في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أطلقت وزارة الثقافة التونسية، بالشراكة مع "اتّحاد الناشرين التونسيّين"، معرضاً خاصّاً بالكتاب التونسي، ضمن محاولةٍ لتخصيص مساحةٍ للكتاب الوطني لا تتوافر له في "المعرض الدولي للكتاب" الذي يزدحمُ بعناوين عربية وأجنبية. وقد اعتبر القائمون على التظاهرة الجديدة أنها تأتي في إطار "سياسة إسناد سوق صناعة الكتاب، وتمكين الفاعلين في القطاع من الترويج لإصداراتهم".
يعود "المعرض الوطني للكتاب التونسي" في دورة ثانية تُقام تحت شعار "الحياة كتاب"، ويُنتظَر أن تنطلق في "مدينة الثقافة" في تونس العاصمة يوم الخميس المقبل وتستمرّ حتى التاسع والعشرين من كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري، بمشاركة سبعين دار نشرٍ تحضر بقرابة خمسة عشر ألف عنوان، وهي أرقامٌ أقلّ من تلك المسجّلَة في الدورة الأولى التي شهدت مشاركة 76 ناشراً بقرابة 45 ألف عنوان. ولعلّ ذلك يعكس، في أحد جوانبه، انتقائيةً أكبر للتظاهرة في اختيار دور النشر والعناوين المشاركة فيها.
في مؤتمر صحافي أُقيم مؤخّراً للكشف عن برنامج الدورة الجديدة، قالت مديرة المعرض، إيمان بوخبزة، إنَّ التظاهرة تهدف إلى "استرجاع القارئ والمكانة التي فقدها الكتاب، من خلال توفير فضاءٍ للجمهور للتعرّف على مستجدّات الإنتاج الفكري والأدبي والعلمي والفني التونسي، وتوفير ظروف ملائمة للناشرين لعرض إصداراتهم".
من جهته، أشار رئيس "اتحاد الناشرين"، محمد صالح المعالج، إلى انتعاش سوق النشر في تونس كمّاً ونوعاً؛ حيث ارتفع عدد الإصدارات في السنة الواحدة إلى قرابة ألفَي عنوان بعدما كان في حدود الألف إصدار، مع تسجيل تحسُّن في نوعية الكتب، مضيفاً أنّ "الناشر التونسي بات قادراً على منافسة كبريات دور النشر العربية، ولم يعُد ثمّة مبرّر لتفضيل الناشر الأجنبي على الناشر المحلّي".
تُقام، على هامش المعرض، عدّة ندواتٍ تتناول "إدارة الحياة ومقاومة العنف والفساد"، و"الكتاب الرقمي وحقوق التأليف"، و"أدب السجون"، إلى جانب لقاءات حول واقع الكتاب والرواية والسينما والكتابة للطفل. وكما في دورتها السابقة، تُخصّص التظاهرة أربع جوائز؛ هي: "جائزة المعرض الوطني للكتاب التونسي الإبداعي"، و"الكتاب الفكري"، و"الكتاب الموجَّه للطفل"، و"الكتاب المترجَم"، إلى جانب جائزتَين جديدتَين هما: "أفضل عمل إبداعي نسائي حول الحقوق والحريات"، و"جائزة الإبداع الشبابي" التي تُمنَح لكتّاب لا تتجاوز أعمارهم خمسةً وثلاثين عاماً.
يترافق المعرض مع عدد من التساؤلات منها عدم استمراره في موعد واحد من السنة؛ حيث أقيم العام الماضي في تشرين الأول/ أكتوبر، إضافة إلى تغيير هيئته دون أن توضّح وازرة الثقافة هذا الخيار. من جانب آخر أُثيرت انتقادات حول عدم إمكانية حضور كتب لتونسيّين نُشرت في دور أجنبية، وهي كثيرة، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول تصنيف الكتب ضمن نطاق وطني، وإن كانت هيئة المعرض قد أكّدت على إمكانية مشاركة أي كتاب لمؤلّف تونسي في حال توفُّر دار نشر مشاركة لها ترخيص بتوزيعه.