في العام الماضي، عرض المخرج التونسي نصر الدين الحجاج مسرحيته "أُنتر آكت" التي تتناول مصنعاً يمثّل صورة مصغرة عن المجتمع في بلاده، حيث يروي العمل قصة مجموعة من العمال تتعدّد سلوكياتهم وأزماتهم وصراعاتهم الداخلية.
يعود الحجاج هذه الأيام بعرض جديد ضمن رؤيته للفن الرابع باعتباره المختبر الذي يعالج المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال مسرحية "متشردين SDF" التي كان عرضها الأول على خشبة فضاء "كارمن" في تونس العاصمة، الإثنين الماضي، وسيعاد تقديمها خلال الشهر الجاري.
شارك في الأداء كلّ من منال الرياحي، وعلي الحجاج، ونضال فرج، ونزار الكشو، وشكيب الغانمي، حيث يعيد الحجاج طرح الانتظار بمفهومه العبثي من خلال الشخصيتين الرئيسيتين؛ خديجة وعلي، الأولى تمثّل المرأة البسيطة الواقعية التي ينحصر تفكيرها في كيس بلاستيك فقدته ولا همّ لها سوى توفير قوت يومها، بينما الثانية تجسد المثقف الحالم بعالم أفضل فكان الشارع ملجأه الأخير.
يتخذ العمل من قصة بسيطة ذريعة لاانتقاد تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية
تتشعب الفصص داخل العمل الذي يبدأ من مقعد في إحدى الحداق والذي يعيد أبطاله إلى التذكّر والعودة إلى الماضي، حيث يسلّط المخرج الضوء على تلك التناقضات بين الشخصيتين اللتين تختلفان في كلّ شيء حيث يتحدث علي عن قضايا كبرى مثل العولمة وتأثيراتها على البشرية، مقابل خديجة التي تقضي وقتها في جمع القوارير ثمّ البحث عن قليل من الراحة.
تركّز المسرحية على تلك الفجوة الكبيرة بين اثنين من المشردين اللذين يعكسان الكثير من تفاصيل المجتمع التونسي، فتذكر خديجة الاغتصاب الذي تعرّضت إليه أكثر من مرة، والذي يقود إلى التساؤل عن الانتهاكات المستمرة التي تعيشها التونسيات والتونسيين لكنهم يجبرون على الصمت لضمان مواصلة الحياة، وكذلك تلك الانتهاكات التي يتعرّض إليها الكثير من العمال فيحرمون من حقوق عديدة.
يتخذ الحجاج من القصة البسيطة لهذين المتشردين ذريعة من أجل انتقاد السلطة التونسية وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ويعكسها مشهد يجمع طبيب مهنته القتل يعمل في إدارة الأموات، مع الشخصية التي تريد الموت، حيث يصف الأحوال المتردية والمترهلة للعديد من المؤسسات التونسية.