ترتفع نسبة الشباب العاطلين من العمل في غزة. وبدلاً من دعم المجتمع لهم، تزداد معاناتهم بسبب الأحكام السلبية
على مدى 13 عاماً من الانقسام الفلسطيني والحصار الإسرائيلي، يجد الشباب في غزة أنفسهم الضحية الأكبر لهذه الظروف التي جعلتهم يعانون البطالة، ويعيشون على أمل الحصول على أي فرصة عمل، عدا عن المشاكل النفسية التي دفعتهم للهرب من الواقع من خلال الهجرة غير الشرعية. وتمتلئ شوارع غزة بالشباب العاطلين من العمل، الذين يجلسون مع بعضهم بعضاً في ساحات غزة أو على شاطئ البحر وبعض المقاهي رخيصة الثمن، يسمعون كلمات محبطة مثل "عواطلية" و"شباب فاضيين". لكن في الحقيقة، هم يضيعون معظم أوقاتهم هرباً من الواقع.
محمد الزرد شاب عاطل من العمل ويتيم الأب منذ كان عمره 9 سنوات، ويعيش مع والدته وشقيقته. لم يستطع إكمال دراسته الجامعية بعد المرحلة الثانوية بسبب فقر الأسرة، التي لا تحصل على مساعدات من الجمعيات الخيرية، وتعتمد على مساعدات بسيطة من أشقاء والدته.
الزرد يضيع الكثير من الوقت في حياته اليومية من دون أي إنجاز أو عمل، بعدما بحث عن عمل في العشرات من المنشآت التجارية والمحلات والمطاعم. عمل لمرة واحدة في أحد المطاعم، لكنه منذ عامين عاطل من العمل. يشعر أنه غير صالح للمجتمع بسبب النظرة السلبية التي تلاحقه من الناس. يقول لـ "العربي الجديد": "طلبت العمل في أكثر من 30 مكانا من دون جدوى. أخلد إلى النوم عند الساعة الخامسة صباحاً، وأستيقظ بعد الظهر لأتناول الطعام وأنتظر العصر لأخرج إلى ساحة الجندي أو الميناء أو الشاطئ أو أي مكان أهرب من واقعي فيه مع أصدقائي العاطلين من العمل أيضاً". يضيف: "أنا مثل كثيرين يعيشون في غزة لتضييع الوقت من دون أي دور مجتمعي".
ويقول الزرد إنه لو كان في مجتمع متقدم، لاستطاع ابتكار مشروع له، أو تطوير موهبته الغنائية. لكنه يفكر في الهجرة بنسبة كبيرة، "وسأفعلها". لم يستطع الزرد الالتحاق في الجامعة، بينما استطاع محمد الحلو (26 عاماً) أن يدرس في الجامعة ويحصل على شهادة دبلوم في مجال التصميم والمونتاج من جامعة الأزهر. لكنه أيضاً، يجلس في ساحة الجندي المجهول لتضييع الوقت، هرباً من "جحيم الجلوس في المنزل" كما يصفه، وحتى يرتاح من كلام أسرته التي تطالبه بالبحث عن عمل، أو حتى جيرانه.
اقــرأ أيضاً
عمل الحلو سائق سيارة أجرة وفي مطعم، لكنه عاطل من العمل اليوم، ويعد الأيام حتى يهاجر خارج قطاع غزة. ويرى أن أي بلد أفضل من البقاء في القطاع الذي يهدر فيه وقتاً كبيراً من دون فائدة. حياته في غزة عبارة عن "نوم وجلوس في ساحة الجندي المجهول أو الميناء وشرب السجائر فقط". ويقول لـ "العربي الجديد": "أنا هنا عاطل من العمل. وحتى لو عملت، لن أتمكن من بناء مستقبل أو تأمين احتياجاتي اليومية. نظرة الناس للعاطل من العمل سلبية، حتى لو أنهم يعلمون حقيقة أن السياسيين هم من وضعونا في هذا الحال". يضيف: "على أرض الواقع لا أعمل. جميع أصدقائي الذين أجلس معهم عاطلون من العمل. وعدد كبير من أفراد أسرتي عاطلون من العمل. الشباب في غزة يرتدون أزياء جميلة ويصففون شعرهم لكن لا يملكون شيئاً في جيبهم. نعيش لنضيع الوقت، بينما تبحث الشعوب المتقدمة عن استثمار وقت الشباب".
