ورغم عدم وجود أي معلومات عن هذه القوات من ناحية التعداد أو قدراتها العسكرية، تصاعد الحديث أخيراً عن غضب بعض العسكريين في هذه القوات من محاولات الحزب "الديمقراطي الكردستاني" ـ فرع سورية السيطرة عليها وتحويلها إلى مليشيا حزبية خاصة به.
وتعتبر قوات "روج أفا" تشكيلاً عسكرياً أنشأته قوات "بشمركة" الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود برزاني، في شباط/فبراير عام 2012، بهدف العودة إلى المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية والمشاركة في الثورة وقتال النظام. وتكونت في البداية من العسكريين السوريين الأكراد المنشقين، ومن الملاحقين السياسيين والناشطين الذين فروا من ملاحقات الأمن السوري إلى إقليم كردستان العراق.
اقرأ أيضاً: أكراد سورية: أوّل مَن حملوا السلاح في وجه التنظيمات
ورغم التعتيم الإعلامي الذي يحيط هذه القوات، استطاعت "العربي الجديد" التواصل مع عدد من الضباط في بشمركة "روج أفا" سواء من المتواجدين في الخدمة، أو الذين قرروا تركها واللجوء إلى أوروبا.
وقال أحد هؤلاء لـ"العربي الجديد" إن هذه القوات أصبحت الآن مكونة من لواءين يقدر تعدادهما بما بين 3 و4 ألاف مقاتل. وأضاف: "تعتبر قوات بشمركة روج أفا أحد التشكيلات العسكرية التابعة لقوات الزيرفاني (شرطة شبه عسكرية تابعة لوزارة داخلية إقليم كردستان) بقيادة اللواء عزيز ويس في كردستان العراق، التي تعتبر بدورها جزءاً من قوات الشرطة الاتحادية العراقية، التي تستطيع العمل كجيش في الحرب. فيما تعمل في السلم، ضمن المدن لحماية المنشآت الحيوية أو كفرق تدخل سريع، تتبع في قيادتها للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني"، على حدّ قول المصدر.
وتضم قوات "روج أفا" لواءين مكوّنين من 8 أفواج عسكرية، كما يوجد لواء عسكري قيد الإنشاء. وبشكل عام، يتولى المناصب القيادية أكراد عراقيون ينوب عنهم سوريون. ويقود اللواء الأول العقيد الكردي العراقي بدل بندي، واللواء الثاني العقيد الكردي العراقي عبد القادر شيخ ممي، وقيادات الأفواج أكراد عراقيون لكن بنواب سوريين. أما جنود القوات فجميعهم من الأكراد السوريين.
ورغم أن غالبية الضباط من السوريين، إلا أن التشكيل يضم أيضاً ضباطاً أكراداً من كل من إيران وتركيا، كما يضم ضباطاً أكراداً سوريين ممن انشقوا عن "العمال الكردستاني" فيما مضى، وما زالوا يحافظون على أسمائهم الحركية مثل العقيد تيماف والنقيب دلوفان والرائد شرفان.
ويضم التشكيل ضباطاً سوريين منشقين عن الجيش السوري، إلا أن معظمهم من الضباط المجندين ذوي الرتبة الصغيرة، مع وجود عدد من الضباط ذوي الرتبة الكبيرة مثل العميد محمد صبحي من منطقة عفرين من ريف حلب.
ويعدّ الفوج الأول الملقب بفوج (خنس) والثاني الملقب بفوج (كويلان) التابعان للواء الأول، أقوى التشكيلات التابعة لقوات بشمركة "روج أفا"، التي شاركت بأهم المعارك ضدّ قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
كما تضم هذه القوات 3 سرايا نسائية مكوّنة مما يقارب 250 مقاتلة، تعمل في الخطوط الخلفية وتقتصر مهامهن على تفتيش النساء أو تقديم المعونات للأهالي بعد تحرير المناطق من "داعش"، كما حصل في منطقتي جبل شنكال واسكي موصل في ولاية نينوى العراقية.
وتلقت قوات بشمركة "روج أفا" تدريباتها في ثلاثة معسكرات رئيسية، وهي معسكر خنس في دهوك، الذي يعتبر المنشأة التدريبية الأساسية، ومعسكر نصلاوة في إربيل، ومعسكر بيشخابور في محافظة دهوك القريب من الحدود السورية، إضافة إلى القيادة الرئيسة في مدينة إربيل. وتلقت هذه القوات التدريبات العسكرية التقليدية واستخدام الأسلحة الخفيفة على يد ضباط أكراد عراقيين، ممن كانوا ضمن جيش النظام العراقي السابق أو من خريجي الكليات والأكاديميات العسكرية العراقية، إضافة إلى تدريبات (البارتيزاني)، وهي تدريبات حرب العصابات. تولى أمرها ضباط منشقون عن "العمال الكردستاني". كما تلقت القوات تدريبات على استخدام االقواذف المضادة للدروع والعربات الخفيفة على يد ضباط بريطانيين، الذين شارك خمسة منهم كمستشارين عسكريين في معركة تحرير منطقة زمار التي شاركت فيها قوات بشمركة "روج أفا"، والتي تقع ضمن الأراضي المتنازع عليها بين إربيل وبغداد في محافظة نينوى. كما تلقى بعض العناصر تدريبات على يد ضباط ألمان على استخدام مضادات الدروع الألمانية، في حين تم تأجيل بعض الدورات التدريبية مع الأميركيين.
