يعتقد كتاب ومحللون أن هذا الأمر ليس مجرد تحليل منطقي لسياق الأحداث، أو لانتهاء فاعلية الأسباب الموجبة للوجود الأميركي، بل يبنون ذلك على معلوماتٍ ودراساتٍ قامت بها مراكز التحليلات الاستراتيجية هنالك.
ويقوم التحليل على أساس أن الهدف الرئيسي والتاريخي الذي جلب الولايات المتحدة إلى المنطقة هو النفط. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، دخلت الولايات المتحدة في اتفاق مع المملكة العربية السعودية بموجبه، وبموافقة بريطانية، على امتياز التنقيب عن النفط في منطقة الإحساء، شرق المملكة.
وفي عام 1942، وبعد إنشاء شركة أرامكو السعودية، وجد النفط، وتبيّن أن منطقة الامتياز التي حصلت عليها شركة ستاندارد أوف كاليفورنيا هي أكبر حقل نفطي في العالم.
وجد النفط في الولايات المتحدة في نهاية العقد السادس من القرن التاسع عشر في ولاية بنسلفانيا، ثم اكتشفت حقول أخرى كثيرة في أوكلاهوما وتكساس وكاليفورنيا وغيرها، ولكن النفط الأميركي لم يكن كافياً لسد حاجات الولايات المتحدة.
اقــرأ أيضاً
وأخيراً، تحول الأمر، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، فالبيئة يعتبرها حيلةً لمنع الولايات المتحدة من استثمار المخزون النفطي الكبير، والماثل في الصخر الزيتي والرمل الزيتي.
وبفضل ما سمّي تكسير الصخور (Fracture)، وتتبع مسار النفط السائل و(Tracking)، وبعد مزج الكلمتين في كلمة واحدة، وهي "Fracking"، تمكّنت الولايات المتحدة من استخلاص النفط من الصخور والرمال. وأخيرا، وبفضل البحث والتطوير التكنولوجي، تمكّنت من تخفيض الكلفة إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل الواحد من الزيت الخفيف.
وبهذه الإنجازات، يقول الخبراء إن الولايات المتحدة صارت الآن أكبر منتج للنفط السائل في العالم. وبعد سماحها بتصدير النفط إلى الخارج، من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة المصدر الأكبر لهذه المادة في العالم، متفوقةً على كل من المملكة العربية السعودية والاتحاد الروسي.
وبفضل تحول الولايات المتحدة من مستوردٍ للنفط إلى مصدّر له، فإن خبراء يتوقعون أن يتحول العجز في الميزان التجاري الأميركي في القريب العاجل إلى فائض. وسوف يُستفاد من هذا الفائض في امتصاص الدولارات الأميركية من الأسواق العالمية، وتمكين الولايات المتحدة من سداد ديونها الخارجية.
اقــرأ أيضاً
وهنالك قضية أخرى، فالصين المنافس الأول للولايات المتحدة، بدأ يُرى تراجعٌ كبيرٌ في ميزانها التجاري. وبسبب تحديد النسل في طفل واحد للأسرة منذ عام 1980، فإن عدد الشباب هنالك تراجع كثيراً بالقياس إلى المعمّرين الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر. وكذلك، تعاني الصين من هجرة الأدمغة، وارتفاع التكاليف، وتراجع الأرصدة الفائضة.
والصين تستورد الآن سلعاً رأسمالية كثيرة، لتحدث نقلة في صناعاتها نحو السلع ذات القيمة الإضافية الأعلى، بدلاً من استمرار الاعتماد على تصدير السلع الاستهلاكية ومواد البناء والمنتجات المقلّدة.
ويرى خبراء أن الصين، خلال العقدين المقبلين، لن تشكل تحدياً كبيراً للاقتصاد الأميركي خلال العقود المقبلة، فالحرب بين الولايات المتحدة والصين تكنولوجية، تتجلى في منافسة تجارية حادة ومنافسة في العملات، يسميها بعضهم الحرب التجارية وحرب العملات.
ولكن وقف الولايات المتحدة تصدير الهارد ديسك (Hard discs) ومنع Intel من تصدير الشيبس المتطورة والدفاعية إلى الصين، وإيقاف بعض الاستخدامات عن شركة "هواوي"، ليست إلا أنماطاً من حرب التكنولوجيا.
اقــرأ أيضاً
وفي المقابل، يرى بعضهم رأياً مختلفاً، وهو أن المخزون الأميركي من النفط التقليدي آخذٌ بالتقلص بسرعة كبيرة، وأن أميركا لن تبقى على رأس قائمة المنتجين والمصدرين فترة طويلة. والأمر الآخر أن الميزان التجاري قد تحسّن، ولكن معدل العجز مع العالم ما زال في حدود 50 مليار دولار شهرياً، وأن تغطية العجز بالكامل ستأخذ وقتاً أطول.
