في كليبها الجديد، تعود ميريام كلينك إلى دائرتها المفضلة وهي دائرة الإغراء المباشر والفج. الإغراء الأقرب إلى الابتذال، والذي لا يترك مجالاً للتلميحات والإيحاءات، كما هو متعارف عليه في الأعمال المصنّفة في خانة الإغراء. وهذه المرة لم تكن وحيدة كما هي الحال في صورها التي تغرق بها مواقع التواصل الاجتماعي، بل كان معها جاد خليفة الذي اشتهر بسبب قرب صوته من صوت فضل شاكر... كما شاركتها الفيديو كليب طفلة صغيرة. وهذا الظهور للفتاة أدى إلى منع عرض العمل في لبنان، تحت طائلة التغريم المالي.
طبعاً، لن ندخل في تفاصيل بديهية عن الأضرار النفسية والبصرية الناتجة عن مشاركة قاصر في فيديو يبدو أقرب إلى فيلم جنسي قصير. بل إن أزمة أخرى كشفها الكليب، وهي مرتبطة بشكل مباشر بدخول المشهد الإعلامي اللبناني، على الشاشة، كما على الشبكة، في دوامة من الرداءة الخانقة.
فقبل شهر تقريباً انفجرت أزمة مشابهة في لبنان، نتيجة عرض برنامج "نقشت" على شاشة "المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال" بسبب كمية الإيحاءات الجنسية التي يحتويها. وهو ما فتح باب النقاش عن الدوامة المفرغة التي دخلها الإعلام في السنوات الثلاث الأخيرة: من البرامج الكوميدية الساخرة التي باتت تقوم بشكل أساسي إما على هذا النوع من الإيحاءات أو على العنصرية... وصولاً إلى برامج التوك شو المباشر أو المسجّل. وآخر هذه الأمثلة حلقة "هوا الحرية" مع جو معلوف، الأسبوع الماضي، والتي منحت ساعة من هوائها لزير نساء ومتهم بالاغتصاب ليبرّر نفسه، مستعرضاً على الشاشة "إنجازاته" الجنسية مرفقة بالصوت والصورة. الأمر نفسه ينطبق على برنامج "للنشر" مع ريما كركي... لنصل إلى مجموعة أخرى من البرامج، مثل "بلا تشفير" مع تمام بليق.
وفي زحمة كل هذه الرداءة الإنتاجية، وكل هذه الإثارة المجانية، أتى فيديو كليب "فوّتت الغول" ليبدو إنتاجاً طبيعياً لمرحلة الفراغ التام، وغياب أي قدرة إعلامية أو فنية على الإبداع، أو حتى ملامسة حدود الإغراء. الإغراء كفن موجود ومنتشر في العالم العربي، منذ قرون، من دون الوقوع في فخ الفجاجة والوقاحة السمعية والبصرية.
لم تقدّم ميريام كلينك أي جديد في عملها، فالابتذال يملأ الشاشات اللبنانية منذ سنوات. كما أنها فنياً اكتفت بسرقة لحن أغنية ألبانية مشهورة بعناون show biz، بُنيت هي الأخرى على مشاهد إغراء جنسي مباشر، فعرّبتها وقدمتها للجمهور العربي واللبناني. الأزمة حتماً ليست في ميريام كلينك ولا في "الغول" الذي تفاخر بأنها سجّلته بالمجتمع، بل في دوامة من الفراغ الإعلامي والفنيّ، تسمح بإعادة إنتاج الرداءة البصرية مراراً وتكراراً.