الحلو حصل أخيراً على تأشيرة سياحية إلى تركيا، وسيسعى إلى البحث عن أية وسيلة سفر إلى إحدى الدول الأوروبية. وينوه إلى أنه يحب مجتمعه أكثر من السياسيين الذين يتاجرون بقضية الشباب، بينما يرغب في العيش في مجتمع يعمل فيه براحة. هاني أبو مصطفى (34 عاماً)، تخرج بتخصص إدارة الأعمال من جامعة القدس المفتوحة، لكنه عاطل من العمل منذ خمسة أعوام. عمل محاسباً في أحد المصانع الذي أغلق بسبب الأزمة الاقتصادية، ويواجه ضغوطاً نفسية من أسرته ومحيطه المجتمعي، لأنه يحصل على مصروفه من والده، ويحاول الهرب من واقعه عند شاطئ البحر بشكل يومي.
يقول أبو مصطفى: "الشباب في المقاهي الرخيصة أو على البحر أو المفترقات. قد يظن البعض أن هؤلاء يستمتعون بأوقاتهم أو يستمعون إلى الموسيقى، لكنهم يخفون وراءهم أوجاعاً كبيرة. يومياً، أجلس مع خمسة أصدقاء. لدينا أفكار جيدة للاستثمار وطاقة، لكن أين نخرجها في غزة؟ لدى هؤلاء القياديين الفاسدين؟ هنا، لا أحد يقدر شباب غزة".
يشعر أبو مصطفى بالغضب عندما يسمع أي قيادي فلسطيني يشيد بالشباب ويتحدث عن أولوياته في إغاثته عبر مشاريع تشغيل أو غيرها. يقول: "لا يبالون كيف نعيش وكيف نضيع 14 ساعة من يومنا في الشارع أو الخارج. لو استثمرناها لابتكرنا مشاريع وأفكارا إبداعية. جميع الشباب في الشوارع يعيشون موتاً بطيئاً، ما ينعكس على طاقاتهم".
70 في المائة بطالة
على مدار سنوات الحصار، ابتكر الشباب في غزة عشرات المشاريع والأفكار الإبداعية تساعد على خلق فرص عمل لهم. لكن النسبة الأكبر كانت حبيسة المنزل والانتظار والحصول على فرصة، ما رفع نسبة بطالة الشباب في قطاع غزة إلى أعلى نسبة في العالم، كما أشار قبل أيام مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة ماتياس شمالي، لافتاً إلى أنها وصلت إلى 70 في المائة.
محمد الزرد شاب عاطل من العمل ويتيم الأب منذ كان عمره 9 سنوات، ويعيش مع والدته وشقيقته. لم يستطع إكمال دراسته الجامعية بعد المرحلة الثانوية بسبب فقر الأسرة، التي لا تحصل على مساعدات من الجمعيات الخيرية، وتعتمد على مساعدات بسيطة من أشقاء والدته.
الزرد يضيع الكثير من الوقت في حياته اليومية من دون أي إنجاز أو عمل، بعدما بحث عن عمل في العشرات من المنشآت التجارية والمحلات والمطاعم. عمل لمرة واحدة في أحد المطاعم، لكنه منذ عامين عاطل من العمل. يشعر أنه غير صالح للمجتمع بسبب النظرة السلبية التي تلاحقه من الناس. يقول لـ "العربي الجديد": "طلبت العمل في أكثر من 30 مكانا من دون جدوى. أخلد إلى النوم عند الساعة الخامسة صباحاً، وأستيقظ بعد الظهر لأتناول الطعام وأنتظر العصر لأخرج إلى ساحة الجندي أو الميناء أو الشاطئ أو أي مكان أهرب من واقعي فيه مع أصدقائي العاطلين من العمل أيضاً". يضيف: "أنا مثل كثيرين يعيشون في غزة لتضييع الوقت من دون أي دور مجتمعي".
