تحت عنوان "قصة شجرة الكاوتشوك" ينطلق معرض الفنان التشكيلي اللبناني عبد القادري عند السادسة من مساء الخميس المقبل في متحف "سرسق" في بيروت ويتواصل حتى الرابع من حزيران/ يونيو المقبل.
يتضمّن المعرض أعمالاً من الرسم والنحت والفيديو، كلّها تتناول قصة بيت واحد مهجور في بيروت، حيث يستكشف الفنان "أسباب الهجران" كما يقول في حديث إلى "العربي الجديد" مضيفاً إنه "يستخدم البيت كمدخل إلى سؤال أبعد وأكثر عمقاً، يحاول من خلاله "رصد الدوافع التي جعلت أصحاب هذه البيوت يهجرونها، وتحديداً القصص المروية التي يجري تناقلها عن ذلك".
يكمل القادري "البيوت تحمل أسماء العائلات التي تملكها، تلك العائلات البيروتية العريقة والتي لم يبق لها نفس المكان في النسيج الاجتماعي المعاصر للمدينة، من هنا يمكن اعتبارها بمثابة سيرة ذاتية لأصحابها".
لا شك أن تناول ثيمة "بيوت بيروت المهجورة"، ليس جديداً في الفن اللبناني المعاصر، لكن عادة ما يجري طرحه وتناوله من زوايا معمارية تتعلّق بشكل خاص بذاكرة الحرب الأهلية، غير أن منطلق القادري في تناول هذه الثيمة مختلف وجديد؛ عن ذلك يقول "الثيمة ليست مكرّرة في نظري لأن الطرح مختلف كلياً، في المعرض أعود إلى شجرة الكاوتشوك التي بدأت زراعتها في بيروت في الثلاثينيات، وأصبحت جزءاً من المشهد اليومي في حياة سكانها، ومن خلال هذه الشجرة أحاول استعادة القصص من ذاكرة أولئك الناس، حيث أنها قد لا تعني الكثير لمن يراها اليوم".
استغرق التحضير للمعرض، عاماً، وقد اشتغل الفنان سابقاً على فكرته بعمل واحد انطلق فيه من بيت جده، يشرح "الإعداد لهذا المعرض أخذ وقتاً طويلاً لأنه يختلف عن أعمالي السابقة، فهو يتضمّن أربعة أعمال كبيرة توزّع على قاعتين في "سرسق" الأولى تضمّ جداريات، والثانية منحوتة وفيلماً، وقد تطلّب تنفيذها وقتاً طويلاً واستغراق بدقة كبيرة في التفاصيل، كما أنني اشتغلت ببعض المواد التي كنت أستخدمها لأول مرة".
يصف الفنان المعرض بأنه مشروع مستمر، ويوضّح أن "من الممكن التوسع فيه والتعاون مع معماريين ومتخصّصين في التخطيط المديني وباحثين، ثمّة تصوّرات مختلفة لأن المشروع قابل لإشراك آخرين فيه، بهدف أخذ الفكرة إلى أبعاد أخرى، لا سيما وأن المعرض الحالي يتعلق ببيت واحد فقط، وسيكون هناك بيوتاً وأشجاراً أخرى".
يتابع القادري "مثلاً في هذا المعرض تعبّر شجرة الكاوتشوك عن خلاف بين الإخوة أدّى إلى هجر البيت، أما في بيت آخر فالحالة مرتبطة بالشخص الذي زرع الشجرة وأراد أن يُدفن تحتها، ثمة مجازات أخرى، وكلّ شجرة لها قصة، فهي الراوي والشاهد على قصص هذه العائلات".
كيف تصف علاقتك ببيروت بصرياً، ماذا تعطيك المدينة وماذا تأخذ منك؟ نسأل القادري الذي يجيب "ابتعدت وسافرت عشرة أعوام عن بيروت، وكان هذا وقتاً كافياً لأرى المدينة من زاوية أخرى، حاولت أن أعيد اكتشافها وكنت فضولياً تجاهها، وأردت أن أعرف ما الذي فاتني في غيابي، وربما يكون هذا المشروع هو نتاج هذه العلاقة".