وأشارت الصحيفة، في مقال لكاتبها دايفيد إغناتيوس، اليوم الأربعاء، إلى أنّ كبار المسؤولين الأميركيين قالوا مراراً إنّ واشنطن تسعى إلى حل دبلوماسي للأزمة النووية مع كوريا الشمالية، "لكن تصريحات ترامب المهينة تجاه كيم يبدو أنّها جعلت هذه التسوية التفاوضية أكثر صعوبة".
ولفت الكاتب إلى أنّ أي مسؤول أميركي رفيع المستوى لم يسأل أمام الرأي العام، ووسط أجواء "تويتر" بقيادة حكومة فوضى إدارة ترامب، ما إذا كان هراء الرئيس حول "الرجل الصاروخ" وتهديده "بالتدمير الكامل" لكوريا الشمالية، قد قوّض استراتيجيته الخاصة بشأن التعامل مع الأزمة.
وأشار في الوقت عينه إلى أنّ هناك "مخاوف متزايدة" من أنّ تؤدّي تعليقات ترامب إلى إغلاق آخر الأبواب المفتوحة المتبقية، أمام إمكانية التوصّل إلى حل دبلوماسي سريع للأزمة.
ولفت إغناتيوس في المقابل إلى أنّ مراقبي كوريا الشمالية المتمرسين يعتقدون أنّ تهديدات ترامب قد عزّزت كفة مقاومة كيم، أمام كفة تقديمه تنازلات، مرجّحين احتمال عدم تراجع زعيم كوريا الشمالية في المواجهة مع واشنطن.
ورأى إغناتيوس أنّ كيم، ومن خلال الرد شخصياً على وعيد ترامب، وإصداره تهديدات مضادة بدوره، جرّ هيبته الشخصية والهالة المحيطة بعائلته إلى المواجهة مع واشنطن.
ويؤكد مراقبو كوريا، بحسب الصحيفة، أنّه منذ 70 عاماً كانت هوية كوريا الشمالية هي أنّها بلد صغير جريء، مسلّح حتى النخاع، لطالما كان ولا يزال ينجو من عدم التنازل أمام أي تهديد خارجي. موقف النظام هناك هو: "نحن لا نمانع الموت، ولكننا سوف نجعلك تدفع لذلك ثمناً لا تريد أن تدفعه".
وفي الوقت عينه لفت الكاتب إلى أنّ الآمال بأنّ دائرة كيم الداخلية قد تتفتت كلما تصاعدت حدة المواجهة ربما هي في غير محلّها، إذ يبدو أنّ كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين ومسؤولي الاستخبارات في كوريا الشمالية، مقتنعون بأنّهم لن يتخلّوا عن نظام بلادهم، حتى في حال انهياره.
وبهذا الخصوص قال إغناتيوس، في مقاله، إنّ "مصير عائلة صدام حسين وشركائه في العراق، يقدّم درساً محبطاً، وهو أنّ المطلعين لا يستطيعون الانفصال بسهولة عن النظام".
"ما هي خريطة الطريق التي تسمح للولايات المتحدة وكوريا الشمالية بالابتعاد عن حافة الهاوية؟"، يتساءل الكاتب، ويجيب أنّه من المحتمل أن تبدأ بتنازل من جانب واشنطن يخفف من قلق كوريا الشمالية، أو أن يكون هناك اقتراح أميركي يعرض الحدّ من نطاق المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في عام 2018.
أما الاحتمال الجامح ثالثاً، بحسب الصحيفة، فقد يكون بادرة من قبل ترامب "للذهاب إلى كوريا"، على غرار ما تعهد دوايت إيزنهاور القيام به في عام 1952 خلال ذروة الحرب الكورية، معتبرة أنّه "بالنسبة لرئيس يحب الدراما سيكون من الصعب عليه التغلّب على اجتماع كهذا في منطقة مجردة من السلاح".
وأمام هذه الاحتمالات، رأى إغناتيوس في مقاله، أنّ الخطوات الأولى، بعيداً عن المواجهة، يجب أن تكون صغيرة، مشيراً إلى أنّ "لغة خطاب ترامب ربما تحرق الصفقة الكبيرة، في الوقت الحالي".
ومحاولاً الإجابة عن سؤال خارطة الطريق الممكنة بين واشنطن وبيونغ يانغ، قال إغناتيوس إنّ بياناً أولياً يقلّل التوترات، يمكن أن تتبعه تدابير أخرى لبناء الثقة، ثم، في نهاية المطاف، يمكن التوصّل إلى إجراء محادثات حول إزالة الأسلحة النووية، وتخفيض القوات الأميركية في المنطقة.
وختم إغناتيوس مقاله في "واشنطن بوست" بالقول إنّ "درس التواضع الذي على ترامب أن يتعلّمه هو: لقد أوصلك طريق التبجّح بالتهديدات إلى حافة الهاوية. الآن عليك التوقف عن الشجب والبدء في التحرّك للتعامل مع الأزمة".
(إعداد: هناء نخال)