الفاو العراقية... من "عروس" إلى "عجوز" تحتضر جراء التلوث والإهمال

02 نوفمبر 2018
إهمال حكومي وتلوث (Getty/علي السعدي)
+ الخط -



تعيش مدينة الفاو الواقعة جنوب شرق البصرة، على مياه الخليج العربي جنوبي العراق بمحاذاة الحدود مع إيران، التي يطلق عليها "عروس الخليج" و"ريحانة البصرة"، أسوأ حالاتها لا فقط جراء الإهمال الحكومي أو سطوة المليشيات، أو مخلفات المعامل الإيرانية المجاورة، بل بسبب هجرة سكانها الأصليين المستمرة إلى مناطق داخل البصرة وخارجها لجمال طبيعتها ونقاء هوائها وموقعها الجغرافي المتميز. 

وفي السياق، قال سعد عبد الوهاب وهو أحد سكان الفاو، إنّ "المدينة التي كانت في السابق من أجمل مناطق البصرة طاول الإهمال معظم معالمها، وغطّت النفايات أغلب أجزائها".

وأضاف لـ "العربي الجديد"، أنّ "المدينة التي كانت تعرف بكثرة نخيلها وبساتينها تحولت إلى أرض جرداء لا مناطق خضراء فيها"، مبيناً أن "مستوى الخدمات فيها أيضاً تدنى بشكل كبير، بسبب الإهمال والفساد الحكومي".

وتابع: "على الرغم من أن الفاو كانت منطقة قتال خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، كانت المدينة تزهو بالحياة حتى تحولت بعض أماكنها إلى مناطق للترفيه يرتادها سكان البصرة، وبقية المحافظات العراقية القريبة"، موضحاً أن هذا الأمر اختلف بشكل كبير، وكأن الفاو تتعرض لعقوبة مقصودة.

من جهته، قال عضو مجلس محافظة البصرة (الحكومة المحلية)، زهرة حمزة، إنّ "مناطق عديدة بالبصرة أبرزها الفاو شهدت نزوحاً عكسياً نحو مركز البصرة بسبب الملوحة في المياه والخدمات".

فيما أعلن رئيس قضاء الفاو وليد الشريفي الشهر الماضي، أنّ المدينة تشهد موجات نزوح جماعية لسكانها إلى مناطق أخرى، بحثاً عن حياة وخدمات أفضل وفرص عمل أوفر، مبيناً في تصريحات لوسائل إعلام عراقية محلية، أن عشرات الأسر غادرت المدينة واستقرت في مناطق أخرى.

وبيّن أن "النزوح من الفاو ما زال مستمراً بمعدل ثلاث عائلات يومياً، بسبب المعاناة الناجمة عن ملوحة المياه وغياب فرص العمل".

إلى ذلك، قال المسؤول السابق في الفاو أمير هادي، إنّ المدينة تتميز بموقع استراتيجي لكونها على شكل شبه جزيرة واقعة على شط العرب، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن هذا الأمر وحده كفيل بتحويلها مدينة سياحية وتجارية.

وعبّر المتحدث عن أسفه بسبب عدم حدوث ذلك، موضحاً أن المدينة تعاني أزمات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

وأضاف: "في السابق كان سكان الفاو يحققون الاكتفاء الذاتي الذي يوفره وارد زراعة النخيل، وصيد الأسماك"، مشيراً إلى أن الأمر اختلف اليوم بسبب تجريف البساتين، وتلوث المياه، وجفاف بعض الأنهار الفرعية في المدينة.

وتابع: "أصبحت الفاو اليوم وكأنها عجوز خاوية بعدما كانت تسمى عروس الخليج"، موجهاً الاتهامات للحكومات المحلية المتتالية في البصرة، التي تعمدت إقصاء المدينة عن موازنات البصرة المالية".

من جهته، تساءل رزاق فالح وهو ضابط متقاعد يسكن الفاو، عن سبب الإهمال الذي يطاول المدينة على الرغم من موقعها الاستراتيجي، مبيناً لـ "العربي الجديد" أنّ موقعها النهري، وقربها من الحدود يجعلها منطقة مهيأة لأن تكون المكان الأفضل للعيش بالبصرة، في حال حظيت باهتمام المحافظ ومجلس المحافظة.

وقال: "عند وقوفك على سطح منزل في الفاو تشاهد مدينة عبادان الإيرانية على الجانب الآخر"، مؤكداً أن المدينة الإيرانية شهدت خلال السنوات الأخيرة مستوى عالياً من الإعمار والتطور، فيما تراجعت الفاو سنوات طويلة إلى الوراء".

وجرى تداول اسم مدينة الفاو بكثرة بعد عام 1987، عقب تحرير المدينة من سيطرة الإيرانيين وخاصة في قصائد وأغان عراقية، أبرزها الأغنيتان الشهيرتان للفنان العراقي كاظم الساهر "عروستنا وأخذناها" و"سمرة وجدايلها الشمس"، اللتان غناهما للفاو بعد تحريرها.

والفاو هي أقصى نقطة جنوب العراق، وتقع بين شط العرب ومياه الخليج العربي، وتحدها إيران شرقاً ومن الغرب الكويت، وتتبع إدارياً لمدينة البصرة، ويسكنها أكثر من 50 ألف مواطن، وتعتبر منطقة استراتيجية مهمة، لكونها بداية الممر المائي العراقي، وتقطنها قبائل عربية، أبرزها الدواسر والرواشد وبنو تميم والشلش والحيال.