التسعينيات
إنها التسعينيات،
تجري خلفي
لطالما هششت عليها بأيام
من عقد الألفية الجديد
دون جدوى
التسعينيات التي أهدرتها واقفاً بانتظار غودو عربي
بينما أمي تنتظر عودتي وتؤجل سرطانها، كي تموت
التسعينيات التي تجرّأت فيها على ماركس
واعتبرته حكيماً قابلاً للطعن
التسعينيات التي فرّت،
وانا أمسك بثوب الواقعية الاشتراكية
وأعلي من شأن فريدة النقاش وحسين عبدالرازق حتى الثورة الأخيرة
التسعينيات التي ستظل قابلة للتأويل
فيما أسعى لإزاحتها
متوسلاً
إعادة الثمانينيات
على كلاكيت أول مرة.
■ ■ ■
الأهل
سأتيكم الليلة
مثل أغنية بعيدة لماجدة الرومي
في عودة الإبن الضال
سأدق عليكم الباب
ذلك أفضل من الجرس
لأنه يذكر بالسبعينيات
وبالسجائر والقهوة
والمشاوير الهائلة لأعرف إن كنتم في البيت
تخططون لقلب نظام الحكم (أي حكم)
وتنتصرون لثورات بعيدة
فيما جدتنا جميلة
تستغفر الله على آثام لا نعرف متى ارتكبتها
هي التي لم تغادر البيت منذ ستين عاماً
سآتيكم بمصطلحات جديدة
تعلمتها في السفر
وحفظتها خصيصاً كي أدهشكم
لكنكم لا تندهشون
كان التلفزيون قد وصل
واللابتوب
والموبايل
وصارت النوستالجيا التي عدت بها
دارجة على لسان الجدة
كفعل ماضي ممنوع من التكرار
مثل وصمة
لا تزيلها الأعذار المتأخرة.
■ ■ ■
الأربعون
الكلبة
التي تنبح على الشهوات ولا تعض
التي تنهال بسرعة ألف حصان كل يوم
تواصل طريقها
مثل قطار في مشواره الأخير
من زحام المدينة
إلى الريف.
■ ■ ■
عندما مر
وجهك في البال
كنت حيادياً
مثل صيف باهت
بلا حروب
ولا معاهدات صلح
وحده
الكلب الذي ينبح في صدري
ظل يحفر في الندم
مثل حصان خاسر
■ ■ ■
1975
لستُ من رمى النافذةَ بالحصى، كي تستيقظي في الليل
لكني الولدُ الوحيد
الذي لم يهرب
حين أطلَ وجهكِ الناعس من الشباك
وأنا الذي رأيت
ثيابَ نومكِ تتدلى، وأنت تنظرين من علوّك إلى الشارع
خلفكِ مصباحٌ صغير
وأنا تحت، في العتمة
أراكِ
كأنكِ على شاشة سينما
أجمل بكثير من سعاد حسني.
* شاعر فلسطيني والقصائد من مجموعة "شجار في السابعة صباحاً" الصادرة حديثاً عن "دار الأهلية" في عمّان