ويقول الزرد إنه لو كان في مجتمع متقدم، لاستطاع ابتكار مشروع له، أو تطوير موهبته الغنائية. لكنه يفكر في الهجرة بنسبة كبيرة، "وسأفعلها". لم يستطع الزرد الالتحاق في الجامعة، بينما استطاع محمد الحلو (26 عاماً) أن يدرس في الجامعة ويحصل على شهادة دبلوم في مجال التصميم والمونتاج من جامعة الأزهر. لكنه أيضاً، يجلس في ساحة الجندي المجهول لتضييع الوقت، هرباً من "جحيم الجلوس في المنزل" كما يصفه، وحتى يرتاح من كلام أسرته التي تطالبه بالبحث عن عمل، أو حتى جيرانه.
عمل الحلو سائق سيارة أجرة وفي مطعم، لكنه عاطل من العمل اليوم، ويعد الأيام حتى يهاجر خارج قطاع غزة. ويرى أن أي بلد أفضل من البقاء في القطاع الذي يهدر فيه وقتاً كبيراً من دون فائدة. حياته في غزة عبارة عن "نوم وجلوس في ساحة الجندي المجهول أو الميناء وشرب السجائر فقط". ويقول لـ "العربي الجديد": "أنا هنا عاطل من العمل. وحتى لو عملت، لن أتمكن من بناء مستقبل أو تأمين احتياجاتي اليومية. نظرة الناس للعاطل من العمل سلبية، حتى لو أنهم يعلمون حقيقة أن السياسيين هم من وضعونا في هذا الحال". يضيف: "على أرض الواقع لا أعمل. جميع أصدقائي الذين أجلس معهم عاطلون من العمل. وعدد كبير من أفراد أسرتي عاطلون من العمل. الشباب في غزة يرتدون أزياء جميلة ويصففون شعرهم لكن لا يملكون شيئاً في جيبهم. نعيش لنضيع الوقت، بينما تبحث الشعوب المتقدمة عن استثمار وقت الشباب".
الحلو حصل أخيراً على تأشيرة سياحية إلى تركيا، وسيسعى إلى البحث عن أية وسيلة سفر إلى إحدى الدول الأوروبية. وينوه إلى أنه يحب مجتمعه أكثر من السياسيين الذين يتاجرون بقضية الشباب، بينما يرغب في العيش في مجتمع يعمل فيه براحة. هاني أبو مصطفى (34 عاماً)، تخرج بتخصص إدارة الأعمال من جامعة القدس المفتوحة، لكنه عاطل من العمل منذ خمسة أعوام. عمل محاسباً في أحد المصانع الذي أغلق بسبب الأزمة الاقتصادية، ويواجه ضغوطاً نفسية من أسرته ومحيطه المجتمعي، لأنه يحصل على مصروفه من والده، ويحاول الهرب من واقعه عند شاطئ البحر بشكل يومي.
يقول أبو مصطفى: "الشباب في المقاهي الرخيصة أو على البحر أو المفترقات. قد يظن البعض أن هؤلاء يستمتعون بأوقاتهم أو يستمعون إلى الموسيقى، لكنهم يخفون وراءهم أوجاعاً كبيرة. يومياً، أجلس مع خمسة أصدقاء. لدينا أفكار جيدة للاستثمار وطاقة، لكن أين نخرجها في غزة؟ لدى هؤلاء القياديين الفاسدين؟ هنا، لا أحد يقدر شباب غزة".
يشعر أبو مصطفى بالغضب عندما يسمع أي قيادي فلسطيني يشيد بالشباب ويتحدث عن أولوياته في إغاثته عبر مشاريع تشغيل أو غيرها. يقول: "لا يبالون كيف نعيش وكيف نضيع 14 ساعة من يومنا في الشارع أو الخارج. لو استثمرناها لابتكرنا مشاريع وأفكارا إبداعية. جميع الشباب في الشوارع يعيشون موتاً بطيئاً، ما ينعكس على طاقاتهم".
70 في المائة بطالة
على مدار سنوات الحصار، ابتكر الشباب في غزة عشرات المشاريع والأفكار الإبداعية تساعد على خلق فرص عمل لهم. لكن النسبة الأكبر كانت حبيسة المنزل والانتظار والحصول على فرصة، ما رفع نسبة بطالة الشباب في قطاع غزة إلى أعلى نسبة في العالم، كما أشار قبل أيام مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة ماتياس شمالي، لافتاً إلى أنها وصلت إلى 70 في المائة.