وبالنسبة للمديونية الأميركية، فإنها قد وصلت في نهاية عام 2018 إلى 22 تريليون دولار، أو على الأقل 78% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع هؤلاء أن يستمر هذا الدين في الارتفاع، حتى يصل عام 2029 إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن الكل مقتنع بأن الدولار سيبقى العملة المسيطرة، وأن التطور التكنولوجي الهائل في مجال ICT ، أو تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، سيستمر، ما سيمكن الولايات المتحدة من أن تبقى مسيطرة على نظام المدفوعات الدولي، وستبقى مركزاً للتسويات الدولية، ما يعطيها نفوذاً عظيماً ويبقي الدولار العملة المسيطرة الدولية لأجل طويل.
اقــرأ أيضاً
أمام هذه الحقائق، يقول كثيرون إن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط. وحتى تتمكّن من الخروج، فذلك يتطلب إنجاز أمرين: احتواء إيران وضمان دورانها في الفلك الأميركي. وهذا ما يجري عليه العمل بقوة، وإنهاء القضية الفلسطينية بشكل مرضٍ لإسرائيل، وحافظ لأمنها، ويعطيها الفرصة للتفاعل مع بلدان المنطقة، ما يقلل من مخاوف الولايات المتحدة على مستقبلها.
هل ستخرج أميركا بعد ذلك من المنطقة أو تفقد اهتمامها بها؟
الجواب ليس تماماً، فالولايات المتحدة لا تريد ترك المنطقة فارغة (اصطلاح استخدمه آيزنهاور في أوائل خمسينيات القرن الماضي). وإذا تركت المنطقة، فقد تنضم للصين، وخصوصا أن الصين والهند ستصبان في السوق الأهم للنفط العربي، ما يجعل المصالح العربية مرتبطة بهما. وهذا أمرٌ لا تريده الولايات المتحدة، إذا كانت الصين هي خصمها الأول وعدوها اللدود.
علينا أن ننتبه في الوطن العربي لهذه الأمور كلها، وعلينا أن نبقى كياناً ذائباً، وللأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، دراسات واستنتاجات مهمة حوله، سوف نعرضها في مقال قادم. .. أما كلمة يوسكزت، فهي (USEXIT)، وتحديداً من منطقة الشرق الأوسط.
ويقوم التحليل على أساس أن الهدف الرئيسي والتاريخي الذي جلب الولايات المتحدة إلى المنطقة هو النفط. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، دخلت الولايات المتحدة في اتفاق مع المملكة العربية السعودية بموجبه، وبموافقة بريطانية، على امتياز التنقيب عن النفط في منطقة الإحساء، شرق المملكة.
وفي عام 1942، وبعد إنشاء شركة أرامكو السعودية، وجد النفط، وتبيّن أن منطقة الامتياز التي حصلت عليها شركة ستاندارد أوف كاليفورنيا هي أكبر حقل نفطي في العالم.
وجد النفط في الولايات المتحدة في نهاية العقد السادس من القرن التاسع عشر في ولاية بنسلفانيا، ثم اكتشفت حقول أخرى كثيرة في أوكلاهوما وتكساس وكاليفورنيا وغيرها، ولكن النفط الأميركي لم يكن كافياً لسد حاجات الولايات المتحدة.
وأخيراً، تحول الأمر، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، فالبيئة يعتبرها حيلةً لمنع الولايات المتحدة من استثمار المخزون النفطي الكبير، والماثل في الصخر الزيتي والرمل الزيتي.
وبفضل ما سمّي تكسير الصخور (Fracture)، وتتبع مسار النفط السائل و(Tracking)، وبعد مزج الكلمتين في كلمة واحدة، وهي "Fracking"، تمكّنت الولايات المتحدة من استخلاص النفط من الصخور والرمال. وأخيرا، وبفضل البحث والتطوير التكنولوجي، تمكّنت من تخفيض الكلفة إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل الواحد من الزيت الخفيف.
وبهذه الإنجازات، يقول الخبراء إن الولايات المتحدة صارت الآن أكبر منتج للنفط السائل في العالم. وبعد سماحها بتصدير النفط إلى الخارج، من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة المصدر الأكبر لهذه المادة في العالم، متفوقةً على كل من المملكة العربية السعودية والاتحاد الروسي.
