من قال إن الجيش الفرنسي لا يتدخل في السياسة الفرنسية، خصوصاً، حين يتصوّر خطراً داهماً يتهدّد فرنسا، وحين لا تكون الميزانيات العسكرية في مستوى تطلعات القيادات؟ في هذا الصدد، كشفت أسبوعية "لوكنار أونشيني"، أن القادة العسكريين الأربعة في فرنسا يمارسون ضغوطاً على القيادة السياسية وعلى مختلف مرشحي الإليزيه القادمين، كي تُؤخَذ مخاوفُهُم وطلباتهم بعين الاعتبار.
ويسعى هؤلاء إلى الرفع من الميزانية المخصصة للدفاع، في وقت أوصى فيه حلف شمال الأطلسي، بشكل حازم، الدول الأعضاء بتكريس 2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لقضايا الدفاع، وهو ما يعني أن فرنسا مَطالَبة بتكريس 41 مليار يورو، سنة 2018 بدل 32,68 مليار المقررة.
ونشرت "لوكنار أونشيني" أن هذه المخاوف والطلبات عبّر عنها رئيس هيئة الأركان، الجنرال بيير ديفيليي، وكذلك رؤساء الجيوش الثلاثة، الجوية والبرية والبحرية. وأنها وُجّهت، بطريقة سرية، إلى مختلف مرشحي الرئاسة الفرنسية دون أي خشية من اتهامهم بلعب دور "مجموعة ضغط" (لوبي). ويأمل رؤساء الجيوش في الحصول، ابتداء من سنة 2018، على "زيادة ملموسة في المجهود الدفاعي"، وهو ما سبق للجنرال بيير ديفيليي أن فاتَح به النواب البرلمانيين الذين استقبلوه الشهر الماضي.
وتكشف "لوكنار أونشيني" أن العسكريين الأربعة تقاسموا الأدوار أثناء اللقاءات التي جمعتهم مع نواب البرلمان ومجلس الشيوخ أعضاء لجنة الدفاع أو الشؤون الخارجية. كما أن "الخطاب الحربي" الذي استمع إليه ممثلو الأمّة هو الخطاب ذاته الذي استمتع إليه مرشّحو الإليزيه.
وكان الجنرال بيير ديفيليي صريحاً حين شدّد، الشهر الماضي أمام 35 عضوا من لجنة الدفاع، على أنه "يجب من الآن فصاعداً أن نتعلم من جديد كي نفكر في الحرب"، لأن "الفضاء المتوسطي هو ملتقى كل الأزمات التي تمثل تهديداً لأمن فرنسا"، ومن بينها "التهديد الإسلاموي" من جهة، و"تواجد دول تتسلح وتمتلك استراتيجيات ترتكز على ميزان القوة، وهي موجودة على أبواب أوروبا"، في تلميح إلى روسيا، من جهة ثانية.
وفي إشارة إلى تقاسُمِ الفرنسيين نفس الهواجس، أضاف الجنرال ديفيليي، كما تقول الصحيفة، بأن "الجميع أدرك أن ضرورة وضع الأمّة كلها في وضعية المعركة أصبح، من الآن فصاعداً، إجماعاً". وهو موقف شدّد عليه قائد القوات البرية الفرنسية، الجنرال جان- بيير بوسير، حين قال، أمام مجلس الشيوخ، الشهر الماضي أيضاً: "يجب أن نهزم العدو. فإما هو أو نحن". الموقف ذاته عبّر عنه، قبله قائد القوات الجوية، الجنرال أندري لاناتا، حين كشف الحاجة إلى "صناعة حربية"، من "أجل دعم المجهود الحربي".