وبالنسبة لتسليح قوات بشمركة "روج أفا"، فهي لا تختلف عن تسليح قوات البشمركة العادية، إذ يتكون نظام التسليح من الأسلحة الخفيفية التقليدية مثل سلاح كلاشنكوف الروسي، والمتوسطة كالدوشكة وصواريخ ميلان وقواذف ألمانية إضافة إلى عربات "هامر"، ويتم تقديم المدفيعة والدبابات عند الضرورة من قبل باقي تشكيلات البشمركة.
وتتعامل قوات "الزيرفاني" مع تشيكلات "روج أفا" على أنها قوات طوارئ. ورغم أنها لم تستطع العودة إلى سورية للمشاركة في قتال "داعش" بسبب رفض حزب "الاتحاد الديمقراطي" دخولها، إلا أنها شاركت في قتال التنظيم منذ صيف العام الماضي في العراق. وكانت موجودة في 12 معركة رئيسية بدأت من جبل زردك وحسن شام وسيف زين على محور خازر، وفي معركة تحرير سد الموصل وربيعة وزمار وإسكي موصل ووانكي على محور غرب دجلة، إضافة الى تحرير جبل سنجار ومزار شرفدين وسنون. وسقط ما يقارب 35 قتيلاً في صفوفها في هذه المعارك.
من ناحية المرتبات، فقد عانى المنضوون في إطار هذه القوات الكثير من الناحية المادية، إذ لم يتلقوا في أول ستة أشهر سوى مكافآت مالية بسيطة، ولم تنتظم المعاشات التي يتقاضاها العسكريون إلا بعد ما يقارب العام من التأسيس. وكانت الرواتب زهيدة بقيمة 400 دولار شهرياً للضباط، قبل أن يتم التعامل معها في فبراير/شباط من العام الحالي كباقي قوات البشمركة، إذ يتقاضى العسكري 580 دولاراً شهرياً. أما رواتب الضباط فتتراوح ما بين 800 و1000 دولار بحسب الرتبة.
وتتمثل مشاكل هذه القوات بالفساد المالي المستشري بين الضباط الأكراد العراقيين، الأمر الذي لا يختلف عن الفساد في الجيش العراقي. كما تشتكي قطاعات من الضباط السوريين من محاولات الحزب "الديمقراطي الكردستاني" (الجناح السوري) التغلغل في هذه القوات بدفع أنصارها إلى التطوع ومحاولة السيطرة على مفاصلها وتحويلها إلى ما يشبه المليشيا الحزبية.
ويؤكد أحد الضباط الذين تركوا قوات بشمركة "روج أفا" قبل هجوم "داعش" على الإقليم، لـ"العربي الجديد": "لقد تركت القوات لعدّة أسباب، أهمها حالة الإحباط واليأس من العودة إلى سورية، وبسبب الفساد المستشري بين الضباط العراقيين، لدرجة أننا كنا نعرف بأنه تمت سرقة بعض المكافآت التي كانت تُصرف لنا. أما أهم الأسباب فهي محاولة تغلغل الجناح السوري للحزب الديمقراطي الكردستاني". الأمر الذي يؤكده أحد الضباط الذين ما زالوا في الخدمة، بالقول: "يقوم الجناح السوري للديمقراطي الكردستاني، بالزج بأنصاره وكوادره في القوات، بل ويعمل على السيطرة على الأفواج عبر ترفيع كوادره دون النظر إلى الخبرة القتالية، بحجة قيامهم بدورات كادر عسكري في وقت سابق، حتى أصبح معظم نواب آمري الافواج وآمري السرايا ومعاونيهم والإداريين من الموالين للديمقراطي الكردستاني".
اقرأ أيضاً: لبنانيون في عين العرب... "داعش" و"بيشمركة"
ويؤكد ضابط أخر بوجود حالة شديدة من الانزعاج في صفوف الدفعات الأولى من الضباط الذين شاركوا في معظم المعارك، قائلاً: "لا يتم مراعاة أي شيء في برامج التطوع، وكأن التطويع بات وسيلة للحصول على معاش لكوادر "الديمقراطي الكردستاني". حتى السن لا تتم مراعاته، فبتنا نرى ملازماً أول يتجاوز الأربعين من العمر، ومعظم الدورات الأخيرة تتكون فقط من كوادر الديمقراطي الكردستاني، بما فيها الدورات النسائية".
اقرأ أيضاً: كردستان العراق: مخطط لتهجير سكان عشرات القرى العربية