03 ابريل 2023
"عائد إلى حيفا"... بين الماضي والحاضر
"عائد إلى حيفا" من الروايات العربية المهمّة التي ألفها الأديب الفلسطيني غسّان كنفاني في عام 1969، واستخدمها لرسم صورة عن حياة المهجّرين الفلسطينيين خلال نكبة سنة 1948 التي هجّرتهم عن أراضيهم، وجعلتهم يواجهون القتل الوحشي على يد العصابات الصهيونية، وما رافقه من تدمير للكثير من القُرى الفلسطينية، ثمّ يكمل كنفاني سرد الأحداث ليجمع ويوضح عدّة أفكار معًا، وأهمها الفراق والعودة وهما الفكرتان الأساسيتان اللتان تجسدتا في شخصيات الرواية.
استخدم غسّان كنفاني في الرواية شخصيتين رئيسيتين، وهما سعيد وصفية الأب والأمّ اللذان فقدا ابنهما خلدون أثناء هجوم العصابات الصهيونية على مدينة حيفا؛ حيث تركت صفية خلدون في سريره داخل المنزل في حي الحليصة، وخرجت تبحث عن زوجها سعيد، وبعد أن عثرت عليه لم تتمكّن من العودة إلى المنزل لأخذ خلدون؛ بسبب إغلاق الطرق وتدافع النّاس للهرب، وهنا أضاء كنفاني على معاناة أغلب العائلات الفلسطينية التي فقدت أبناءها خلال تلك الفترة، وسعيد وصفية هما عبارة عن مثالٍ حي لمجموعة تجارب واقعية واجهت الكثير من الفلسطينيين خلال النكبة. مع أن الفارق الزمني بين الرواية والأزمات التي أصابت بعض الدول العربية في الوقت الحاضر حوالي سبعين عامًا، إلا أن الرواية تروى مرّةً أخرى ولكن بشخصيات وأماكن وقصص جديدة.
خلال الفترة بين عامي (1948 - 1967) يسعى سعيد وصفية للعودة إلى حيفا، ولكن فشلت جميع محاولاتهما؛ بسبب قطع الطرق الموصلة إلى هناك، ويحاول كنفاني أن يُظهرَ مدى تمسكهما ببريق الأمل الذي لم ينطفئ، ولكن في النّهاية أُرغما على قبول الأمر الواقع، وأنجبا لاحقًا ولدًا اسمه خالد وبنتًا اسمها خالدة، وهنا من الممكن إسقاط طبيعة الأحداث على الواقع الحالي؛ إذ إن الكثير من اللاجئين والمهجرين من دولهم مثل سورية واليمن غير قادرين على العودة، مع أنهم يحلمون بيوم الرجوع ولكن الحرب تقع عائقًا أمامهم.
أتى هدوء نسبي بعد نكسة 1967، وساهم في فتح الطرق والمعابر بين المناطق والمدن الفلسطينية وكانت حيفا واحدة منها، وعندها قرر سعيد وزوجته صفية العودة إلى منزلهما في حيفا علهما يجدان خلدون بانتظارهما، وعندما وصلا إلى مشارف حيفا قال سعيد "إنني أعرفها، حيفا هذه ولكنها تنكرني".
كانت المفاجأة بعد وصولهما إلى منزلهما واكتشاف الحقيقة المُرّة، وهي أن عائلة يهودية استولت على منزلهما وابنهما، وتغيّر اسم الطفل من خلدون إلى دوف، وهنا مفارقة جديدة في أحداث الرواية فصفية تبحث عن خلدون الذي لم يعد له وجود، بل وجدت دوف الذي حمل كمية من الحقد والكراهية لوالديه ووطنه فلسطين. بالعودة إلى اللاجئين في الوقت الحاضر، هل ستنكرهم مدنهم وقراهم وبقايا منازلهم عند عودتهم لها أم ستتذكر أنهم كانوا موجودين في يوم ما؟
إن الرابط بين عائد إلى حيفا والأزمات التي تواجهها بعض الدّول العربية في العصر الحالي، ليس إلا انعكاسًا لصورة الماضي على الحاضر، فمأساة سعيد وزوجته هي مأساة وطنهما، والتي نقلت صورة عن حقيقة اكتشفها سعيد بعد وقت طويل، وهي "أن الوطن هو ألا يحدث ذلك كله"، وهو ليس مجرد ذكريات مضت، بل محاولة صناعة مستقبل جديد، واللاجئون والنازحون في الوقت الحاضر سوف يستطيعون صناعة مستقبلهم ومستقبل أوطانهم، فمن الممكن أن يتحوّلَ الحلم إلى حقيقة طالما توجد إرادة العودة إلى الوطن، ومثلما قال كنفاني في الرواية "إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية".
