تشتهر العاصمة النمساوية بصخب شهر الأعياد، ومجيء السائحين إليها من شتى بقاع العالم. وتتميز فترة الاستعداد لعيد الميلاد في النمسا بطابع خاص، على الرغم من أن الاحتفالات التقليدية تنشط في أكثر من عاصمة أوروبية. فأسواق النمسا تبقى مقصدا، وسوقا كبيرا للأوروبيين وغيرهم للتسوق قبل عيدَي الميلاد ورأس السنة.
ويشهد هذا العام مشاركة فلسطينية واسعة، وتسويقا للمنتجات الفلسطينية في سوقين مركزيين في فيينا، بعد مفاوضات وجهود امتدت أشهرا، ساهمت فيها شركات، وفعاليات فلسطينية داخل وخارج النمسا. كما زار الوفد التجاري الفلسطيني في فيينا عددا من الشركات النمساوية للتفاوض على تسويق ما يصدر تحت عنوان "صنع في فلسطين".
الاهتمام الفلسطيني ومساندة سفارة فلسطين وبعثتها إلى منظمات الأمم المتحدة في فيينا، وبالتعاون مع منظمة "يونيدو"، يهدف كما قال أعضاء الوفد الآتي من عدد من المدن الفلسطينية "إلى زيادة التصدير المباشر للمستهلك الأوروبي، والتعريف بفلسطين من خلال عرض ما ينتج فيها، ويعكس حضارتها وتاريخها وواقعها".
وكان لافتا تزامن التحضير لعيد الميلاد هذا العام، مع حراك سياسي وثقافي كبيرين شهدتهما وتشهدهما البلاد، أبرزها الانتخابات الرئاسية، وحفل توزيع جوائز مكافحة الفساد، بحضور الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، ومؤسسات دولية تضم فيينا عددا منها.
ويتوزع في فيينا التي تضم 23 حيّا عدد من الأسواق المركزية في أشهر المناطق وأكثرها ازدحاما، وبالقرب من القصور والمعالم التاريخية، ومنها الحي الأول الذي يعتبر قلب العاصمة النمساوية. وما يميز هذه الأسواق المنظمة أنها عبارة عن أكشاك خشبية يباع فيها ومن خلالها كل ما يخطر على بال السائحين. من المشروب التقليدي الساخن الذي يباع في ما يشبه حذاء باللون الأحمر، إلى الحساء داخل رغيف خبز كروي، والملابس المنسوجة يدويا.
وتجذب هذه الأسواق مئات آلاف السائحين من داخل البلد، بالتزامن مع سهرات ثقافية عبر مجموعة من العروض المسرحية، والأوبرالية التي تجد عروضها إقبالا كبيرا في بعض الكتدرائيات والمسارح. وهو أمر يعتبر مربحا لأصحاب الفنادق في نهايات الأسابيع التي تسبق الاحتفال بعيد الميلاد، مع نسبة إشغال للمرافق الفندقية تقدر بنحو 95 في المائة.
والأسواق الموزعة في أحياء فيينا، والمنظمة خصوصاً في شهر ديسمبر/كانون الأول، ليست حكرا على الشركات، بل بعضها أكشاك يستأجرها ملاك خاصون لديهم حرفة أو إبداع في مجال معين، يعرضون ما لديهم على الجمهور الزائر. وليس غريبا أن تجد مصنوعات فخارية تونسية أو مغربية على سبيل المثال، كما هو الحال في عواصم أوروبية أخرى، ومنها بروكسل وأمستردام.
يطغى على سوق الأعياد الميلاد في فيينا طابع الحركة السريعة، والكثيفة في الشوارع والمتاجر. وعلى الرغم من هذه الكثافة تجعل وسائل المواصلات، وبناها التحتية من شبكة مترو وترام وباصات داخلية، التنقل سهلا جدا التنقل بين منطقة وأخرى. بل إن شبكة المواصلات البرية تسهل التنقل بين فيينا وعواصم دول قريبة منها، إذ يستطيع المرء القدوم ليوم واحد والعودة إلى بلده بكل سهولة ويسر.