أمام بوابات السجون الرسمية والخاصة في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، يتواجد بشكل شبه يومي منذ أسابيع، عشرات النشطاء الشباب، وهم يرفعون لافتات كتب عليها: "لن نظلّ مكتوفي الأيدي"، مطالبين في ذلك، بإطلاق سراح معتلقين على ذمة قضايا بتهم كيدية.
هذه الطريقة الاحتجاجية التي بدأت على هيئة "مبادرة" ذات طابع حقوقي إنساني، دعا إليها مثقفون ونشطاء قبل حوالي شهرين، إذ باتت اليوم، تجد صدىً متزايداً في الأوساط الشبابية اليمنية، ما دفع بمراقبين محليين لأن يصفوا ما يحدث من تنوع وتجديد وابتكار في الوسائل والأساليب الرافضة للأوضاع السياسية والأمنية المتردية في البلاد، على أنها "ثقافة احتجاجية" بدأت تترسخ في أوساط المجتمع اليمني التواق لحياة أكثر مدنية وعدالة وحرية وأمن ورخاء.
وأوضح الكاتب اليمني، محمود ياسين، وهو من أوائل النشطاء الذين بدأوا الدعوة لهذه المبادرة وباشروا تنفيذها على الأرض، "أن الأمر في البداية لم يكن مرتب له بقدر ما كان شعوراً يتزايد بالالتزام الأخلاقي تجاه ضحايا مظلومين، فيما لم يلتفت لمحنتهم أحد من المعنيين".
وفي حديثه لـ"جيل العربي الجديد"، أشار ياسين، الذي نفّذ زيارات كثيرة لسجناء، إلى نجاحه في حشد النشطاء معه والضغط على جماعة الحوثي حتى الإفراج عنهم، وأشاد بدور الشباب الذين تفاعلوا مع المبادرة ونزلوا إلى السجون والمعتقلات رغم الإمكانيات المادية المعدومة والظروف الأمنية المقلقة، مبيّناً أنه بات يشعر بالسعادة الآن لأنه واحد من هذا الجيل اليقظ والتواق للحياة بحرية وكرامة، وخصوصاً أن هذه الطريقة الاحتجاجية ما تزال اليوم متواصلة وبشكل منسّق وغير منسق، في ظل تزايد انتهاكات جماعة الحوثي في بعض المحافظات.
في السياق ذاته، أكد الناشط المدني والإعلامي في محافظة الحديدة، عمرو الفروي، لـ"جيل العربي الجديد"، أن مدينته، غرب اليمن، تشهد بشكل شبه يومي، تظاهرات رافضة للإجراءات غير الشرعية لجماعة الحوثي، بالتوازي مع وقفات احتجاجية لعدد من النشطاء أمام السجون الحوثية التي يقبع فيها العشرات من المعتقلين الذين جرى اقتيادهم تحت تهديد السلاح من وسط التظاهرات الرافضة للانقلاب الحوثي.
وتباشر مليشيات جماعة الحوثي الاعتداء على كل تظاهرة سلمية رافضة لانقلابهم في بعض محافظات صنعاء وتعز وإب والحديدة، حيث تشير المعلومات إلى سقوط عدد من الشهداء وعشرات المصابين إثر إطلاق الرصاص الحي على تظاهرات سلمية مختلفة في المحافظات اليمنية، فيما باتت سجون الجماعة الخاصة والرسمية أيضاً، تعج بعشرات النشطاء السياسيين الذين يتعرضون لأسوأ أنواع الانتهاكات، فضلاً عن منع زياراتهم من قبل أقاربهم ورفقائهم، إن لم يتم اعتقال من يفكر بزيارتهم للمعتقلات.
ويتابع الناشط الفروي حديثه لـ"جيل العربي الجديد"، قائلاً: "لقد شهدت محافظة الحديدة اعتقالات لنشطاء حاولوا تنظيم وقفة احتجاجية مطلع الأسبوع، للمطالبة بالإفراج عن معتقلين سابقين"، مبيّناً أن "هناك معتقلين لم تعرف أماكن تواجدهم". وأوضح أن النشطاء باتوا "ينظمون وقفات احتجاجية يشارك فيها أطفال ونساء المعتقلين وتدعى إليها وسائل الإعلام".
أما في محافظة إب، وسط اليمن، فقد أكدت مصادر محلية تعرّض شقيق أحد المعتقلين للاعتقال بينما كان ذاهباً لزيارة أخيه في السجن. لكن هذه الإجراءات القمعية المنافية للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لن تثني اليمنيين عن مواصلة أنشطتهم الاحتجاجية المتنوعة رفضاً لكل إجراءات مليشيا الحوثي الانقلابية.
(اليمن)