استخدم غسّان كنفاني في الرواية شخصيتين رئيسيتين، وهما سعيد وصفية الأب والأمّ اللذان فقدا ابنهما خلدون أثناء هجوم العصابات الصهيونية على مدينة حيفا؛ حيث تركت صفية خلدون في سريره داخل المنزل في حي الحليصة، وخرجت تبحث عن زوجها سعيد، وبعد أن عثرت عليه لم تتمكّن من العودة إلى المنزل لأخذ خلدون؛ بسبب إغلاق الطرق وتدافع النّاس للهرب، وهنا أضاء كنفاني على معاناة أغلب العائلات الفلسطينية التي فقدت أبناءها خلال تلك الفترة، وسعيد وصفية هما عبارة عن مثالٍ حي لمجموعة تجارب واقعية واجهت الكثير من الفلسطينيين خلال النكبة. مع أن الفارق الزمني بين الرواية والأزمات التي أصابت بعض الدول العربية في الوقت الحاضر حوالي سبعين عامًا، إلا أن الرواية تروى مرّةً أخرى ولكن بشخصيات وأماكن وقصص جديدة.
خلال الفترة بين عامي (1948 - 1967) يسعى سعيد وصفية للعودة إلى حيفا، ولكن فشلت جميع محاولاتهما؛ بسبب قطع الطرق الموصلة إلى هناك، ويحاول كنفاني أن يُظهرَ مدى تمسكهما ببريق الأمل الذي لم ينطفئ، ولكن في النّهاية أُرغما على قبول الأمر الواقع، وأنجبا لاحقًا ولدًا اسمه خالد وبنتًا اسمها خالدة، وهنا من الممكن إسقاط طبيعة الأحداث على الواقع الحالي؛ إذ إن الكثير من اللاجئين والمهجرين من دولهم مثل سورية واليمن غير قادرين على العودة، مع أنهم يحلمون بيوم الرجوع ولكن الحرب تقع عائقًا أمامهم.
أتى هدوء نسبي بعد نكسة 1967، وساهم في فتح الطرق والمعابر بين المناطق والمدن الفلسطينية وكانت حيفا واحدة منها، وعندها قرر سعيد وزوجته صفية العودة إلى منزلهما في حيفا علهما يجدان خلدون بانتظارهما، وعندما وصلا إلى مشارف حيفا قال سعيد "إنني أعرفها، حيفا هذه ولكنها تنكرني".
كانت المفاجأة بعد وصولهما إلى منزلهما واكتشاف الحقيقة المُرّة، وهي أن عائلة يهودية استولت على منزلهما وابنهما، وتغيّر اسم الطفل من خلدون إلى دوف، وهنا مفارقة جديدة في أحداث الرواية فصفية تبحث عن خلدون الذي لم يعد له وجود، بل وجدت دوف الذي حمل كمية من الحقد والكراهية لوالديه ووطنه فلسطين. بالعودة إلى اللاجئين في الوقت الحاضر، هل ستنكرهم مدنهم وقراهم وبقايا منازلهم عند عودتهم لها أم ستتذكر أنهم كانوا موجودين في يوم ما؟
إن الرابط بين عائد إلى حيفا والأزمات التي تواجهها بعض الدّول العربية في العصر الحالي، ليس إلا انعكاسًا لصورة الماضي على الحاضر، فمأساة سعيد وزوجته هي مأساة وطنهما، والتي نقلت صورة عن حقيقة اكتشفها سعيد بعد وقت طويل، وهي "أن الوطن هو ألا يحدث ذلك كله"، وهو ليس مجرد ذكريات مضت، بل محاولة صناعة مستقبل جديد، واللاجئون والنازحون في الوقت الحاضر سوف يستطيعون صناعة مستقبلهم ومستقبل أوطانهم، فمن الممكن أن يتحوّلَ الحلم إلى حقيقة طالما توجد إرادة العودة إلى الوطن، ومثلما قال كنفاني في الرواية "إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية".