ضمن مقارباتها المتعدّدة في حقل العلوم الإنسانية، يعاين العدد 22 من دورية "تبيّن" (خريف 2017)، العلمية المحكّمة التي تُعنى بالدراسات الفكرية والثقافي، سؤال الأخلاق في الحضارة العربية الإسلامية في محور خاص، عبر اختيار بعض الدراسات المشاركة في "المؤتمر السنوي للعلوم الإنسانية والاجتماعية" الذي عقده "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في آذار/ مارس الماضي.
تُفتتح الدورية بدراسة للمفّكر الفلسطيني فهمي جدعان بعنوان "مُرَكَّب أخلاقي حديث للمستقبل العربي"، أشار فيها إلى أن الحضارة العربية الإسلامية استطاعت تطوير مقاربة أخلاقية عملية جديدة تعالَق فيها الديني مع السياسي، وهو ما جعلها فيما بعد مرجعية أساسية للفكر السياسي عند أهل السنة والجماعة، منوّهاً إلى أن سؤال الأخلاق لم يحظ بأهمية كبيرة، إلا إذا استثنينا بعض الأعمال المحسوبة على فلسفة التربية، وألحّ على ضرورة أن ينفتح الفكر الأخلاقي المعاصر على التطورات الكونية ولا يبقى رهيناً للمفاهيم الكلاسيكية التي خط معالمها فلاسفة الإغريق قديماً.
حملت دراسة الباحث التونسي حمادي الذويب عنوان "إشكالية منزلة الأخلاق في المدونة الأصولية الفقهية"، وجاءت في أقسام ثلاثة، درست بعض القيم التي انبنت عليها الرؤى والنظريات الأصولية، وعلاقة بعض أصول التشريع الفرعية بالبعد القيمي وما تثيره هذه الصلة من إشكاليات ومطارحات، وأزمة القيم في المنظومة الأصولية وبروز الحاجة إلى تجديدها في الفكر الإسلامي الحديث.
أما الباحث الموريتاني مولاي أحمد مولاي عبد الكريم جعفر فرصد "أخلاق التعقّل في فلسفة الفارابي وراهنيتها في الفكر الفلسفي العربي المعاصر" باعتباره ممارسة عملية فعلية من منطلق مقاربة عقلية للأخلاق، تضاهي الأخلاق الأرسطية، من خلال وضعه نظرية متكاملة في أخلاق التعقل، وذهب الباحث التونسي محمد بوهلال إلى دراسة "الأخلاق في الحداثة من النطاق الثانوي إلى النطاق المركزي مقاربة وائل حلّاق" حيث ناقش فرضية حلاّق في كتابه "الدولة المستحيلة".
في دراسته "هل تكون المُواطَنة مدخلاً إلى أخلاقيّة عربيّة ناجعة؟ بحث في وضْعنة القيمة"، يتساءل الباحث التونسي علي الصالح مولى، عن الإمكانات التي ينبغي تجنيدها حتى تنفصل أخلاقيّة القديم عن أخلاقيّة الحداثة، من أجل الوقوع على الفرص الحقيقيّة لصياغة إطار معرفيّ وسلوكيّ تنشأ داخله المُواطنَةُ قيمةً تقطع مع ما سبقها من تصوّرات.
تضمّن العدد أيضاً مراجعتين لكتابي "استبانة" لـ عبد الله العروي قام بها الحبيب استاتي زين الدين، و"مبحث المقولات في فلسفة ابن رشد" لـ عبد العزيز لعمول تولّى مراجعته يوسف بن عدي، إلى جانب تقرير حول "ندوة الكويت في حوار الأديان" التي عقدت في أيول/ سبتمبر الماضي، وأعدّه فردريك معتوق.