لم تكد تمضي ساعات على إعلان قائد "جبهة النصرة" في سورية أبو محمد الجولاني فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، ووقف العمل باسمها، وتغييره إلى "جبهة فتح الشام"، حتى بدأت ردود الفعل على الخطاب تتوالى، بحيث أعلنت واشنطن أن "الجبهة" ما تزال هدفاً للقصف، فيما رحبت فصائل عسكرية في المعارضة بالخطوة، رغم إعلان المعارضة السياسية عدم تفاؤلها.
وظهر الجولاني مساء أمس الخميس للمرة الأولى في شريط تلفزيوني، ليعلن فك الارتباط بـ"القاعدة" "تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي"، موضحاً أن الغاية من هذه الخطوة "تحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة الناس"، و"التوحد مع الفصائل المعارضة لرصّ صفوف المجاهدين، وتحرير أرض الشام، والقضاء على النظام، وأعوانه"، وفق قوله.
وأعلنت الولايات المتحدة على لسان أكثر من مسؤول أن "جبهة النصرة" ما زالت هدفاً للقصف، معبرة عن قلقها من الخطر الذي تشكله رغم تغيير اسمها. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست للصحافيين أمس الخميس "ما زالت لدينا مخاوف متزايدة من قدرة جبهة النصرة المتنامية على شن عمليات خارجية قد تهدد الولايات المتحدة وأوروبا". فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن "جبهة النصرة" ما زالت هدفاً للطائرات الأميركية والروسية في سورية على الرغم من قرارها قطع العلاقات مع تنظيم "القاعدة" وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام".
ونقلت "رويترز" عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي قوله أمس إن إعلان "جبهة النصرة" يمكن أن يكون ببساطة مجرد تغيير للمسميات وإن الولايات المتحدة ستحكم عليها من تصرفاتها وأهدافها وعقيدتها.
وفي السياق، أعلنت المعارضة السورية أنها لا تتوقع أن يكون لقرار قائد "جبهة النصرة" فك الارتباط بتنظيم "القاعدة" انعكاسات إيجابية على الثورة السورية، والمسار السياسي.
وقال الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، رياض نعسان آغا، إنه لا يتوقع أن يكون لإعلان الجولاني "أي انعكاس إيجابي".
وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "خطاب فك الارتباط مع تنظيم القاعدة لم يلق قبولاً دولياً"، مشيراً إلى أن خطاب الجولاني "لم يشر إلى تغيير في البنية، أو الأهداف".
وسبق إعلان الجولاني تسجيل صوتي لنائب زعيم تنظيم "القاعدة"، أحمد أبو الخير، دعا فيه "جبهة النصرة" للتوحد مع الفصائل "لأن ذلك أهم من الروابط التنظيمية"، مطالباً إياها بـ"اتخاذ الخطوات المناسبة، لضمان الجهاد الشامي والعمل على التوحد مع الفصائل لإقامة حكومة إسلامية راشدة"، في إشارة لموافقة تنظيم "القاعدة" على فك "جبهة النصرة" ارتباطها به.
ورحبت فصائل عسكرية تابعة للمعارضة السورية بإعلان فك الارتباط، مبدية الأمل في أن يلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل العسكرية السورية.
وقال الناطق باسم "جيش المجاهدين" في حلب، النقيب أمين ملحيس، إن خطاب الجولاني "ممتاز بجدارة"، معرباً عن أمله في أن "يقرّب وجهات النظر بين الفصائل في خطوة باتجاه توحيدها".
وأشار ملحيس في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن المجتمع الدولي "لم يعجبه هذا الخطاب ومصر على ضرب هذا التشكيل الجديد"، مضيفاً "إذا استمر التحالف في قصف تشكيل جبهة فتح الشام، فهو ضرب للثورة، وفصائلها".
ولفت إلى أنه في حال قصف التحالف "جبهة فتح الشام"، فإنه يصبح "عدو الثورة الأول"، وفق قوله.
وأشار ملحيس إلى أن حجة التحالف الدولي في ضرب "جبهة النصرة" بأنها مرتبطة بتنظيم "القاعدة" انتفت، مضيفاً: "الآن سقطت هذه الحجة ولم يعد مبرر لقصف التشكيل الجديد الذي أعلنه الجولاني".
كما أعرب عن قناعته بأنه سيأتي يوم ليس ببعيد يبدأ فيه التحالف الدولي بضرب فصائل الجيش السوري الحر "بحجة أنها ليست مع الديمقراطية، من أجل إجبارها على الانضواء تحت راية قوات سورية الديمقراطية".
وأشار ملحيس إلى أن واشنطن كانت تعتبر "حزب العمال الكردستاني" منظمة إرهابية، مضيفاً: "ولكننا اليوم نشهد تعاوناً عسكرياً معه في سورية من خلال ذراعه حزب الاتحاد الديمقراطي، وتبني قاعدة عسكرية قرب منطقة رميلان في محافظة الحسكة (شمال شرق) السورية".
من جهته، اعتبر أحد قادة الجيش السوري الحر في ريف حماة، ويدعى رائد عليوي، إعلان الجولاني فك الارتباط مع "القاعدة" "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنه "لم تعد هناك ذريعة للقتل، والتدمير بسورية"، موضحاً بأن فك الارتباط "كان مطلباً شعبياً".