وبفضل تحول الولايات المتحدة من مستوردٍ للنفط إلى مصدّر له، فإن خبراء يتوقعون أن يتحول العجز في الميزان التجاري الأميركي في القريب العاجل إلى فائض. وسوف يُستفاد من هذا الفائض في امتصاص الدولارات الأميركية من الأسواق العالمية، وتمكين الولايات المتحدة من سداد ديونها الخارجية.
وهنالك قضية أخرى، فالصين المنافس الأول للولايات المتحدة، بدأ يُرى تراجعٌ كبيرٌ في ميزانها التجاري. وبسبب تحديد النسل في طفل واحد للأسرة منذ عام 1980، فإن عدد الشباب هنالك تراجع كثيراً بالقياس إلى المعمّرين الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة أو أكثر. وكذلك، تعاني الصين من هجرة الأدمغة، وارتفاع التكاليف، وتراجع الأرصدة الفائضة.
والصين تستورد الآن سلعاً رأسمالية كثيرة، لتحدث نقلة في صناعاتها نحو السلع ذات القيمة الإضافية الأعلى، بدلاً من استمرار الاعتماد على تصدير السلع الاستهلاكية ومواد البناء والمنتجات المقلّدة.
ويرى خبراء أن الصين، خلال العقدين المقبلين، لن تشكل تحدياً كبيراً للاقتصاد الأميركي خلال العقود المقبلة، فالحرب بين الولايات المتحدة والصين تكنولوجية، تتجلى في منافسة تجارية حادة ومنافسة في العملات، يسميها بعضهم الحرب التجارية وحرب العملات.
ولكن وقف الولايات المتحدة تصدير الهارد ديسك (Hard discs) ومنع Intel من تصدير الشيبس المتطورة والدفاعية إلى الصين، وإيقاف بعض الاستخدامات عن شركة "هواوي"، ليست إلا أنماطاً من حرب التكنولوجيا.
وفي المقابل، يرى بعضهم رأياً مختلفاً، وهو أن المخزون الأميركي من النفط التقليدي آخذٌ بالتقلص بسرعة كبيرة، وأن أميركا لن تبقى على رأس قائمة المنتجين والمصدرين فترة طويلة. والأمر الآخر أن الميزان التجاري قد تحسّن، ولكن معدل العجز مع العالم ما زال في حدود 50 مليار دولار شهرياً، وأن تغطية العجز بالكامل ستأخذ وقتاً أطول.
وبالنسبة للمديونية الأميركية، فإنها قد وصلت في نهاية عام 2018 إلى 22 تريليون دولار، أو على الأقل 78% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع هؤلاء أن يستمر هذا الدين في الارتفاع، حتى يصل عام 2029 إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن الكل مقتنع بأن الدولار سيبقى العملة المسيطرة، وأن التطور التكنولوجي الهائل في مجال ICT ، أو تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، سيستمر، ما سيمكن الولايات المتحدة من أن تبقى مسيطرة على نظام المدفوعات الدولي، وستبقى مركزاً للتسويات الدولية، ما يعطيها نفوذاً عظيماً ويبقي الدولار العملة المسيطرة الدولية لأجل طويل.
أمام هذه الحقائق، يقول كثيرون إن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط. وحتى تتمكّن من الخروج، فذلك يتطلب إنجاز أمرين: احتواء إيران وضمان دورانها في الفلك الأميركي. وهذا ما يجري عليه العمل بقوة، وإنهاء القضية الفلسطينية بشكل مرضٍ لإسرائيل، وحافظ لأمنها، ويعطيها الفرصة للتفاعل مع بلدان المنطقة، ما يقلل من مخاوف الولايات المتحدة على مستقبلها.
هل ستخرج أميركا بعد ذلك من المنطقة أو تفقد اهتمامها بها؟
الجواب ليس تماماً، فالولايات المتحدة لا تريد ترك المنطقة فارغة (اصطلاح استخدمه آيزنهاور في أوائل خمسينيات القرن الماضي). وإذا تركت المنطقة، فقد تنضم للصين، وخصوصا أن الصين والهند ستصبان في السوق الأهم للنفط العربي، ما يجعل المصالح العربية مرتبطة بهما. وهذا أمرٌ لا تريده الولايات المتحدة، إذا كانت الصين هي خصمها الأول وعدوها اللدود.
علينا أن ننتبه في الوطن العربي لهذه الأمور كلها، وعلينا أن نبقى كياناً ذائباً، وللأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، دراسات واستنتاجات مهمة حوله، سوف نعرضها في مقال قادم. .. أما كلمة يوسكزت، فهي (USEXIT)، وتحديداً من منطقة الشرق الأوسط.