تأجلت عددٍ من هذه الأفلام لسنوات طويلة رغم وجود قرار بذلك، أو بطء عملية إنتاجه بسبب لأعوام لعدم وجود مؤلّفات توثق السيرة الكاملة لمعظهم وفي مقدّمتهم قادة الثورة الجزائرية أو لأعلام الشعر والفكر والفن، او بسبب عدم توافر إمكانيات مالية لهذه الأفلام التي يرصد لميزانيتها ملايين الدولارات، إضافة إلى غياب الكثير من عناصر صناعة السينما في بلد يلجأ مخرجوه إلى التصوير والمونتاج في بلدان مجاورة أو أوروبية.
يُضاف إلى هذه الأسباب مسائل تتعلّق بتأخر الجهات الرسمية في الالتفات عدد من رموز الثقافة الأمازيغية مقارنة باليوم حيث تجري استعادات بشكل مكثف من خلال المؤتمرات والإصدارات والتظاهرات لهم، مثلما حدث مع تقديم شخصية سي محند أومحند (1860 – 1906)، أحد أبرز الشعراء الأمازيع الذين احتفظت المرويات الشعبية بقصائدهم على مرّ السنين.
المخرج علي موزاوي الذي سبق له أن قدّم عملاً حول الروائي مولود فرعون (1913 - 1962)، أعلن منذ يومين عن بدء اختياره الممثلين الذين سيشاركون في فيلم "محند أومحند"، ويتطرّق إلى حياته وأشعاره التي تحاكي واقع المجتمع الذي شهد انتشار المرض والتجويع، إضافة إلى الظلم والبطش في تلك المرحلة.
ولفت صاحب "الحمائم البيض" إلى أنه انتظر أربعة وعشرين سنةً من أجل إنجاز مشروعه، في إشارة منه إلى "تقديمه في مرحلة يحاول فيها البعض إذكاء نار الفتة وتغذية النعرة الطائفية وتشجيع الكراهية"، مؤكداً على "أهمية مقاسمة الثقافة مع الآخر وعدم التقوقع على الذات".
الفيلم سيعرض لحياة الشاعر الجوّال (كما يلقّب) الذي عاش فترة المقاومة الشعبية سنة 1871 في منطقة القبائل، وأدت إلى تشريد أفراد عائلته، وإعدام أبيه، ونفي عمه وآخرين من عائلته وحجز أملاكها، ما جعله يعكس في أشعاره الألم الذي عانه وما نتج عنه من تشرد وضياع.
يُذكر أن سي محند أومحند، اسمه الحقيقي محند حمادوش، تتضارب الروايات في تحديد تاريخ مولده ورحيله، وقد جمع مولود فرعون قصائده في كتاب صدر عام 1960، يتناول فيها موضوعات عديدة كالمرأة، والوحدة، والتشرد، والألم، والغربة، والتاريخ الأمازيغي، والقيم الاجتماعية، والكفاح ضد المستعمر، وقد سبق أن أخرج اليزيد خوجة ورشيد بن علال فيلماً حوله بعنوان "المتمرد" لكنه لم يتعمّق كثيراً في شعره وفلسفته.