نشطت طوال شهر آذار/ مارس المنقضي، والأيام الأولى من الشهر الجاري، أخبار الإصدارات الجديدة في تونس. يقف وراء هذا التنشّط قرب موعد الدورة 34 من "معرض تونس الدولي للكتاب" الذي يفتتح اليوم ويستمر عشرة أيام، وبما أنه "السوق" الرئيسية لصناعة النشر في البلاد، فمن الطبيعي أن تعدّل مؤسسات النشر المحلية أجنداتها عليه.
هذه الوضعية تعبّر من جهة عن محورية "المعرض" في منظومة الكتاب في تونس، ولكن من جهة أخرى تشير إلى نزعة موسمية تتأكّد سنة بعد أخرى، حيث ينخفض عدد الإصدارات بشكل ملحوظ فيما تبقى من السنة.
المعرض لا يقدّم نفسه فقط كموعد لـ"تنشيط" الكتاب كبضاعة وكقيمة معرفية، إذ يأتي أيضاً لتنشيط كامل الحياة الثقافية في تونس، وكثيراً ما استعملت عبارة "مهرجان ثقافي" من قبل منظّميه، فهو مناسبة لكثير من الأنشطة الثقافية بين محاضرات ونقاشات وورش وحفلات توقيع وغيرها.
من البرنامج الثقافي للدورة الحالية نجد مجموعة من الندوات ذات البعد العربي، مثل ندوة "الرواية الفلسطينية وذاكرة الداخل والشتات" (وهي أوّل فعالية تقام في المعرض، الساعة الرابعة عصر اليوم) و"كتابات الأسيرات الفلسطينيات" و"الأدب الكردي المكتوب بالعربية" و"إبداعات عربية في بلدان الشتات"، وأيضاً يمكن أن نلاحظ وجود عدد كبير من الفعاليات المخصّصة للكتابة النسائية، بالإضافة إلى "تثمين" الكتاب التونسي والاستعادات المختلفة.
ضيف الشرف هذا العام سيكون الجزائر، وهو خيار يؤكّد أن "معرض تونس" يفضّل البقاء في خيارات ثقافية قريبة بطبعها من المشهد التونسي، ويذكر هنا أن ضيفي شرف الدورتين السابقتين كانا فرنسا ولبنان.
لعلّ أبرز ما يمكن ملاحظته على مستوى الضيوف المشاركين، هو الحضور المكثّف لأسماء حازت على جوائز أدبية في السنوات الأخيرة مثل الجزائريين كمال داود وواسيني الأعرج، وآخر متوّجي "البوكر"؛ الفلسطيني ربعي المدهون والسعودي محمد حسن علوان، ويمكن أن نضيف لهما اسم شكري المبخوت، وإن شارك في المعرض في موقع مختلف تماماً، باعتباره مدير هذه الدورة.
يبقى أن البرنامج الثقافي للمعرض، وكل ما يقدّمه المشرفون، يظلّ مجرّد هيكل، فيما يظلّ جزء كبير من مسؤولية إنجاح التظاهرة على عاتق الناشرين ومجمل المتدخّلين في صناعة الكتاب، وهؤلاء لهم هامش كبير في تأثيث فعاليات أخرى ربّما تساهم في مزيد من جماهيرية المعرض، وإنقاذه من الطابع المحلّي الذي يتزايد على حساب الإشعاع في الفضاء العربي وفي المجال الأوروبي القريب.