادة "موقعهم الطبيعي كأكثرية" في السيطرة على السلطة. بالتالي، عدنا إلى فكرة أن "الثورة سنية ضد نظام علوي"، الفكرة التي حكمت قطاعاً من المعارضة، وأرادت للثورة أن تكون كذلك، وبالتالي، أسهمت في إيصالنا إلى تمدد داعش وجبهة النصرة وجيش الإسلام وكل الأصوليات المدمرة.
إذا انطلقنا من هذا المنظور، يمكن، أولاً، أن نبرر ما جرى في العراق، حيث انطلق قطاع طائفي من الشيعة من فكرة "المظلومية الشيعية" التي حكمتها "أقلية سنية". وبالتالي، أن نقبل ما جرى هناك. وهذا مناقض للواقع، و"رجعي" بكل معنى الكلمة، حيث أعاد العراق قروناً إلى الوراء.
وثانياً، كيف نبرر التصاق تجار دمشق وحلب "السنة" بالنظام إلى الآن، ولهم نصيب في السلطة، بغض النظر عن النسب الحاكمة بينهم وبين المافيا التي تشكلت من قلب السلطة، وتحكم الثانية بالأولى. دافعوا عن السلطة وما زالوا، وفي ذلك يدافعون عن سلطتهم، وليس عن "نظام علوي".
وثالثاً، مناطق الساحل السوري في ظل "النظام العلوي" من أفقر مناطق سورية، أي أنها لم تكن مستفيدة من السلطة، كما يستفيد تجار دمشق وحلب. وإذا كان سكانها وقفوا، كما يقال، مع السلطة فيجب أن نبحث عن السبب، لا أن نركن إلى تحليل طائفي مسبق، يقسم الشعب إلى طوائف. وكانت فكرة أن الثورة سنية ضد نظام علوي من المسائل التي أخافت هؤلاء (إضافة إلى نشاط إخواني وضخ إعلامي أصولي، يريد أسلمة الثورة، وتهافت نخب إزاء هذا الضخ الإعلامي). حيث بدل أن تُطرح المطالب الحقيقية، جرى العمل على طرح منظور يقوم على أساس طائفي.
هنا، أقول إن المظلومية، إذا اردنا استخدام هذا التعبير، هي مظلومية الفئات المفقرة التي نهبتها البرجوازية المسيطرة بشقيها، "السني والعلوي"، وليست مظلومية طائفة يعتقد بعضهم أن حقها الطبيعي أن تكون هي السلطة (أي أن يكونوا هم السلطة تحديداً).
وكان التنظير لمفهومي الأغلبية والأقلية، بالمعنى الديني الذي بدأ مع برهان غليون في كتابه "بيان من أجل الديمقراطية"، يقود إلى هذا التصور عن المظلومية، حيث ترسّخ، بناءً على ذلك، لدى قطاع من النخب، فهم يقوم على قسم الصراع إلى أغلبية سنية ضد نظام علوي، وهو تصوّر يظهر الآن بشكل فاقع، مستغلاً أن بيئة الثورة كانت في "المناطق السنية"، من دون سؤال عن سبب الشغل العنيد من السلطة والإخوان المسلمين والدول الإقليمية على حشر الثورة هنا، والعمل على إعطائها هذا التوصيف.
بالعودة إلى "المظلومية السنية"، أقول إن داعش والنصرة وجيش الإسلام تحكم باسم السنة، وعمر البشير في السودان يحكم باسم السنة، وهي كلها ضد شعوبها، تنهبها وتستبد بها. بمعنى أن المظلومية هي الغطاء لنظم مستبدة ناهبة أصولية (كما في إيران والعراق). ولا يتعلق الأمر بمظلومية طائفة، بل بظلم شعب من خلال نهبه وقمعه، وما يتكرر في سورية يهدف إلى ذلك، حيث تسعى فئات، باسم المظلومية، إلى السيطرة على السلطة، وممارسة ممارساتها.
