يتكوّن المعرض من مجموعتين هما "المحاكمة"(2013)، و"الوطن الأم" (2016)، قام بتطويرهما ديبي في وقت سابق لتشارك الأولى في "بينالي البندقية" في إيطاليا عام 2013، كما كان من المفترض أن تشارك الثانية في "بينالي كاناكالي" في تركيا عام 2016، لكن التظاهرة تأجّلت لأسباب أمنية، حيث يشكّل تجاور المجموعتين حواراً بين موضوعيهما؛ الثورة والمنفى، إلى جانب العديد من القضايا المتعلّقة بالوطنية الحديثة.
في تقديمه للمعرض، يصف الباحث والشاعر العراقي شاكر لعيبي الفنان عيسى ديبي في تجربته هذه بأنه "ينظر إلى المنفى بصفته فكرة ومهنة ومهمة للمرئي وللذهن كليهما، ثلاثي الأبعاد. وبهذه الثلاثية المتلازمة له، للمنفى، لا يمكن لمفهومات البلاستكي أن تتقلص إلى أنين أو رثاء على المستوى المفهومي، أو إلى تذكار للمكان ونوستالجيا له على المستوى التشكيلي الخالص. هكذا تتداخل مشكلات الفكر والفن والسياسة والعذاب الجمعي كما الشخصي، لتتمظهر في بنية عصية على التلخيص".
"المحاكمة" هي عمل تركيبي لقناتي فيديو، تصوّران ثلّة من الممثّلين في مسرح مربع أسود، يقرؤون أجزاءً من نص بيان عام 1973 للشاعر الفلسطيني داود تركي (1927 – 2009)، حين كان يحاكم في محكمة تتبع الاحتلال الصهيوني، بتهمة "التجسّس والتعاون مع العدو"، إذ كان تركي يحمل خطاباً ثورياً ضد المستعمِر، وقد صوّر ديبي العمل في حيفا حيث نشأ الاثنان.
في أثناء تصوير عمله كان ديبي مقيماً في القاهرة حين اندلعت "ًثورة 25 يناير" 2011، وهو يطرح فيه ارتباط الثورة الفلسطينية بالتيارات الثورية العالمية في السبعينيات، كما يقارب الوضع السياسي المصري في 2013 في سياق صراع ثوري أشمل.
في "أرض الأمهات" مزيج من مرثية لوالدة الفنان وتأمَلات فوتوغرافي في المنفى، من خلال صور التقطها ديبي لمناظر طبيعية في الولايات المتحدة وسويسرا، حيث عاش في السنوات الأخيرة، ويحمل المشروع تساؤلات حول تعريف "الوطن" و"الأم" والطبيعة العاطفية للوجود بين المساحات والأماكن، وكيف ترتبط التيارات السياسية الكبيرة بالحياة الشخصية للإنسان؟ من خلال سلسلة من الصور الفوتوغرافية المطبوعة التي تستدعي شاعرية المكان.
على هامش المعرض، يدير الباحث والأنثربولوجي من "جامعة زيورخ" السويسرية، آيمون كريل لقاءً حوارياً في "مركز خليل السكاكيني الثقافي"، بعنوان "الصراع حول المسلّمات: استحقاق العالم في ظل الحرب، والاحتلال، والمنفى وما ورائها"، والذي يناقش أثر القضايا العامة في الممارسة الفنية، ويستعرض دور المؤسسات، والبيناليات، والمعاهد الفنية، والإقامات الفنية، والغاليريهات في استنساخ النماذج القائمة وتوفير الصيغ البديلة أيضاً.