قد لا يعير كثيرون اهتماماً لذلك الصوت الداخلي الذي لا يقول إلا الصدق غالباً، يتحدّث عن حقيقة كل واحد فيه، إنه مرآة بشكل غير مرئي.
تتحرك مسرحية "مزروب" للمخرج المغربي المقيم في فرنسا كريم التروسي في هذه المنطقة؛ منطقة الصوت الداخلي الذي يبوح بحقيقة ينكرها الشخص، ولكنه لا يلبث أن يعود أعقابه حين يلامس جدار عدم القدرة على مواصلة مغالطة نفسه.
تروي المسرحية قصة كاتب (تجسيد: هنري توما) حقّق مسيرة أدبية جيدة، يجد نفسه مصطدماً بتحدّي "الورقة البيضاء" من جديد؛ إذ لا يعثر في ذاته بما يمكن أن يملأها. هكذا، يصعد الصوت الداخلي للكاتب ليشكف له أنه لم يبق له ما يقول.
هنا، تنفصل الشخصية الرئيسية عن ذاتها، وتدخل في حوار جدّي مع صوتها الداخلي، باحثة في الذكريات البعيدة عن أصل هذه المحنة.
يستعمل التروسي الدمى للتعبير عن هذا الانفصال، حيث إنها تلعب أدوار شخصيات تتحرّك في ذكريات البطل مطوّرة طاقة الكشف ودافعة إيّاه إلى أسئلة أقسى. لم يأت اختيار الدمى بصفة اعتباطية، حيث إنها متجاسنة مع العالم الذي يؤوب إليه البطل، وهو طفولته.
العمل، كما يقول التروسي في تقديمه: "دعوة للتساؤل أين نحن ضمن التعنيف الناعم الذي يمارسه علينا كل ما حولنا من أحداث وأشخاص، حتى نكاد ننسى ذلك الصوت الداخلي الذي يقول لنا من نحن بصدق".
سيُعرض "مزروب"، الناطق بالفرنسية، يوم غد في "قاعة بيكيت" في طنجة، وهو من إنتاج فرقة "كومباني دو جور" المسرحية في باريس. كتبت النص الممثلة ومصمّمة العرائس إميلي مالوس؛ ما يفسّر أكثر حسن توظيف الدمى في هذا العمل.
اقرأ ايضاً: "لقاء": من يحرّك خيوط الهجرة؟