لنعد، إذن، إلى الشعار الذي رفعه الشباب: "لا سلفية ولا إخوان، الثورة ثورة شبّان". شبان معطلون، مفقرون، مهمشون، ومقموعون. هؤلاء هم من صنع الثورة.
إذا انطلقنا من هذا المنظور، يمكن، أولاً، أن نبرر ما جرى في العراق، حيث انطلق قطاع طائفي من الشيعة من فكرة "المظلومية الشيعية" التي حكمتها "أقلية سنية". وبالتالي، أن نقبل ما جرى هناك. وهذا مناقض للواقع، و"رجعي" بكل معنى الكلمة، حيث أعاد العراق قروناً إلى الوراء.
وثانياً، كيف نبرر التصاق تجار دمشق وحلب "السنة" بالنظام إلى الآن، ولهم نصيب في السلطة، بغض النظر عن النسب الحاكمة بينهم وبين المافيا التي تشكلت من قلب السلطة، وتحكم الثانية بالأولى. دافعوا عن السلطة وما زالوا، وفي ذلك يدافعون عن سلطتهم، وليس عن "نظام علوي".
وثالثاً، مناطق الساحل السوري في ظل "النظام العلوي" من أفقر مناطق سورية، أي أنها لم تكن مستفيدة من السلطة، كما يستفيد تجار دمشق وحلب. وإذا كان سكانها وقفوا، كما يقال، مع السلطة فيجب أن نبحث عن السبب، لا أن نركن إلى تحليل طائفي مسبق، يقسم الشعب إلى طوائف. وكانت فكرة أن الثورة سنية ضد نظام علوي من المسائل التي أخافت هؤلاء (إضافة إلى نشاط إخواني وضخ إعلامي أصولي، يريد أسلمة الثورة، وتهافت نخب إزاء هذا الضخ الإعلامي). حيث بدل أن تُطرح المطالب الحقيقية، جرى العمل على طرح منظور يقوم على أساس طائفي.
هنا، أقول إن المظلومية، إذا اردنا استخدام هذا التعبير، هي مظلومية الفئات المفقرة التي نهبتها البرجوازية المسيطرة بشقيها، "السني والعلوي"، وليست مظلومية طائفة يعتقد بعضهم أن حقها الطبيعي أن تكون هي السلطة (أي أن يكونوا هم السلطة تحديداً).
وكان التنظير لمفهومي الأغلبية والأقلية، بالمعنى الديني الذي بدأ مع برهان غليون في كتابه "بيان من أجل الديمقراطية"، يقود إلى هذا التصور عن المظلومية، حيث ترسّخ، بناءً على ذلك، لدى قطاع من النخب، فهم يقوم على قسم الصراع إلى أغلبية سنية ضد نظام علوي، وهو تصوّر يظهر الآن بشكل فاقع، مستغلاً أن بيئة الثورة كانت في "المناطق السنية"، من دون سؤال عن سبب الشغل العنيد من السلطة والإخوان المسلمين والدول الإقليمية على حشر الثورة هنا، والعمل على إعطائها هذا التوصيف.
بالعودة إلى "المظلومية السنية"، أقول إن داعش والنصرة وجيش الإسلام تحكم باسم السنة، وعمر البشير في السودان يحكم باسم السنة، وهي كلها ضد شعوبها، تنهبها وتستبد بها. بمعنى أن المظلومية هي الغطاء لنظم مستبدة ناهبة أصولية (كما في إيران والعراق). ولا يتعلق الأمر بمظلومية طائفة، بل بظلم شعب من خلال نهبه وقمعه، وما يتكرر في سورية يهدف إلى ذلك، حيث تسعى فئات، باسم المظلومية، إلى السيطرة على السلطة، وممارسة ممارساتها.
لنعد، إذن، إلى الشعار الذي رفعه الشباب: "لا سلفية ولا إخوان، الثورة ثورة شبّان". شبان معطلون، مفقرون، مهمشون، ومقموعون. هؤلاء هم من صنع الثورة.