ضمن قراءة المستعربين في أكثر من جامعة غربية لتاريخ الحركات الإسلامية، ظهر مفهوم "ما بعد الإسلاموية" بوصفه منظوراً لإعادة تقييم تجارب هذه الحركات، ودراسة القوى الكامنة وراء تحولاتها وتغيراتها في سياقاتها الاجتماعية والسياسية، في محاولة لفهم واستشراف مستقبلها.
لا يزال المفهوم مثيراً للجدل في الأوساط الأكاديمية الغربية بعد تداوله حوالي عقدين، حيث مثّلت الانتفاضات العربية عام 2011 محطّة جديرة بالدراسة في هذا السياق مع تتعدّد القراءات حول كيفية تطوّر التيارات الإسلامية وشكل المشروع الاجتماعي السياسي الذي ستتبناه في فترة لاحفة.
تعدّ لوز غوميز (1967) أستاذة الدراسات العربية والإسلامية في "جامعة مدريد المستقلة" إحدى أبرز الباحثات في هذا الحقل، وقد قدّمت عدّة مؤلفات ودراسات آخرها كتاب "بين الشريعة والجهاد: تاريخ فكري للإسلاموية" الذي صدر حديثاً عن "منشورات كاتاراتا" في العاصمة الإسبانية.
يستضيف "البيت العربي" في مدريد عند السابعة من مساء غدٍ الثلاثاء المؤلّفة للحديث عن كتابها، إلى جانب كلّ من لورا غاليان؛ الباحثة في الدراسات العربية في "جامعة غرناطة"، وكارلوس كانيتي؛ أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في "جامعة مدريد المستقلة".
تقوم فكرة الكتاب الأساسية على أن "بناء الجنة على الأرض مما يجعل منها مسكناً وحياة مستدامة، هذه هي المهمة التي أوكلها الله للبشرية وفقاً للإسلام، وأن الشريعة هي الطريق أو الطريق نحو الامتثال لهذه الولاية الإلهية".
وتوضّح الباحثة أنه "بعد أربعة عشر قرناً في الوقت الذي يعلن فيه ما يقرب من 1.8 مليار شخص أنهم مسلمون، فإن الشريعة لم تقل شرعيتها ولها دور كبير بين الأفكار الإسلامية، ولم يتوقف تعريفها وتطبيقها ومناقشتها بين مفكري الإسلام والناشطين الساسيين الذي يتبنون أيديولوجية دينية او يسترشدون بها".
يتناول الكتاب تاريخ الأفكار والمفاهيم في الإسلام منذ ظهور دعوات وتنظيرات حول الإصلاح الديني في القرن التاسع عشر مروراً بفترة الاستعمار ثم الاستقلال وما حدث من انقسامات وتناقضات بين التيارات السياسية الأساسية، وصولاً إلى بروز السلفية السياسية وآخر نسخها في القرن الحادي والعشرين، إضافة إلى تحليل كلّ من الإنتاج النظري للمنظمات والأحزاب السياسية وما طرأ عليها من تغيرات في التنظير أو التطبيق أثناء الممارسة العملية.