تشهد أروقة السلطات في ليبيا مباحثات حثيثة بدعم غربي، لإعادة النظر في حراسات الحقول النفطية، ولا سيما في الجنوب ومنطقة الهلال النفطي شرق البلاد، التي تتضمن عدداً من الموانئ المصدرة للنفط.
وتأتي هذه المباحثات بعدما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني، قبل نحو أسبوع، رفع حالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة جنوب البلاد، الذي ظل مغلقاً منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حينما سيطرت عليه قوات شرق ليبيا بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وبحسب بيان للمؤسسة الوطنية للنفط، يوم الإثنين الماضي، فإن قرار رفع القوة القاهرة جاء بعد التأكد من خروج المجموعة المسلحة المسؤولة عن إغلاقه، إذ قال مصطفى صنع الله إن "المؤسسة الوطنية للنفط تلقت تأكيداً يفيد بإعادة استتباب الأمن في الحقل، وقد تمّ التحقق من ذلك من قبل فريق التفتيش الخاصّ بنا، ومن ثم أصبح من الممكن للعاملين مزاولة عملهم".
وشدد على "ضرورة إبقاء المؤسسة الوطنية للنفط مستقلة وضمان عدم تعرّضها لأي ابتزازات أو غارات مسلحة"، مشيراً إلى ضرورة توفير تدابير أمنية إضافية لحماية الموظفين، من خلال "إنشاء مناطق خضراء آمنة" دون تفاصيل.
لكنّ مصدراً في وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، كشف في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، عن اتصالات أجرتها مؤسسة النفط بمسؤولي دول غربية وتحديداً بريطانيا والولايات المتحدة، من أجل فرض شكل جديد من أشكال الحماية المشتركة برعاية دولية على حقول وموانئ النفط، مؤكداً أن هذه الحماية هي التي أشار إليها صنع الله بقوله "مناطق خضراء".
وأضاف المصدر أن "صنع الله وفايز السراج (رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني) حملا معهما إلى أبوظبي ورقة النفط، وتمكنا من فرض شروطهم بشأن حيادية عناصر الحماية في حقول النفط وجرى إرغام حفتر على القبول بذلك، لقاء توليه وظائف عليا في المؤسسة العسكرية".
واستضافت الإمارات التي تدعم حفتر، اجتماعاً نهاية فبراير/ شباط الماضي، لعدد من الأطراف الليبية والدولية. وتابع المصدر في الخارجية الليبية، أن مسؤولي دول غربية أكدوا ضرورة خضوع قوات حماية الحقول النفطية لجسم تابع لحكومة الوفاق ومنفصل كلياً عن حفتر.
وقال: "من الواضح أنه سيكون هناك وجود دولي في مواقع النفط سواء الحقول أو الموانئ، ومن ثم لن يتمكن حفتر من غلقها مجدداً واستخدامها ورقة للضغط، كما أنها ستكون في مأمن من هجوم أي مجموعات مسلحة كقوات إبراهيم الجضران (زعيم فصيل مسلح)".
ووصل الإنتاج في حقل الشرارة، وفق مصادر نفطية، إلى نحو 180 ألف برميل يوم السبت الماضي، فيما تبلغ طاقته الإنتاجية 315 ألف برميل يومياً.
وإعلان حالة القوة القاهرة، وهو بند قانوني في مبيعات النفط، يعفي البائع من المسؤولية في ظروف تقع خارج نطاق سيطرته.
وكان حقل الشرارة يضخ الإنتاج إلى ميناء الزاوية غرب ليبيا، عن طريق شراكة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "ربسول" الإسبانية.
وتسبب الصراع المتصاعد في خسائر باهظة للنفط الليبي، وأظهر تقرير صادر عن ديوان المحاسبة في طرابلس، أن ليبيا خسرت نحو 150 مليار دينار (107 مليارات دولار)، من جراء توقف موانئ التصدير خلال الفترة من منتصف عام 2013 وحتى نهاية 2016 فقط، فيما تشهد البلاد توقفاً متكرراً للحقول منذ ذلك التاريخ.