منذ تخصيص "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) الثامن عشر من نيسان/ أبريل من كلّ عام يوماً عالمياً للتراث سنة 1982، جرى تطوير العديد من الأفكار والاتفاقيات المتعلّقة به إلاّ أن غايته الأساسية وهي المحافظة على الآثار لا تزال هي التي تهيمن على احتفاليته في ظل ما تتعرّض إليه من تدمير ونهب وإهمال في العدديد من البلدان، خاصة في منطقتنا العربية.
تتخذ الاحتفالية في تونس بعداً آخر سواء في تنفيذ برامج في عدد من المدن بعنوان "شهر التراث" الذي تتواصل فعالياته حتى 18 أيار/ مايو المقبل، أو في التعامل مع الإرث الحضاري باعتباره "محرّكاً للتنمية وربطه بمجالات اقتصادية، وليس مجرّد موضوع تاريخي للدرس"، بحسب المنظّمين.
تحت شعار "القيم الكونية للتراث الثقافي التونسي"، تنطلق فعاليات الدورة السابعة والعشرين من موقع "معبد المياه" في مدينة زغوان (جنوب غرب العاصمة)، وهو تقليد اتّبع في الدورات السابقة حيث يتم اختيار أحد المواقع الأثرية التي تتواصل الاستعدادات لضمّها إلى "لائحة التراث العالمي"، من أجل تسليط الضوء على حضورها التاريخي.
يعود تأسيس المعبد إلى العصر الروماني حيث أقيم لتزويد العاصمة قرطاج آنذاك بالمياه، وصُمّم بنائه على شكل جسور معلّقة يعلوها عدد من السواقي، واستخدم الرخام المصري واليوناني والإيطالي في زخرفته، واستمر الاعتماد عليه كمصدر مائي إلى يومنا هذا.
يضمّ البرنامج العديد من العروض الموسيقية والفنون الشعبية ومعارض للصناعات التقليدية وورشات الحرف وندوات تتمحور حول التراث المادي واللامادي، ولقاءات حول التراث الشفوي والمأثورات الشعبیة من الأمثال والأقوال، فضلاً عن المطبخ التقليدي واللباس والعادات والتقالید.
تستصيف ولاية بن عروس عدداً من الباحثين؛ من بينهم: نادية ظاهر من المغرب، وخضير جليل رعيد من العراق، وعبد الوهاب معيزة وعادل الهنتاتي من تونس، إلى جانب عرض أفلام وثائقية حول "حمام الأنف" في المنطقة، وحفلات موسيقية لكلّ من محسن بن حمد، ومنية بن حامد، وتوفيق دغمان.
يُقام في مدينة نفطة عرض لفيلم "رائحة الجنوب" لـ نعيم بن رحومة، وندوة فكرية بعنوان "المشترك الثقافي والتراثي التونسي الجزائري"، وفي مدينة دقاش يُعرض فيلم "من قرطاج إلى قرطاج" لـ خالد البرصاوي، وندوة بعنوان "القيمة الحضارية والكونية لموقع كستيليا الأثري" يتحدّث خلالها ذاكر سيلة ومراد الشتوي، أما باجة فتشهد انطلاق "مهرجان البحيرة" بمشاركة فرق موسيقية وغنائية، وتنظيم ورشات في الفن الإسلامي.
اختارات منوبة أن تنظّم عروضاً تفاعلية في فنّ الحكاية والأحجية في كافّة السجون، وبرامج موازية في دور المسنين أيضاً، وفي العاصمة ستنطلق الفعاليات من موقع "المعلقة" الأثري وتضمّ ورشات في الفسيفساء والفنون التشكيلية والخزف الفني والنحت والألعاب التراثية، إلى جانب معارض الحرف التقليدية المتعلّقة بتقطير الأعشاب والعطورات، وعرض موسيقي بعنوان "جريدات" لـ العروسي الزبيدي، وآخر بعنوان "نقوش في الذاكرة" لـ مجموعة سلوى حفيظ.