غالباً، تقترن الموسيقى الآلية بالتجريد، إذ يصعب إحالتها إلى معنىً محدّد، ويظلّ باب تأويل المقطوعة مفتوحاً على مصراعيه. لكن، من جهة أخرى، يحاول بعض الموسيقيين سحب أعمالهم إلى منطقة تُتيح للمستمع أن يقرأ القطعة الموسيقية ضمن سياقٍ ما، يقلّل من تجريديتها، ويربطها في قضية معينة.
هكذا، يستند المؤلّف الموسيقي وعازف البيانو الفلسطيني، فرج سليمان، في أعماله على مسألتين؛ الأولى تتعلّق بآلية التأليف ووضع الألحان، والثانية تربط العمل الموسيقي بآخر بصري يشكّل نظيراً له، كما فعل في عرضه "ثلاث خطوات"، الذي قدّمه في حيفا مطلع العام الماضي.
في هذا العرض، الذي أخرجه عامر حليحل، ارتكز سليمان على خلفيّة بصرية تصوّر فتاةً تجوب في شوارع مدينة حيفا المحتلّة التي انتقل إليها من القدس؛ إذ كُتبت المقطوعة تزامناً مع هذا الانتقال.
في 11 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يقدّم صاحب "تسجيل دخول" عرضاً من إخراج المسرحي نزار أمير الزعبي، تحت عنوان "وحل". يصف العمل ليلةً واحدة في الوطن العربيّ، محاولاً تلخيص أزماته السياسيّة والاجتماعيّة المعيشة.
إلى جانب مقطوعات سيلمان على البيانو، تشارك مجموعة من الفنانات من خلال أداء غنائي. الفنانات هنّ رنا خوري ومنى حوّا وميساء ضوّ ورهام خوري.
يوازن "وحل" بين المادة الموسيقية والتعبير البصري الأدائي؛ إذ يشارك فيه أحد عشر ممثّلاً وممثلة، يقدّمون، مع الموسيقى، عرضاً تساؤلياً يرصد التخبّطات التي يعيشها المواطن العربي، محاولين التطرّق إلى هذه الأسئلة بعيداً عن الكليشيهات والادّعاءات الجاهزة، كما يوضّح سيلمان.
من خلال الاستماع إلى الفيديو الإعلاني للعرض، يمكن مُلاحظة الجانب الدرامي الذي تتّسم فيه الموسيقى، خصوصاً مع مرافقة الفنانات لها من خلال تعابير صوتية تُساهم، إلى جانب العامل البصري، في نقل موضوع العمل إلى المشاهد.
"وحل" هو العمل الموسيقي الثالث لسليمان، بعد ألبومه الأول، "تسجيل دخول" (2014)، إضافة إلى "ثلاث خطوات". كما شارك، قبل أشهر، في "مهرجان بيانو سيتي" في مدينة ميلانو الإيطالية.
اقرأ أيضاً: فرج سليمان.. البيانو مختبراً للتراث